تربة تمر الحسنى الزردكاش بالسيدة عائشة
القاهرة " المسلة " عبد الرحيم ريحان … يطلق على وظيفة الزردكاش للشخص المسؤل عن المكان المخصص لحفظ السلاح والعتاد وأنشأ تربة الزردكاش بالسيدة عائشة الأمير تمر الحسنى الشهير بالزردكاش على عهد السطان المملوكى قانصوه الغورى ليدفن بها حين يأتى الأجل المحتوم وهى أثر رقم 161 وكان الأمير تمر من مماليك السلطان سيف الدين إينال وفى عهد السلطان الغورى صار معلماً – أى رئيساً – للرماحة والرماحة هم كوكبة من الفرسان تتقدم الإحتفال بدوران وخروج المحمل الذى يحمل كسوة الكعبة المشرفة وتستعرض فيه مهاراتها فى اللعب بالرماح وكان عدد المماليك الرماحة أربعين مملوكاً ولهم أمير (معلم ) يعاونه أربعة باشات وكان للرماحة ملابس حمراء تميزهم .
ويوضح عالم الآثار الإسلامية أبو العلا خليل ناقلاً عن إبن إياس الحنفى فى كتاب بدائع الزهور فى وقائع الدهور (وفى تاسع رجب عام 910هـ نودى فى القاهرة بالزينة بسبب دوران المحمل ولبسوا الرماحة الأحمر والخوذة على العادة وكان معلم الرماحة تمر الحسنى الزردكاش أحد المقدمين والباشات الأربعة وأحرقوا قدام السلطان إحراقة نفط حافلة ودارت المسايرات فى القاهرة فلما انفض أمر المحمل خلع السلطان الغورى على معلم الرماحة تمر الحسنى الزردكاش وأركبه فرس بسرج ذهب وكنبوش وأخلع على الأربعة باشات ونزلوا إلى دورهم)
الزردكاش وسقوط المماليك
ويوضح الباحث أبو العلا خليل أن الأمير تمر الزردكاش كان من جملة الأمراء الذين اصطحبهم السلطان الغورى معه على رأس جيش كبير لقتال الجيش العثمانى بقيادة السلطان سليم الأول فى موقعة مرج دابق بالشام فى شعبان عام 922هـ وعن بدايات المعركة يذكر إبن إياس الحنفى فى كتاب بدائع الزهور فى وقائع الدهور (وكان حول السلطان الغورى أربعون مصحفاً فى أكياس حرير أصفر على رؤوس جماعة أشراف وفيهم مصحف بخط الإمام عثمان بن عفان رضى الله عنه وكان حول السلطان خليفة سيدى أحمد البدوى ومعه أعلام حمر وخليفة سيدى أحمد بن الرفاعى والشيخ عفيف الدين خادم مسجد السيدة نفيسة رضى الله عنها بأعلام سود وكان الصنجق – أى العلم – السلطانى خلف ظهر السلطان وفيهم الأمير تمر الزردكاش أحد المقدمين فقاتلوا قتالاً شديداّ وكانت النصرة لعسكر مصر أولاّ)
ويذكر إبن الزنبل الرمال فى آخرة المماليك (لما أراد الله إزالة دولة الغورى أوقع الخلف فيهم لأمر يقضيه وحكم يمضيه فكان العسكر كله مختلفا فى بعضه مفسود النية فصار السلطان واقفاً تحت الصنجق فى نفر قليل من المماليك وشرع يستغيث هذا وقت المروة قاتلوا وعلى رضاكم فلم يسمع له أحد قولاً وصاروا ينسحبون من حوله والتفت الغورى للمشايخ وقال لهم ادعوا الله تعالى بالنصر فهذا وقت دعاكم)
ويستكمل إبن إياس (فلما اضطربت الأحوال وتزايدت الأهوال فخاف الأمير تمر الزردكاش الحامل لصنجق السلطان الغورى فأنزله وطواه وأخفاه ثم تقدم إلى السلطان وقال له يا مولانا السلطان إن عسكر ابن عثمان قد أدركنا فانج بنفسك واهرب إلى حلب فلما تحقق السطان من هزيمته نزل عليه فى الحال فالج – أى شلل – أبطل شقته وأرخى حنكه فطلب ماء فشرب منه قليلاً وخرجت روحه من شدة قهره ويسقط تحت سنابك الخيل)
طومان باى
ويشير العلاّمة أبو العلا خليل إلى أن عدداّ من الأمراء تمكن من الهرب إلى مصر ومنهم الأمير تمر الحسنى وهم فى أسوأ حال من الجوع والضعف واجتمع رأى الأمراء على سلطنة الأمير طومان باى إبن أخى السلطان الغورى وكان الغورى قد عينه نائباً عنه فى غيبته ثم زحف السلطان العثمانى سليم الأول إلى القاهرة وتقابل مع طومان باى وجيوشه عند الريدانية – ميدان العباسية حالياً- ولما أيقن طومان باى بهزيمته فر وتخفى فى جامع شيخو بشارع الصليبة بحى الخليفة وأراد الأمير تمر الحسنى الزردكاش وجماعة من الأمراء أن يجعلوا لهم وجهاً عند السلطان العثمانى فيهجموا على السلطان طومان باى وهو بجامع شيخو ويقبضوا عليه ويضعوه فى الحديد ويسلموه باليد إلى السلطان سليم خان إبن عثمان إلا أن الله تعالى رد بغيهم على أنفسهم فنادى لهم إبن عثمان أن يظهروا ولهم أمان الله وكتب لهم أوراقاّ بالأمان إذا ظهروا
فظنوا أن هذا الأمان يفيدهم فوضعوا تلك الأوراق على رؤسهم ووضعوا فى رقابهم مناديل الأمان وقابلوا إبن عثمان فلما قابلوه سألهم لم تركتم ملككم وجئتم إلى عدوكم؟ قالوا آثرنا خدمتك على طاعته واخترنا أن نكون من أجنادك فقال لو كان فيكم خيراً كان لطومان باى ووبخهم بالكلام وبصق فى وجوههم وذكر لهم ظلمهم وماكانوا يصنعون وأمر بضرب أعناقهم بين يديه وهو ينظر اليهم وذلك فى يوم السبت أول ربيع الأول عام 923هـ
دفن الزردكاش
ويذكر أبو العلا خليل أن نساء الأمراء ظلت ترشى المشاعلى- أى القائم بتنفيذ القتل – حتى يمكنهن من نقل جثث أزواجهن ليحضرن التوابيت للدفن فى الترب المخصصة لهم وصارت الجثث مرمية تنهشها الكلاب وحملت زوجة الأمير تمر الحسنى الزردكاش جثمانه ودفنته بقرافة سيدى جلال الدين بالسيدة عائشة ومن الجدير بالذكر ان هذه التربة قد تعرضت كغيرها من الآثار الأسلامية ذات الموقع المتميز إلى استخدام الحملة الفرنسية لها كموقع عسكرى مما أدى إلى هدم قبتها والاستعاضة عنها فيما بعد بسقف من البراطيم الخشبية