Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

مكتبة الإسكندرية تصدر طبعة جديدة من كتاب “روائع الخط العربي بجامع البوصيري”

مكتبة الإسكندرية تصدر طبعة جديدة من كتاب "روائع الخط العربي بجامع البوصيري"  

 


الإسكندرية "المسلة" …. صدر عن مكتبة الإسكندرية طبعة جديدة من كتاب "روائع الخط العربي بجامع البوصيري"، الذي أنتجه مركز الخطوط بالمكتبة في إطار حوليات المشروعات البحثية؛ وهي سلسلة علمية تصدر عن وحدة الدراسات والبحوث. الكتاب من إعداد كل من الدكتور خالد عزب والدكتور محمد الجمل، وتقديم الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية.    


ويقول الدكتور إسماعيل سراج الدين في المقدمة إن هذا الكتاب هو أول نتاج علمي للمشروعات البحثية التي بدأها مركز الخطوط منذ سنوات للتسجيل الرقمي للنقوش والخطوط، والتي نتج عنها المكتبة الرقمية للنقوش والخطوط inscriptionslibrary.bibalex.org. وأضاف أن سلسلة المشاريع البحثية تقدم النصوص الأثرية التي لم يسبق نشرها أو التي لم تنشر نشرا علميا متكاملا، مبينًا أن هناك مئات النصوص التي تستحق أن تجرى عليها أبحاث متأنية دقيقة.


يقع الكتاب في 117 صفحة، ويقدم نبذة تاريخية عن الأثر ووصفه المعماري، ووصف داخلي دقيق للجامع، ووصف وتفسير لكتابات ونقوش الجامع مدعمة بالصور والتفريغات. 


يقع الجامع في منطقة الأنفوشي في مواجهة جامع أبي العباس وسيدي ياقوت العرش، وتزخر هذه المنطقة الآن بالكثير من المساجد الأثرية. ينفرد جامع البوصيري بمكانة خاصة بين مساجد الإسكندرية، وذلك لثرائه بكم هائل من العناصر الزخرفية والنقوش والكتابات الأثرية، وقد تم تجديد الجامع على يد محمد سعيد باشا 1854-1857م حيث كان بمثابة زاوية منذ عام 1743م أنشأها يحيى باشا للعارف بالله سيدي محمد الأباصيري، حتى قام محمد سعيد باشا بهدمها وبناء الجامع الحالي منذ عام  1854-1857م حسب ما ورد في اللوحة التأسيسية لهذا الجامع، كما تم إجراء العديد من التجديدات والترميمات له في عهد الخديوي توفيق عام 1889م، فضلاً عن الترميم الأخير له.


وعن الإمام البوصيري، يبين الكتاب أنه محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله بن صنهاج، ولد البوصيري في دلاص سنة 608هـ، وتوفي بالإسكندرية سنة 697 هـ، لذلك يعرف بـ "الدلاصي" و"الدلاصيري"، وقد اشتهر بالبوصيري نسبة إلى (أبو صير)، اشتغل بصناعة الكتابة، والتأليف واشتهر بين شعراء القرن السابع بشعره الذي يصف الحالة الاجتماعية في عصره وما ساد من رشوة وآفات اجتماعية نقدها البوصيري في شعره.


وكان البوصيري في أول حياته العملية يتولى الكتابة على الجبايات (الضرائب)، ببلدة بلبيس بمحافظة الشرقية، إلا أن عدم أمانة المشتغلين معه في هذه الوظيفة جعلته يزهد الوظائف الحكومية بل ويزهد متع الحياة الدنيا ويلجأ إلى حياة التصوف والانقطاع للعبادة. كان البوصيري وابن عطاء الله السكندري تلميذين لأبي العباس. وقد لازم البوصيري أستاذه وأخذ عنه فظهرت عليه بركته ورزقه الدنيا دينًا وعلمًا وورعًا وولاية على يديه، ثم نهج بعد ذلك في شعره منهجا آخر فصار متصوفا مادحا لحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وقد اشتهرت قصيدة البوصيري في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم باسم (البردة) والأولى أن يقال (البرأة)، ذلك أن ناظمها برئ بها من الفالج الذي أبطل نصفه. وقد جمعت البردة بين فصولها بين مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وجهاده والتوسل به، وقد ألف كثير من الشعراء قصائد على وزن قصيدة البوصيري منهم أمير الشعراء شوقي إذ ألف قصيدته نهج البردة.


وعن تخطيط الجامع، يوضح الكتاب أنه يتكون من بيت الصلاة وحجرة الضريح وحرم يتكون من صحن مكشوف تحيط به أربعة أروقة وللجامع أربع واجهات: الواجهة الجنوبية الغربية؛ وهي تطل على شارع البوصيري وتحتوي على مدخلين غربي وجنوبي، الواجهة الجنوبية الشرقية؛ وهي الواجهة المطلة على شارع البوصيري ويتوسطها حنية المحراب، الواجهة الشمالية الشرقية؛ وتطل على شارع محمد كريم، والواجهة الشمالية الغربية؛ وتطل على شارع أبو العباس.


يؤدي المدخل الموجود بالواجهة الجنوبية الغربية إلى صحن مستطيل يتوسطه قبة الوضوء ذات ثمانية أعمدة، ويحيط بهذا الصحن أربعة أروقة، ويضم الجانب الشمالي الغربي للرواق الشمالي الغربي فتحة مستطيلة تؤدي إلى الميضأة كما يضم طرفه الغربي فتحة تؤدي إلى حجرة خاصة بمتعلقات الجامع. كما يؤدي المدخل الواقع بالرواق الجنوبي الشرقي إلى ردهة مربعة بها فتحة مدخل مستطيلة تؤدي إلى بيت الصلاة.


ويتطرق الكتاب أيضًا إلى أعمال الخطاط عبد الغفار بيضا خاوري، والذي ينتمي إلى بلدة "البيضاء" إحدى بلاد فارس. وقد جاء هذا الخطاط إلى مصر قبل عام 1240هـ/1824م، وكان عبد الغفار بيضا خاوري خطاطا رسميا في الحكومة. وتشير الوثائق إلى أن الحكومة كانت تعهد إلى هذا الخطاط بكتابة نصوص النياشين وتذهيبها، كما أن هذا الخطاط كان قد زاول مهنة التذهيب إلى جانب الخط في مصر لمدة تزيد على ثلاثة وأربعين عاما.


ومن أعماله الفنية كتابات الباب الجديد بالقلعة، والذي أنشأه محمد علي باشا سنة 1240هـ / 1824م. وينسب إليه نصوص البردة بجامع محمد علي بالقلعة وتعتبر من أهم أعماله والتي أسندت إليه ليكون بذلك ضمن مجموعة الخطاطين الذين نفذوا كتابات مسجد محمد علي بالقلعة، وقد قام بتنفيذ هذه النصوص أعلى الشبابيك السفلية بداخل بيت الصلاة وذلك داخل أفاريز كتابية مستطيلة الشكل ينتهي طرفها بنصف دائرة بداخلها زخرفة نباتية مذهبة، وتحتوي هذه الأفاريز على أشطار كتابية من أبيات البردة بالخط النستعليق الفارسي، والمنفذ بطريقة الحفر البارز على الرخام الملون باللون الأزرق ذات الزخارف النباتية الدقيقة والبارزة قوامها الأفرع والأوراق النباتية وقد نفذت نصوص البردة باللون الذهبي.


وقد نفذت كتابات جامع البوصيري بالإسكندرية وفق أسلوب الخطاط عبد الغفار بيضا خاوري وهو من الخطاطين الذين تخصصوا في النقش على الرخام، وقد تميز الأسلوب الفني للكتابات بالدقة والمهارة حيث اتبع الخطاط قواعد وميزان خط النستعليق في تنفيذ الكتابات.


والواقع أن الخطاط قد جمع بين خط النستعليق وخط الثلث في آن واحد في كتابات البردة بجامع البوصيري، حيث نفذ الفاصل الكتابي بين نصوص البردة بالخط الثلث، كما أن مستوى كتابات خط النستعليق قد بلغت درجة جيدة لهذا الخطاط، ولا شك أن ذلك يرجع إلى عناية واهتمام راعي الفن نفسه، حيث استدعى محمد علي باشا هذا الخطاط الإيراني لينفذ له كتابات مسجده، ثم عهد إليه محمد سعيد باشا أيضا بعمل كتابات البردة بجامع البوصيري، حيث إن المعاصرين يشيرون إلى تفوق الخطاط "عبد الغفار بيضا خاوري" على نفسه في كتابات مسجد البوصيري بالإسكندرية ويرجعون ذلك إلى الخبرة التي نالها عند كتابة نصوص البردة بجامع محمد علي.


ويتناول الكتاب بالصور شرح نقوش جامع البوصيري: نقوش الواجهات، نقوش قبة الوضوء، نقوش الواجهة الشمالية الشرقية المطلة على الصحن، نقوش المستطيل الرخامي الذي يؤدي إلى غرفة الضريح "بالجدار الشمالي الغربي"، نقوش جدار القبلة، نقوش حنية المحراب، نقوش حجرة الضريح، ونقوش حجرة الضريح.


ويفرد الكتاب مساحة لتعريف بعض الخطوط؛ ومنها خط النستعليق، الخط الكوفي، والخط الكوفي المورق. 
وعن خط النستعليق، يوضح الكتاب أنه ظهر في بلاد فارس وهو من الخطوط الفارسية وقد جاءت هذه التسمية من مزج خط التعليق وخط النسخ فهو يسمى (نسخ ـ تعليق) ولسهولة اللفظ سمى بـ"النستعليق"، وهذا الخط يجمع بين جمال خط النسخ وخط التعليق وقد كان كل من الخطين يستخدمان بكثرة في استنساخ الكتب الأدبية خاصة في دواوين الشعر ومجاميعه اعتبارًا من عهد التيموريين.


ويعد ظهور خط التعليق بمصر أحد التأثيرات العثمانية بها، فمنذ النصف الأول من القرن 11هـ /17م، على أقل تقدير، بدأ يظهر تحت سماء القاهرة خط جديد على أبنيتها وهو خط التعليق الذي عرف عندنا باسم الخط الفارسي ويعد نص التأسيس الرخامي أعلى مدخل مسجد يوسف أغا الحين سنة 1035هـ (1625م)، أقدم مثال لهذا النوع من الخط على أبنية مصر الإسلامية، وقد أسمى بعض الباحثين هذا الخط بالخط الفارسي، أما الخطاطون العرب والمسلمون فيدعونه: الفارسي أو النستعليق أو التعليق، فأما أسم الخط الفارسي فهو صحيح لأن الإيرانيين هم مبتكرو هذا القلم في حين أن اسم التعليق يطلق على نوع آخر من الخطوط.
أما الخط الكوفي، فيرجع سبب تسمية الخط الكوفي بهذا الاسم إلى مألوف العرب الأوائل في تسمية الخطوط بأسماء المدن التي وردت منها. وقد عرف الخط العربي في وقت من الأوقات باسم الكوفي لأنه انتشر في الكوفة إلى أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي. أما عن صفات الخط المسمى بالكوفي فهي الجفاف وارتدت أصوله إلى قواعد هندسية حيث تلتقي فيه الحروف العمودية مع الحروف الأفقية باستقامه شديدة.


والخط الكوفي المورق هو نوع من أنواع الخط الكوفي، وفيه تحولت هامات الحروف وعراقاتها، وبعض أجزائها الأخرى إلى أشكال نباتية بحيث تنشأ الأوراق النباتية من الحروف، وأحيانا أخرى من إطار الكتابة، وهي عبارة عن أنصاف مراوح نخيلية أو أوراق ثلاثية الفصوص، ويلاحظ في هذا النوع أن العناصر النباتية تتصل بالحروف مباشرة دون أن يكون بينهما أفرع أو عروق نباتية أو خطوط متموجة، بل إنها لا تعدو أن تكون الزخارف رأس الحرف أو نهايته، ولا تساهم الزخارف النباتية في هذا النوع في شغل الفراغ الكائن بين الحروف ولا تكون خلفية تستقر عليها الكتابات وفي كثير من الأحيان يحدث خلط واضح بين الخط الكوفي المورق وبين الخط الكوفي المزهر وهذا الخلط مرجعه الأساسي أن الزخارف النباتية استخدمت في كلا النوعين وهي في نفس الوقت الفارق بينهما.


جدير بالذكر أن الكتاب من إعداد الدكتور خالد عزب والدكتور محمد الجمل، وشارك فيه كل من الدكتورة شيماء السايح؛ باحثة ومفرغة نصوص، وأحمد عبد المنعم؛ مهندس معماري، ومحمد نافع؛ مصور فوتوغرافي، وصممته هبة الله حجازي.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله