مسلمة بن مخلد الصحابى الذى استضاف السيدة زينب فى مصر
القاهرة "المسلة" د. عبد الرحيم ريحان …. هو الصحابى الجليل مسلمة بن مخلد بن الصامت الأنصارى الصحابى الخزرجى ولد مسلمة عند مقدم النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وكان عمره عشر سنوات حين موت النبى صلى الله عليه وسلم وجاء إلى مصر ضمن المدد الذى طلبه القائد عمرو بن العاص من الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنهما وكان جيش عمرو يومئذ يبلغ أربعة آلاف جندى.
ويوضح عالم الآثار الإسلامية أبو العلا خليل أنه لما أبطأ الفتح على عمرو بن العاص كتب الى الخليفة عمر بن الخطاب يطلب منه المدد فأمده بأربعة آلاف رجل على كل ألف رجل منهم رجل مقام الألف وكتب إليه عمر يقول إنى قد أمددتك بأربعة آلاف رجل على كل ألف رجل منهم رجل مقام الألف وهم الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد وأعلم أن معك اثنى عشر ألفاً ولا يغلب إثنا عشر ألفاً من قلة.
وكان المسلمون يحاصرون القوات البيزنطية المتحصنة داخل حصن بابليون ويذكر إبن ظهيرة فى كتاب الفضائل الباهرة (فأحاط المسلمون بالحصن ولما رأى الزبير بن العوام خللاً فى الحصن نصب سلماً وأسنده إلى الحصن وقال إنى أهب نفسى لله عز وجل فمن شاء فليتبعنى فما شعروا إلا والبطل العربى الزبير بن العوام ومعه مسلمة بن مخلد على رأس الحصن يكبر ومعه السيف واندفع الناس على السلم وكبر الزبير فأجابه المسلمون من الخارج وعمد الزبير وأصحابه إلى باب الحصن ففتحوه واقتحم المسلمون الحصن).
تولية مسلمة بن مخلد
ويضيف أبو العلا خليل أنه فى عام 47هـ تولى مسلمة بن مخلد ولاية مصر من قبل الخليفة الأموى معاوية بن أبى سفيان بعد عزل الوالى عقبة بن عامر الجهنى ويذكر إبن تغرى بردى فى كتاب النجوم الزاهرة قدم مسلمة بن مخلد على معاوية بدمشق فولاه مصر وأمره أن يكتم ذلك عن عقبة بن عامر ثم سيره إلى مصر وأمر معاوية عقبة بغزو رودس ومعه مسلمة بن مخلد المذكور وخرجا الى الإسكندرية ثم توجها فى البحر فلما سار عقبة استولى مسلمة على سرير إمرته
بناء كنيسة الفسطاط
ويستكمل الكندى فى كتاب الولاة والقضاة فبلغ ذلك عقبة بن عامر فقال عقبة مالى أرى الأمر أبطأ على قالوا ولى مسلمة بن مخلد فقال عقبة ما أنصفنا معاوية عزلنا وغزانا ودامت ولاية مسلمة على مصر مدة خمس عشرة سنة وأربعة أشهر وفى أيامه بنيت اول كنيسة بفسطاط مصر والحديث للسيوطى فى حسن المحاضرة فأنكر ذلك الجند على مسلمة وقالوا له أتقر لهم أن يبنوا الكنائس حتى كاد أن يقع بينهم وبينه فاحتج عليهم مسلمة يومئذ فقال إنها ليست قيروانكم وإنما هى خارجة فى أرضهم ويقصد أرض مصر فسكتوا عن ذلك .
مسلمة وجامع عمرو
يوضح أبو العلا خليل أنه أثناء إمارة مسلمة بن مخلد نزل الروم بالبرلس عام 53هـ فخرج المسلمون إليهم وردوهم براً وبحراً ويعد مسلمة بن مخلد صاحب أول زيادة فى جامع عمرو بن العاص حين ضاق المسجد بأهله فزاد فيه من شرقيه ومن بحريه وجعل له رحبة كان الناس يصيفون فيها كما يعد مسلمة أول من جعل المآذن فى المساجد الإسلامية عام 53هـ وكانوا قبل ذلك يؤذنون على ظهر الجامع أو على بابه وتتضمن عمارة مسلمة لجامع عمرو بن العاص بناء صومعة عند كل ركن من أركانه وجعل فيه منائر وزاد عدد المؤذنين وأمرهم أن يؤذنوا للفجر اذامضى نصف الليل وأمر ألا يضرب فيه ناقوس عند الفجر كما كان يضرب أولاً.
استقبال السيدة زينب
ونتابع رحلتنا فى ضريح مسلمة بن مخلد مع عالم الآثار الإسلامية أبو العلا خليل ويقع الضريح بشارع سوق مسلمة قرب جامع عمرو بن العاص حيث يشير إلى بعض المصادر التى تنسب إلى الوالى مسلمة بن مخلد استقباله للسيدة زينب إبنة الإمام على بن أبى طالب وحفيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم التى اختارت الإقامة بمصر عقب مقتل أخيها الحسين وعن ذلك يذكر العبيدلى النسابة فى كتاب أخبار الزينبات (لما أمر يزيد بن معاوية بتفريق أهل البيت فى الأقطار اختارت السيده زينب الإقامة بمصر فلما اتصل خبر ذلك بوالى مصر مسلمة بن مخلد الأنصارى توجه هو وأعيان مصر للقائها ووافق دخولها رضى الله عنها مصر أول شعبان سنة 61هـ وأنزلها الوالى مسلمة بداره بالحمراء القصوى فأقامت بها أحد عشر شهراً ونحو 15 يوماً من شعبان.
وفاة السيدة زينب
وينقل أبو العلا خليل عن محمد بن أسعد الجوانى فى كتاب الجوهر المكنون فى ذكر القبائل والبطون (ولما أحست السيدة زينب بدنو أجلها طلبت مسلمة ليجهز لها مخدعاً بمحل سكنها فى داره وحدث أن استقرت تقرأ القرآن به ولما أكملت عدة قرائتها إحدى عشرة مرة دخل عليها مسلمة فقالت له يا مسلمة إنك بعدنا وتوفى مسلمة بعد السيدة زينب رضى الله عنها وكانت المدة بينهما هى إحدى عشرة يوما فقط
قبر مسلمة.
يقع قبر مسلمة بن مخلد الحالى بشارع سوق مسلمة بمصر القديمة بمذبح الجمل وعن ذلك يذكر السخاوى فى كتاب تحفة الأحباب (وبمصر الموضع المعروف بمذبح الجمل فيه قبر الرجل الصالح مسلمة بن مخلد) ويضيف إبن الزيات فى كتاب الكواكب السيارة فى ترتيب الزيارة (ولم يكن بمصر قبر أصح من قبر مسلمة بن مخلد بمذبح الجمل) ويذكر المقريزى فى الخطط قول مجاهد (كنت أرانى أحفظ الناس للقرآن حتى صليت خلف مسلمة الصبح فقرأ سورة البقرة فما ترك ألفاً ولا واوا) ويقول الحارث بن زيد (كان مسلمة بن مخلد يصلى بنا فيقوم فى الظهر فربما قرأ الرجل البقرة) ويضيف الواقدى ( أن مسلمة كان إذا قرأ فى المحراب يسمع سقوط دموعه على الأرض) وكان سيدى مسلمة بن مخلد الأنصارى والحديث للنبهانى فى جامع كرامات الأولياء مجاب الدعوة بدعاء صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم " اللهم علمه الكتاب ومكن له فى البلاد وقه العذاب " ومن كراماته أنه كان إذا نزل وادياً ولا ماء به دعا الله تعالى فيسقون فى الوقت وكانت ولاية مسلمة بن مخلد من عام 47 إلى 68 .