سياحة الوطن
بقلم : علي الجحلي
يأتي صيف هذا العام وقد اكتست جبال الجنوب حلة خضراء، بعد أن أصابت من الأمطار خيرا. كما يأتي ومعه إنذارات من متخرصي الأجواء ومتوقعي الطقس بأن تصل الحرارة إلى 70 مئوية على الأسفلت و50 في الظل. عنصران يدفعان بمن يعيشون في المناطق المتأثرة بالحرارة إلى التخطيط لقضاء الصيف بعيدا عن ديارهم.
صارعت مناطق الاصطياف طول السنين الماضية لمحاولة التغلب على المنتجعات الخارجية في جذب السياح، لكنها تخسر المزيد كل عام. بالأمس حدثني أحد الزملاء عن تركه مزرعة عائلته التي كان يقضي فيها كل صيف ليقوم برحلة إلى تركيا. اليوم أشاهد مناظر بديعة يوزعها من بدأوا إجازاتهم مبكرا لمناطق "ولا في الخيال" كما يصفونها.
لكن الأجواء والطبيعة ليسا العنصر الفاصل في قرار تحديد الأسرة السعودية موقع السياحة المقبل، فالبعض يتجهون لدول مدنها ليست بعيدة عن مدننا فيما يتعلق بالأجواء. عنصرا الجذب اللذان تعتمد عليهما تلك المدن هما الخدمات والتسلية ببساطة، أمران يمكن أن توفرهما مدننا إذا بذل مسؤولوها ما يكفي من الجهد.
عندما تكون الشوارع مغلقة، والأسواق محدودة، ومواقع الترفيه والمطاعم خطرة ودون المستوى، والفنادق والشقق محدودة الخدمات، مرتفعة الإيجارات، فكيف نستغرب أن يبحث الواحد عما يريد خارج الحدود!
حتى الطبيعة التي كانت بكرا، تراكمت فيها نفايات بني البشر، وتحولت أشجارها للاصفرار، وفقدت روائحها العطرية التي كانت ميزة رافقتها عبر التاريخ. لتجسد مذبحة للبيئة ترتكب بأيدٍ وطنية، وتحت عيون البلدية.
لكن تبقى ميزة خاصة يجدها كل من يذهب باتجاه الجنوب، هذه الميزة تعتمد على أصحابها، فهناك من يجد الأسرة، وآخر يجد الأصدقاء، وثالث ارتبط بالمكان سواء ببيت بناه أو بجيران يجتمع بهم كل صيف ليكونوا حالة من الصداقة والجوار المؤقت الذي يشتاق له الجميع.
تتضاعف مسؤولية قطاع السياحة مع حدة المنافسة الخارجية. العاملون في القطاع أكثر حاجة لدراسة التحديات، ومحاولة استعادة ما فقدوه من الأرقام لمصلحة السياحة الخارجية، التي تستمر في جذب مزيد من المواطنين السعوديين. مسؤولية وطنية تتضاعف أهميتها عندما نعلم أن المواطنين السعوديين يصرفون ما يزيد على 20 مليار ريال على السياحة في الخارج.
نقلا عن الاقتصادية