المقامة التويترية
بقلم د.محسن الصفار
يحكى انه في احد الايام في الليل والناس نيام، جاء الولد لابيه نعسا يفرك عينيه، فقال الاب لابنه و هو يستغرب وضعه، ان كنت يا ولدي بهذا النعاس فلم لا تنام مثل بقية الناس، رد الولد بادب بكلام فيه العجب، ان لا اقدر يا ابتي ان انام واشخر واترك اصحابي على تويتر.
استغرب الاب هذا المنطق وقال له هذا بيت وليس فندق، فنحن هنا كلنا عائلة ولسنا في حياتك عبرة واصلة، ياولدي هذه اسمها مواقع للتعارف وللتواصل ولايجب ان تجعل بينك وبين حياتك فاصل، قال الولد باستغراب يا ابتي هؤلاء اعز الاحباب، ان وضعت صورة تلقفوها باعجاب وان كتبت تغريدة نشروها بالف ترديدة، وهم كما ترى لي اصحاب مخلصين ان طلبت منهم بحياتهم لي مضحين.
ضحك الاب حتى بانت اسنانه من ابنه الذي اطلق للخيال عنانه، وقال له ايها الولد الحبيب دعك من الكلام العجيب، فأن اصحابك هؤلاء في الخيال لاتعلم حقا ان كانوا نساء ام رجال، ان كنت جائعا لا يطعموك وان بردت لا يدفئوك، وان طلبت منهم المساعدة فلن تجدهم حولك كالعادة، وان طلبت من احدهم ان يقرضك مالا فسيعمل لك بلوك حالا، ومن كان يعمل لك ريتويت سيفاجأك بالديليت.
فانصرف يا ولدي الى حياتك وانتبه الى دروسك واموراتك، واجمع حولك من الاصحاب والاخوان من اذا طلبته اصغى لك بالقلب والآذان، ولا تعزل نفسك عن الناس فتضعف عندك الحواس، فتصبح منبوذا معزولا كما لو كنت كلبا مبلولا، فلا تعرف كيف ترد عند الخطاب ولا كيف تتصرف في جمع الاحباب.
هذه يا ولدي لك مني النصيحة وهي دون تجميل وصريحة، لا تكن للانترنت اسيرا فيجعلك في التواصل فقيرا، وان تويتر وفيسبوك وانستغرام لن تعلي شأنك بين الانام، واجعل بينك وبين الكتاب مودة فأن الفكر بدونه كسرير بلا مخدة، ولا تصدق كل ما يقال في تويتر فيخمل فكرك ويخدر، ولا تستقى من فيسبوك الاخبار فانه مليئ بالحاخامات والاحبار، يدسون الكذب في الحقيقة وينشرون اخبارا غير دقيقة، ويظهرون لك العدو صديقا وكانه محب لك رفيقا، ويزرعون في قلبك للاصدقاء الكراهية و يصورونهم كأنهم ريح عاتية.
ها انا قد قلت كل ما عندي من كلام وساذهب الان كي انام، فتفكر فيما اخبرتك في الاحلام ولا تنخدع بما يروج له الغرب فانه مميت كسم العقرب، ويجعلون ابناء العرب ينسون الاصالة وتنعدم فيهم النخوة والبسالة، وبدل الفكر السليم يمتلأ رأسهم بالزبالة.