واجهت الدول المعتمد اقتصادها بشكل أساسي على تصدير النفط مشكلات في تمويل ميزانياتها جراء تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وتعد السياحة من أبرز البدائل التي يُمكن الاعتماد عليها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في مواجهة تقلبات سوق النفط، إذ تعتبر إحدى الطرق السهلة والسريعة للحصول على النقد الأجنبي، إضافة إلى توفير النقد المحلي لخزينة الدولة لتنويع مصادر الدخل.
ولمواجهة الأزمة، بدأت الدول المُصدرة للنفط تلجأ إلى سياسات التنوع الاقتصادي والبحث عن بدائل أخرى لتجنب تأثرها بتقلبات الأسواق.
ومن ثم اهتمت دول الخليج (وبالأخص الإمارات والمملكة العربية السعودية) بتنشيط السياحة، باعتبارها بديلاً قويًا للنفط الذي تشير التوقعات إلى استمرار انخفاض سعره على هذا النحو.
عائدات السياحة في الإمارات والسعودية لعام 2015
في هذا الإطار، جاءت الإمارات الأولى عربيًا لعام 2015، يليها المملكة من حيث عائدات السياحة وبلغت عائدات السياحة في الإمارات 16 مليار دولار، لتستحوذ بذلك على 29.5% من إجمالي إيرادات السياحة في منطقة الشرق الأوسط.
وقالت وزارة الاقتصاد الإماراتية إن قطاع السياحة أسهم في الناتج الإجمالي المحلي لعام 2015 بنحو 130 مليار درهم، بواقع نمو 4 % مقارنة بعام 2014.
بينما جاءت المملكة العربية السعودية في المركز الثاني، بعدما حققت إيرادات بلغت 10 مليارات دولار في 2015 أيضًا.
وضع السياحة في دبي
يعتبر قطاع السياحة في الإمارات من أهم روافد الناتج المحلي الإجمالي، حيث أسهمت الطفرة العقارية التي رافقها تطور في البنية التحتية خلال السنوات الماضية، في تحويلها إلى مقصد سياحي وتدفق السياح من مختلف أنحاء العالم.
ووفقًا لموقع " GoGulf" تحتل دبي المركز الرابع كأكثر المدن زيارة في العالم بعد لندن وباريس وبانكوك، ولديها أعلى نسبة زوار مقيمين في العالم، والتي ارتفعت من %4.9 عام 2009 إلى 5.7% في 2015.
وبلغ عدد السياح عام 2015 قرابة 14.26 مليون، ومن المتوقع وصول هذا الرقم إلى 20 مليونا بحلول عام 2020.
ودبي بها 93 ألف غرفة فندقية، وتبلغ نسبة الإشغال 86.5%، ويصل متوسط تكلفة الغرفة 291 دولارًا في الليلة.
وبلغ متوسط إنفاق زوار الليلة الواحدة عام 2014 في دبي 10.9 مليار دولار، أي بمعدل 817 دولارًا للشخص الواحد.
وجاءت الولايات المتحدة في المركز الأول، من حيث حجم الإنفاق على السياحة في الإمارات بنسبة 21%، تليها السعودية بنسبة 12%، ثم المملكة المتحدة بنسبة 9%، والصين 4%، والكويت 3.4%.
السياحة في المملكة بالأرقام
في عام 2014، بلغت المساهمة المباشرة لقطاع السياحة بالمملكة 2.4% من الناتج الإجمالي المحلي بواقع 68.4 مليار ريال، ومن المتوقع أن تصل المساهمة المباشرة للقطاع إلى 110.8 مليار ريال بحلول 2025، لتمثل 2.8% من الناتج الإجمالي المحلي، وذلك وفقًا للتقرير الصادر عن المجلس العالمي للسفر والسياحة لعام 2015.
كما أسهم قطاع السياحة في سوق العمل بحوالي 603 آلاف وظيفة، بواقع 6.2% من إجمالي العمالة عام 2014. ومن المتوقع أن يوفر قطاع السياحة 942 ألف وظيفة بحلول عام 2025، أي ما يعادل 7.1% من إجمالي العمالة.
وبلغت الاستثمارات في قطاع السياحة بالسعودية 92.4 مليار ريال عام 2014، بواقع 13.6% من إجمالي الاستثمارات في المملكة. ومن المتوقع أن تصل الاستثمارات في السياحة إلى 149.1 مليار ريال بحلول عام 2025، أي بنسبة 12.7% من إجمالي الاستثمارات.
هذا ويُقدر حجم المشروعات السياحية الجاري تنفيذها في المملكة بنحو 11.6 مليار دولار.
سياحة دول الخليج في السعودية
لا تزال السعودية وجهة سياحية شعبية للسياح من دول الخليج، وتزداد أعداد الزوار من دول الخليج إلى السعودية بنسبة 25% سنويًا.
وحقق قطاع السياحة عوائد بلغت 45.3 مليار دولار هذا العام من زوار دول الخليج، الذين بلغ عددهم نحو 7.4 مليون سائح خليجي في الستة أشهر الأولى من عام 2015، وهو ما يُمثل زيادة بنسبة 25% مقارنة بعام 2014، وذلك وفقا للبيانات الرسمية من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.
كما تمثل السياحة الدينية نصيبًا كبيرًا من إيرادات الاقتصاد السعودي. ومن المتوقع أن ترتفع أعداد الحجاج والمعتمرين إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة من 12 مليون زائر إلى 17 مليون زائر بحلول عام 2025.
السياحة الثقافية في الخليج
تُركز دول مجلس التعاون الخليجي على السياحة الثقافية لتنويع مصادر الدخل، وفي هذا الصدد، قال الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، إن المملكة تتبنى مشروعات شاملة لتعزيز التراث الوطني، مُضيفًا أن نحو ملياري دولار من ميزانية المملكة مُخصصة للسياحة الثقافية، وهناك الكثير من المشروعات الجانبية التي تقوم باقي الوزارات بها.
كما وتقوم دبي بالاستثمار حاليًا في الحي التاريخي لجذب السياح إلى الأجزاء القديمة من المدينة، إذ أنفقت الحكومة الإماراتية ما يقرب من 41 مليون دولار لترميم المباني القديمة في المناطق التاريخية، كما قامت بتطوير خور دبي أحد أقدم المعالم في الإمارة لإدراجه كموقع للتراث العالمي في منظمة اليونسكو.
كيف يُمكن تحقيق النمو في قطاع السياحة؟
رغم نمو السياحة نموًا سريعًا في دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن هذا القطاع الحيوي لا يزال بحاجة إلى الدعم بهدف تعزيز القطاع لصالح الاقتصاد.
يتضمن ذلك تحسين المنتجات والخدمات، وبناء المؤسسات التي تدعم السياحة، ووجود خيارات عديدة للتنقل، وتطوير البنية التحتية، والاهتمام بالقضايا البيئية، وتنويع خيارات الترفيه.
ويعد اتجاه دول مجلس التعاون الخليجي لإصدار تأشيرة سياحية خليجية موحدة للدول الأعضاء، من مقومات النمو بقطاع السياحة.
وينتظر أن تُمّكن التأشيرة الموحدة المواطنين والمقيمين في دول الخليج من التنقل بحرية بين أي من الدول الست الأعضاء، وذلك على غِرار اتفاقية "شينغن" الأوروبية.
نقلا عن أرقام