السياسة النقدية للبنك المركزي تحرق الإحتياطي النقدي وتضعف الاقتصاد المصري بقلم محمد رضا
تعليق: محمد رضا"على التراجع الحاد للإحتياطي النقدي المصري ومقترحات الخروج من الأزمة"
القاهرة "المسلة" …. أعلن البنك المركزي المصري تراجع الإحتياطي النقدي ليسجل بنهاية أغسطس 18.1 مليار دولار لنجد أن الأحتيطي النقدي تراجع خلال شهر أغسطس بقيمة 483 مليون دولار وكان احتياطي النقد الأجنبي شهد في يوليو الماضي تراجعا بنحو 1.57 مليار دولار بما يعني أن الاحتياطي فقد ملياري دولار خلال الشهرين الماضيين متراجعاً من 20.07 مليار دولار في يونيو إلي 18.1 مليار دولار في أغسطس، وكانت مصر قد حصلت على ودائع خليجية بقيمة 6 مليار دولار وأصدرت سندات دولارية بقيمة 1.5 مليار دولار أوصلت الاحتياطي النقدي إلي مستوى 20.5 مليار دولار أمريكي قبل أن ينخفض بشكل حاد ليصل إلي مستوى 18 مليار دولار بنهاية أغسطس، ليعد أنخفاض الاحتياطي النقدي بقيمة ملياري دولار في شهرين مؤشر خطير على سرعة تآكل الاحتياطي النقدي أذا أستمر بهذا المعدل ليزيد من مخاطر عدم قدرة مصر على الحفاظ على الاحتياطي النقدي عند المستويات الأمنة في ظل عدم قدرتها على زيادته مره أخرى مع توقعات أنخفاض الدعم الخليجي وعدم تكراراه في ظل تحول ميزانيات معظم دول الخليج لتحقق عجزاً.
وترجع الأسباب الرئيسية لهذا الانخفاض الحاد في الاحتياطي النقدي إلي سداد قسط من الديون الخارجية المستحقة للدول الأعضاء فى نادى باريسوالاقتطاع من الاحتياطىلاستيراد السلع الأساسية من المواد الغذائيه والمواد البتروليه والمواد الخام ومستلزمات الإنتاج وقطع الغيار، في الوقت الذي تراجعت فيه إيرادات الدولة الدولارية بشكل حاد وخاصةتراجع الصادرات المصريةتأثرا بانخفاض الأسعار العالمية للبترول وتخفيض معظم دول العالم لعملتها وخاصة الصين في ظل الإبقاء على قيمة الجنية المصري كما هو، حيث تراجعت الصادرات المصرية منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية يوليو 2015 بنسبة 19% للصادرات الغير بترولية وبنسبة 14% للصادرات البترولية.
بالإضافة إلي أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي لكبح السوق السوداء للدولار في ظل عدم توافر الدولار وفي ظل عدم قدرة المركزي على تلبية احتياجات السوق من الدولار أدت إلي عرقلة قدرة الشركات على الحصول على المكونات الوسيطة من الخارج مما أدى إلي تباطؤ نمو الاقتصاد المصري بشكل حاد من 4.3 % على أساس سنوي في الربع الأخير من العام الماضي ليصل إلى 2.0 % على أساس سنوي في الشهور الأخيرة، ويرجع ذلك إلي تراجع قطاع الصناعات التحويلية الذي انكمش فيه الإنتاج بنحو 30 % على أساس سنوي في يونيو، وكذلك أصبح عدم توافر الدولار عائق جوهري أمام دخول المستثمرين العرب والأجانب للاستثمار في السوق المصري سواء في الاستثمار المباشر أو إلي البورصة المصرية.
لتتلخص الأزمة في طريقة إدارة البنك المركزي للاحتياطي النقدي وتحديد سعر الجنيه، حيث تم الأبقاء على سياسة توفير احتياجات السوق الدولارية من خلال الاقتطاع من الاحتياطى مما تسبب في نزيف حاد للأحتياطي لأتباع البنك المركزي المصري لآلية العطاءات من خلال سوق الإنتربنك الدولاري لتوفير الدولار وتحديد سعر الجنيه أمام الدولار، حيث أن الاقتصاد المصري يعاني بشدة من عدم توافر الدولار وأنخفاض حجم الاحتياطي النقدي وبدلاً من القيام بالحفاظ على الاحتياطي النقدي والبحث عن مصادر تمويلية آخرى للدولار لتلبية احتياجات السوق لاستيراد السلع الأساسية والمواد الخام ومستلزمات الإنتاج، قام البنك المركزي بوضع إجراءات صارمة لتداول الدولار ووضع نفسه كمصدر رئيسي لتمويل أحتياجات السوق من الدولار في الوقت الذي لايمتلك فيه البنك المركزي السيولة الدولارية الكافية لتلبية أحتياجات السوق وكانت النتيجة أنه قام باستنزاف الاحتياطي النقدي لنجد أن سياسة البنك المركزي تحرق الاحتياطي النقدي، وبالرغم من ذلك لم يستطع تلبية طلبات السوق وخاصة القطاع الصناعي للحصول مستلزمات الأنتاج من الخارج مما أدى إلى انخفاض انتاجية معظم الشركات المصرية ويظهر أثر ذلك على الاقتصاد الكلي في انخفاض الصادرات المصرية وتراجع النمو.
لذلك على البنك المركزي العمل من خلال محورين: الأول هو التخلي عن آلية العطاءات من خلال سوق الإنتربنك الدولاري لتحديد سعر الجنيه وتوفير احتياجات السوق من الدولار، وأن يتجه البنك المركزي المصريلأن يترك تحديد سعر الجنيه لقوى العرض والطلب بالسوق وهو مايطلق عليه التعويم وذلك من خلال تعويم تدريجي للدولار أمام الجنيه من خلال خطة زمنية معلنة، وسيؤدي ذلك إلي توفير مصادر تمويلية للدولار لتلبية احتياجات السوق بعيداً عن استنزاف الاحتياطي النقدي وسيكون لذلك مردود إيجابي على ارتفاع جاذبية السوق المصري وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة الصادرات مما قد ينعكس على تحفيز النمو وزيادة الأحتياطي المصري من العملات الاجنبية.
أما المحور الثاني: هو العمل على زيادة الاحتياطي النقدي من خلال إصدار سندات دولارية دولية من خلال استبدال الدين المحلي ذات الفائدة الأعلى بسندات دولية بفائدة أقل مما سينعكس على أرتفاع الاحتياطي النقدي وخفض الدين المحلي الذي وصل إلي مستويات غير أمنة والذي سينعكس بدوره على تخفيض عجز الموازنة لأنخفاض تكلفة الفوائد التي تدفعها الدولة والتي وصلت إلي ثلث الموازنة في العام المالي الحالي.