تقرير .سياحة الأطفال… فن وتعليم والكثير من «قصص قبل النوم»
في ظل عالم تحولت في السياحة إلى صناعة وتسابقت فيه الدول إلى تقديمها بأبهى صورها، سارعت دول أخرى إلى تحويلها إلى فن وعلم حتى أنها أنشأت معاهد وكليات متخصصة بل تعدى الأمر ذلك إلى تكليف شركات ومراكز أبحاث لدراسة السياح وعوامل جذبهم والفئات المستهدفة وذلك لتصميم برامج تتوافق مع رغبات هؤلاء.
المتابع للسياحة وأخبارها يجد توجهها عالميا لما يعرف ب"السياحة العائلية" وكيف بدأت عواصم العالم في التركيز عليها من خلال مجموعة من النشاطات التي يمكن أن يقوم بها أفراد الأسرة معا من زيارة للمنتزهات أو حدائق الحيوانات وحتى مدن الألعاب، كما تتمثل هذه النشاطات في زيارات لمحال ومطاعم تخصص للأطفال مساحات للعب واللهو وحتى التعلم.
"السياحة العائلية" أفرزت مرادفة جديدة في عالم السياحة بدأت تأخذ صدى كبيرا في هذا المجال وهو ما يعرف مجازا ب"سياحة الطفل" حيث بدأت دول العالم بالتركيز على الطفل كونه ضلعاً أساسياً من أضلع الحركة السياحية فبدأت المدن تتسابق في تقديم الفعاليات وإنشاء المدن له وأخذته في عين الاعتبار كرقم صعب وأساسي من في عملية السياحة.
بريطانيا كغيرها من دول العالم أولت "سياحة الطفل" اهتماما خاصا وركزت عليه في سبيل أن تكون قبلة لسياحة الأطفال واضعة في الاعتبار ان تكون التجربة مليئة بالفن والمرح والتعليم بالإضافة إلى الكثير من الخيال وقصص ما قبل النوم.
يمكن القول جدلا بأن أشهر متاجر الأطفال في بريطانيا هو متجر هامليز الكائن في ريجنت ستريت في لندن والذي بدأ تجارة اللعب منذ أكثر من 250 عاما، يبيع هامليز الأشكال، وألعاب الألواح، والعرائس، وكل ما يتم تشغيله عن بعد وغيرها كثير على امتداد ستة أدوار عامرة بالمرح مع شخصيات حقيقية وعروض لمزيد من المتعة، إلا أن
"هوني جام" في غرب لندن يعرض "المضحك والتعليمي" في بوتيك "نوتنج هل" المكتظ التابع له بينما تتوفر حظائر القطارات الخشبية المصنوعة يدويا، وأطقم الأقواس والرماح، ومكعبات البناء جميعها عن طريق "ذي فورجوتن توي شوب"، وكارين آكا، و"لبستيك آند سكورش" للدمى المصنوعة من الجوارب، وهو ثلاثي يبيع بضائعه التي تثير الحنين الى الوطن في أيام الثلاثاء فقط في سوق ملتون موبراي في لستر الواقعة على مبعدة ساعة بالسيارة شرق برمنجهام.
أما إذا كان الطفل يعشق الدمى والدببة فلابد للوالدين من اصطحابه إلى سومرست في جنوب غرب انجلترا حيث يوجد فرعان جذابان لمتجر "ورلد أوف بيرز"، أحدهما في وسط قرية شيدار، والآخر مقر رئيسي يتألف من ثلاثة أدوار في سوق بلدة تونتون بعد الخروج مباشرة من الطريق السريع "ام 5" الذي يصل بين بريستول و اكسيتر، ومع أكثر من 18,000 لعبة لينة يبيعها المتجر، بعض منها من صنع ستايف، صانع الدمى الذي يحظى بالتقدير، سوف يقضي الأطفال وعلى الأرجح الأهل أيضا، ساعات طويلة في احتضان الدمى والتربيت عليها والاستمتاع في جنة اللمس.
وكبديل لذلك، يمكن للصغار ابتكار أصدقائهم من دمى الدبب المحشوة في ورشة "بيلد ايه بير" حيث يتم تصميم الدمى بناء على الطلب في محطات تفاعلية لصناعة دمى الدببة، مع مئات من الأزياء والأكسسوارات التي يمكن الاختيار من بينها. تنتشر المتاجر في جميع أنحاء بريطانيا.
بعد اللعب، يحين موعد الاستمتاع بالحلوى حيث يمكن للعائلة زيارة أقدم متجر للحلوى في العالم وذلك في مدينة يوركشاير ديلز في بيتلي بريدج، والتي تقع على بعد 90 دقيقة بالسيارة من ليدز في شمال انجلترا حيث لا يزال هذا الحلواني الأسطوري منذ عام 1827 يستخدم وصفات أصلية وصوانٍ نحاسية كلاسيكية لصنع أشهى حلوى العصي، وقطرات الكمثرى، كما يمكن للوالدين زيارة متجر جوردون آند داروارد الحديث العهد مقارنة بسابقه حيث يصل عمره الى 90 عاما في صنع الحلوى الاسكتلندية التقليدية كالمكارون وجوز الهند المثلج في منطقة سوق كريف التاريخية التي تقع على مبعدة 40 ميلا شمال غرب ادنبره وذلك في عام 1925، كما يعرض المتجر أيضا توفي هايلاند وحلوى ادنبرج روك، الى جانب حلوى سويتي هامبرز التي يبيعها منذ قديم الزمن.
وإذا كانت العائلة من الحداثة والحلوى العصرية فيمكنهم زيارة "شوكيووكيدودا"، وهو بوتيك يقع في برايتون (مع فرع ثان في حيّ سوهو في لندن) يشتهر بابداعات تتسم بالغرابة مثل المصاصات المرصعة بالفشار وحلوى الخطمي العملاقة.
وفي لندن، يدير هوب آند جرينوود متجرا صغيرا يتشدق بمظلات مقلمة على الطراز القديم ومرطبانات عملاقة مليئة بحلوى جوبستوبرز الشهية المصنوعة من حبوب القهوة، والأطباق الطائرة، والحلوى وزهور البنفسج الغازية.
التنزه لمسافة قصيرة من هذه المنطقة في اتجاه الجنوب يوصلك الى "دافنبورت" حيث المتجر السحري الأطول عمرا في العالم، أسسه لويس دافنبورت في عام 1898 ويديره في الوقت الحاضر حفيد حفيده "بل"، يعرض هذا البازار مجموعة هائلة من الحيل، والأدوات، والملبوسات، والخدع، الى جانب معرض خاص لألعاب الخفة للأطفال من كافة الأعمار.
أما إذا كانت هذه الزيارة لم تقنع الطفل محب ألعاب الخفة فمتجر "ذي ورلد ماجيك شوب" في برمنجهام في وسط انجلترا، ومتجر الحيل "تام سبردز تريك شوب" في جلاسجو والذي يشترك في ملكيته روي والتون الشهير عالميا بلعبة ورق اللعب المعروفة باسم "كارد وارب"، هذا المتجر المحبب الذي لا يزال يشغل مقره القديم المتناهي الصغر في كوين ستريت مكتظ بالعصي، والماسكات، والدعابات لن يسناه الطفل ولا حتى الوالدين.
وفي وسط "هال" في شمال انجلترا، يقع متجر لا يقل قدما عن سابقه وهو "دينسديلز"، هذا المتجر "للدعابات والحيل" الذي كان يتردد عليه في السابق الممثل الكوميدي تومي كوبر صاحب الشعبية الكبيرة في المملكة المتحدة ليبيع خدعا مثل الأنياب المزيفة، والدم المزيف وبودرة الحكة لأكثر من 80 عاما، بالإضافة إلى متجر "فستيفال أوف فن" للحيل الشريرة حيث قد يقودك البحث الى اكتشاف دعابات كلاسيكية مثل الصابون الذي يجعل اليدين أو الوجه أكثر اتساخا.
أما إذا كان الوالدان يفضلان عدم تعليم الطفل الحيل السحرية منذ الصغر فيمكنهما اصطحابه الى أحد مكتبات الأطفال المتخصصة في بريطانيا بدلا من ذلك، ففي "سيرنسستر"، على بعد 30 ميلا الى الشمال الشرقي من بريستول في غرب انجلترا، تصاحب أوكتافيا كتب الحشرات المرحة وكتب المراهقين الخيالية مع "كتب سبا" قيمتها 10 جنيهات استرلينية تقدم للأطفال توصيات شخصية، وأكياسا من الهدايا اللذيذة الطعم وكوبا كبيرا من الشكولاتة الساخنة، أما الوالدان، فيحصلان على كميات كبيرة من القهوة والكعك.
"أدب الأطفال" من المشروعات المميزة التي تستحق الزيارة ولذلك وفرت بريطانيا مكتبات أخرى على غرار "أوكتافيا" هذه المكتبات تشمل "باج أوف بوكز" في منطقة لويس الجميلة في جنوب شرق انجلترا و"ذي شلدرنز بوكشوب" في مركز جنوب شرق ويلز الأدبي في هاي أون واي والتي يقام فيها المهرجان الأدبي الشهير "مهرجان هاي"، وتخدم مكتبة أدنبرة الرائعة في اسكتلندا كافة الأعمار حيث يمكن لأولياء الأمور أيضا الاستفادة من هذه التجربة الثرية .
وبعيدا عن متاجر العجائب المستقلة هذه أو المكتبات المخصصة للأطفال، يمكن للآباء مباشرة متاجر ديزني في مدن بريطانية مثل بلفاست، وكارديف ولندن والتي يعد مركزها الضخم الكائن في أوكسفورد ستريت أكبر متجر ديزني في أوروبا، كما أن جولة في متجر الهدايا في استوديو هاري بوتر المفتتح حديثا على بعد 20 ميلا الى الشمال الغربي من لندن جديرة بالتفكير بفضل مجموعة الأفلام الأصلية، ودمى هدويج وأكياس حلوى برتي بوت.
وأخيرا إذا كان الطفل من هواة الحيوانات فلن يجد أفضل من حديقة لندن للحيوانات التي تعد أقدم حديقة حيوان علمية في العالم، حيث افتتحت في 1828 وكان الهدف الأصلي منها هو استخدامها للدراسات العلمية على الحيوانات، إلا ّ أنه تم افتتاحها للعامة في نهاية المطاف في 1847.