تشجيع المواهب العربية
بقلم د.محسن الصفار
سعيد مهندس عربي موهوب تخرج من الجامعة بامتياز وعلى الرغم من الفرص العديدة التي عرضت عليه للعمل في شركات عالمية اجنبية الا انه فضل البقاء في وطنه كي يستفيد من علمه لتحسين اوضاع بلده.
اسس سعيد شركة استشارية تقدم الحلول العلمية للمشكلات التي تواجه مؤسسات الدولة وقادرة على تحسين انتاجيتها والتقليل من نفقاتها والبيروقراطية فيها.
وبعد دراسة مستفيضة لوضع انتاج وتوزيع وتحصيل فواتير الشبكة الكهربائية قام بتقديم مشروع يؤدي الى تغيير جذري في وضع كهرباء البلد.
في البداية لم يرد عليه احد ولكن بعد اصرار من جانبه قامت الوزارة المعنية بتحديد اجتماع كي يعرض فكرته على كبار مدراء الوزارة.
في الموعد المحدد ذهب سعيد محملا بالبيانات والمعلومات التي تؤيد مشروعه ودخل صالة الاجتماعات فوجد المدراء مشغولين بتناول الفاكهة الموضوعة على الطاولة امامهم وعندما بدأ يقدم شرحه وجد ان بعضهم ما زال يتحدث الى زملاءه دون ان يعير اهتماما.
انتظر عدة دقائق انتهى اخر مدير من سرد نكتته على الزملاء وانتهاء هؤلاء من الضحك وقام بشرح مفصل لمشروعه وبدا الاهتمام يغزو وجوه الجالسين بعد ان ادركوا ان المشروع جاد وليس مجرد فكرة عابرة.
بعد انتهاء الشرح خاطبه احد المدراء قائلا:
– شيئ جميل يا سيد سعيد ترى من هي الشركة الاجنبية صاحبة هذا الابتكار؟
رد سعيد بفخر
– ليس هناك اي شركة اجنبية هذا ابتكار محلي ولد هنا في هذه الارض الطيبة
بدا الامتعاض على وجه المدير وقال
– ولكن ياسيد سعيد وزارتنا لاتستطيع اعتماد منظومة لم تؤيدها شركة عالمية ذات اسم وسمعة
قال سعيد
– جميع المعطيات العلمية والتقنية موجودة امامكم وبامكانكم التحقق منها ولا ارى اي مبرر لوجود شركة اجنبية .اذا نجح المشروع فستصبح شركتنا الوطنية شركة عالمية وتكون وزارتكم قد ساهمت في هذا الانجاز
قال المدير
– سنوافق لك على تجربة لهذه المنظومة شريطة ان تكون على حسابك الخاص واذا نجحت سنشتريها منك موافق؟
وافق سعيد لانه كان متيقنا من نجاح منظومته وذهب الى البنك وحصل على قرض بضمان كل مايملك وجهز كل شيئ للتجربة والتي تمت بنجاح باهر بحضور الوزير وكل المدراء وصفق الجميع عند الانتهاء وكال الوزير كلمات المديح لسعيد وانصرف الجميع.
انتظر سعيد توقيع العقد بفارغ الصبر ولكنه لم يتلق اي اتصال وبعد عدة مراجعات قابل المدير الذي قال:
– والله فكرتك عظيمة يا سيد سعيد ولكن كما تعلم فأن وزارتنا وزارة حيوية ولايمكن ان تسلم نظام عملها بيد شركة محلية مغمورة لذا قرر السيد الوزير تسليم مشروعك الى شركة استشارية اجنبية كي تنفذه ولكن لا تقلق فسيصلك خطاب شكر موقع من الوزير شخصيا على جهودك وكله في النهاية من اجل الوطن.
خرج سعيد من باب الوزارة الى اقرب سفارة وقدم طلب هجرة.