مؤتمر مصر المستقبل ينجح والبورصة المصرية تحترق بقلم: محمد رضا
• لماذا لم تتجاوب البورصة المصرية مع نجاح المؤتمر؟
• كيف تنظر الحكومة للبورصة المصرية؟
• ماهو الدور الحقيقي للبورصة المصرية في الاقتصاد القومي؟
بقلم: محمد رضا
• مدير إدارة البحوث المالية والاقتصادية والاستثمارية في مؤسسة مالية عاملة في سوق المال.
حقق مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري "مصر المستقبل" والذي عقد فى شرم الشيخ في الفترة من 13 إلي 15 مارس 2015 نجاح فاق التوقعات وحقق نتائج جيدة للاقتصاد المصري كان من المفترض أن تتفاعل البورصة المصرية معها بشكل إيجابي ولكن في النهاية نجح المؤتمر الاقتصادي وأحترقت البورصة ولم يكن فقط عدم تجاوب للبورصة مع نجاح المؤتمر وأنما نجد أن البورصة تعرضت لنزيف من الخسائر وأنخفاض أحجام التداول بمجرد الإعلان عن أنتهاء المؤتمر!!، ليبقى أمامنا السؤال الذي يفرض نفسه أمام هذا التباين لماذا يحدث هذا؟؟
قدمت الحكومة كافة التسهيلات والمحفزات الاستثمارية الممكنة للمستثمرين لتشجيعهم على الاستثمار المباشر حيثث قامت قبل أنطلاق فاعليات المؤتمر الاقتصادي "مصر المستقبل" بتعديل قانون الاستثمار وقدمت من خلاله حزمة استثنائية من التسهيلات متضمنة تطبيق الشباك الواحد وغيرها الكثير كما قامت بتقديم المحفزات الضريبية للمستثمرين من خلال تخفيض سعر الضريبة إلي 22.5% وألغت الضريبة بواقع 5% على الدخل الأكثر من المليون جنيه كما قامت بتخفيض الضرائب على السلع الرأسمالية من 10% إلي 5% ومن خلال المؤتمر نجحت في عرض رؤيتها للإصلاح الاقتصادي وجذب الاستثمارات في قطاعات الاقتصاد المصري كافة من خلال جلسات عرض وإستماع بالإضافة لورش عمل أستهدفت كافة القطاعات الاستثمارية للاقتصاد،
وفي المقابل نجد أنها لم تقدم قبل أو خلال المؤتمر أية محفزات استثمارية للاستثمار الغير مباشر في البورصة المصرية بل بالعكس أعلنت عن أنها ستبقى على ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة كما هي وأنها لن تعيد النظر بها بالإضافة لعدم قيام إدارة البورصة المصرية بدورها خلال المؤتمر للترويج للبورصة المصرية في هذا التجمع الاقتصادي العملاق وأكتفت بجلسة استماع حضرها رئيس البورصة ورئيس الهيئة العامة للرقابة المالية لتغيب البورصة عن المؤتمر الاقتصادي حيث كان من المنتظر أن تخصص لها ورش عمل بأعتبارها السوق التمويلي الأهم للمشروعات من خلال الاستثمار>>
وكان أيضاً من المنتظر أن يتم الترويج لدور البورصة في دعم الاقتصاد المصري في هذه المرحلة الهامة من تاريخه وطرح أفكار مثل مشاركة البورصة بتمويل نسبة 10% إلي 15% من كافة المشروعات التي تم الترويج والأتفاق عليها من خلال المؤتمر ولكن هذا لم يحدث، لينتهي المؤتمر الاقتصادي دون تحقيق أمال وطموحات المستثمرين في البورصة المصرية محدثاً حالة من الأحباط الشديدة لدى المستثمرين والعاملين في قطاع سوق المال المصري أدى إلي مزيد من أنخفاض أحجام التداول وأستمرار نزيف مؤشرات البورصة المصرية، هذا بالإضافة إلي المخاطر الأقليمية التي تصاعدت خلال الفترة الأخيرة والتي تداخلت بها مصر بدءً بالضربات الجوية للقوات المسلحة في ليبيا ومخاوف مشاركة مصر في حرب اليمن ضد الحوثيين والتي تحققت ببدء الحرب ومشاركة مصر جوياً وبحرياً مع أحتمالية دخول قوات برية وذلك ضمن تحالف يضم عشرة دول لمحاربة الحوثيين في اليمن.
وتعاني البورصة المصرية من مجموعة من المشكلات الهيكلية والتي تمثل عائق جوهري أمام تطورها وزيادة ريادتها وتنافسيتها بالمقارنة بالبورصات المماثلة في منطقة الشرق الأوسط مروراً بطول زمن تسوية التعاملات وقواعد الشطب وقواعد الشراء الإجباري بالإضافة إلى المعوقات والقيود التي تواجه تحويلات العملات الأجنبية، في الوقت الذي عانت فيه البورصة المصرية بشكل حاد خلال الثلاثة سنوات السابقة وخرجت منهكه من ثورتين وأنحصر تواجد المستثمرين والمؤسسات الأجنبية فيها وحققت الغالبية العظمى من المستثمرين خسائر كبيرة وأنخفضت المؤشرات وأحجام التداولات بشكل حاد وتخارجت كبرى الشركات المقيدة من البورصة المصرية،
وبدلاً من أن تقوم الحكومة بالعمل على تطوير البورصة المصرية من خلال وضع وتطوير الآليات التي تمكن من زيادة حجم السيولة وجذب الأستثمارات الاجنبية وزيادة قاعدة المستثمرين لتمارس البورصة دورها الأساسي في تمويل القطاعات الاستثمارية في الاقتصاد القومي من خلال الاستثمار تم فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية وضريبة التوزيعات والذين تسببوا في مزيد من الأنخفاض لأحجام التداول وعدم إستقرار السوق وبدون دراسة مامدى العائد الذي ستحققه فرض هذه الضرائب مقارنة بالأضرار الذي ستسببها للبورصة المصرية بمزيد من الضغوط الطاردة للاستثمار من سوق الأوراق المالية،
لنصل في النهاية إلى إنخفاض أحجام التداولات بالبورصة المصرية بشكل حاد لأكثر من 50% بالمقارنة بما قبل فرض الضرائب ليتحول المشهد إلي ضبابية وتضارب وعدم وضوح الرؤية في ظل عدم صدور اللائحة التنفيذية لهذه الضرائب حتى الأن بالرغم من صدور القانون وتطبيقه بالفعل منذ يونيو 2014 ليؤدي لتخارج معظم المستثمرين من السوق وخاصة المؤسسات الأجنبية، مع العلم بأن حصيلة فرض الضرائب على البورصة لن تحقق أكثر من 5% من توقعات وزارة المالية وهي حصيلة ضعيفة جداً مقارنة بالأضرار الكبيرة التي تكبدتها البورصة المصرية وبعيدة جداً عن التوقعات التي أعلنت بأن الحصيلة من فرض الضرائب ستتخطى 10 مليارات جنيه للسنة المالية 2014/2015،
والأعتراض لاينصب هنا بشكل كبير على مبدأ فرض الضريبة ولكن الأعتراض وبشكل محدد على توقيت فرضها على سوق بالفعل في مرحلة كساد متأثراً بمجموعة من المشكلات الهيكلية وسنوات من الاضطرابات السياسية ويحاول الخروج منها فكان الأولى الأنتظار والعمل على تطوير البورصة المصرية حتى يدخل السوق في مرحلة الأنتعاش لتحقيق عائد للدولة مضاعف عما ينتظر الآن،
بالإضافة إلى أن فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية مع ضريبة توزيعات الأرباح وفي وقت واحد تضرب جاذبية سوق الأوراق المالية المصرية في مقتل وتؤثر بشكل سلبي على حركة الاستثمار بسوق المال ويخلق مزيد من العوامل الطاردة والغير جاذبة للاستثمار الأجنبي حيث أنه بدراسة الاسواق الناشئة الكبري في العالم نجد أنه لا تفرض كلا الضريبتين مجتمعتين ( ضريبة الارباح الراسمالية و ضريبة توزيعات الارباح ).
الدور الحقيقي للبورصة هو أنها أحد أهم مصادر التمويل للمشروعات من خلال الاستثمار وتعتبر في الدول المتقدمة اقتصادياً المرآة التي تعكس الأداء الاقتصادي للدولة لكل من الاقتصاد الكلي والجزئي، ولكن في مصر يتم التعامل مع البورصة على أنها سوق للمضاربات ليس أكثر ولاتخلق قيمة مضافة للاقتصاد وهذه نظرة خاطئة جداً للبورصة المصرية فلا تجد البورصة الدعم سواء من الحكومة أو من المستثمرين للوصول إلى الهدف الحقيقي منها فلا يوجد اقتصاد قوي بدون بورصة قوية فعالة توفر مقياس يومي لأداء الدولة الاقتصادي والسياسي،
لذلك يجب أن ندرك أننا نحتاج لإعادة النظر للبورصة المصرية على أنها السوق الأهم لتمويل المشروعات والتي تدعم القطاعات الاستثمارية للاقتصاد المصري من خلال الاستثمار ويجب أن نعي أنه لاوجود لاقتصاد قوي بدون وجود بورصة قوية تكون بمثابة مؤشر يومي للأداء الاقتصادي، لذلك يجب إعادة النظر في التوجه الضريبي لتعاملات المستثمرين في البورصة وإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية مع الإلتزام مستقبلاً بمبدأ وضوح الرؤية للتوجه الضريبي وعدم التضارب والإستقرار والثبات وأختيار التوقيت المناسب لفرض الضرائب،
والتوجه لتطوير آليات عمل البورصة المصرية وعلى سبيل المثال وليس الحصر تطبيق آلية التسوية اللحظية للمعاملات بديلاً عن التسوية خلال يومين وإعادة صياغة قواعد القيد في البورصة المصرية لتشجيع وتحفيز الشركات على قيد أسهمها في البورصة المصرية، علاوة على ضرورة تنظيم ضوابط الشطب الاختيارى والتوجه لتنظيم عمليات الاستحواذ بديلاً عن الشراء الإجبارى،
بالإضافة إلى إزالة المعوقات والقيود التي تواجه تحويلات العملات الأجنبية وتطوير آليات الأفصاح والشفافية للشركات المقيدة بالبورصة المصرية والرقابة على التداول بنموذج متكامل للحوكمة يدعم تحول المستثمرين بالبورصة للإعتماد على التحليل الأساسي في أتخاذ قراراتهم الاستثمارية مما يقلص من سوق المضاربات، للتحول إلى سوق أوراق مالية فعال وقوي وتنافسي جاذب للاستثمارات المحلية والأجنبية يعبر عن الأداء الاقتصادي الكلي والجزئي ويكون بمثابة السوق الرئيسي لتمويل المشروعات بكافة قطاعات الاقتصاد المصري.