Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

نفرتارى فى ذكرى مرور 110عام على اكتشاف مقبرتها

نفرتارى فى ذكرى مرور 110عام على اكتشاف مقبرتها

كتب : د. عبد الرحيم ريحان


القاهرة "المسلة"…. نفرتارى الزوجة الرئيسية لرمسيس الثانى جميلة جميلات الدنيا  والمحبوبة التى لا مثيل لها والنجمة التى تظهر عند مطلع عام جديد رشيقة القوام أبهرت أزياؤها أعظم مصممى أزياء العالم «الزوجة الملكية العظمى» «مليحة الوجه» «الجميلة ذات الريشتين» اكتشفت مقبرتها بمنطقة البر الغربى بمدينة الأقصر عام 1904 على يد بعثة إيطالية برئاسة الأثري الشهير "سكياباريللي " وصورت نفرتارى بمقبرتها وهى ترتدى رداء شفافا فضفاضا ذا ثنيات من اللون الأبيض ظهر منه ساعداها وقد ربطتهما بشريط معقود أسفل صدرها يتدلى منه طرف الرباط ووضعت على رأسها تاجاً من الذهب على هيئة طائر الرحمة «نخبت» وفى كثير من الأحيان كانت تضع تاجا آخر يعلوه طائر الرحمة بريشتين بينهما قرص الشمس وقد تزينت الملكة بالكثير من الحلى من أقراط وأساور وعقود حيث تظهر المساحيق على وجهها .

 


وقد رصدت دراسة علمية للدكتور ضاحى أبو غانم مدير عام إدارة الأيقونات والرسوم القبطية بوزارة الآثار المعالم الفنية وعوامل التلف التى لحقت بمقبرة جميلة الجميلات وقد قدم عرضاً رائعاً وشرحاً وافياً للعوامل التى أدت لتلف المقبرة ضمن فعاليات الملتقى العلمى الأول لترميم وصيانة الآثار " الآثار الحجرية بين التلف والصيانة " الذى انعقد مؤخرا بمدرسة ترميم الآثار بمدينة نصر بحضور الدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار.


مقبرة نفرتارى


يشير الدكتور ضاحى أبو غانم إلى أن مقبرة نفرتارى تعد آية من آيات فن الرسم فى العالم القديم فهى أجمل مقبرة يتم الكشف عنها لملكة وقد تزوج رمسيس الثانى من تلك الفتاة المتألقة فى العام الأول من حكمه وعاش معها أشهر الشتاء تحت دفء شمس طيبة (الأقصر) وذلك قبل الانتقال إلى العاصمة الجديدة التى أُنشئت فى عصر الرعامسة بشرق الدلتا ولم يحدث أن بنى فرعون من قبل معبداً لزوجته غير رمسيس الثانى الذى بنى معبداً لنفرتارى مجاوراً لمعبده فى أبو سمبل وهى الملكة التى كانت تعرف قدرها ومسؤليتها تجاه زوجها وبلدها مصر.

 


واتخذت نفرتارى لنفسها عدة ألقاب ولم تفتح مقبرتها للجمهور منذ اكتشافها إلا فى أوائل عقد التسعينات من القرن الماضى وذلك لحدوث بعض التلف فى النقوش والزخارف بسبب ترسب الأملاح حيث نحتت المقبرة فى نوعية رديئة من جبل الحجر الجيرى .

 


وعند دخولك للمقبرة تجد سلماً يتكون من 18 درجة يؤدى إلى مدخل المقبرة الذى يؤدى بدوره إلى قاعة مربعة الشكل تقريبا على جانبيها الغربى والشمالى ضلفة بطول قامة الشخص العادى كانت لوضع الأدوات والتقديمات الجنائزية وقد نقش على الحائط أعلى الضلفة الفصل السابع عشر من كتاب الموتى  الخاص بالخروج والدخول إلى العالم الآخر .


وعلى يسار الداخل مناظر تمثل الملكة وهى تلعب «الضامة» لعبة «السنت» وهى لعبة فرعونية شهيرة تلعبها داخل خيمتها ويلى ذلك صورة الروح على هيئة طائر برأس الملكة وهى تقف فوق مقبرتها ثم يجد الزائر الملكة تركع على ركبتيها فى وضع التعبد وعلى الحائط الغربى رسما  لأسدين بينهما قرص الشمس.


مناظر المقبرة


يصف د. ضاحى مناظر المقبرة حيث نجد طائر البنو تليه مومياء نفرتارى داخل خيمة التحنيط تحرسها إيزيس ونفتيس على هيئة أنثى الصقر من الجانبين ثم حورس واقفا إضافة إلى رسوم لمومياوات «رع حور، آختي» وهما جالسان على كرسيين وجلس خلفهما حورس وفى الجانب الآخر من المقبرة أوزوريس واقفاً داخل الناووس وبين الجانبين صف علوى يتوسطه حورس وعليه ريش النعام والحية المقدسة وعلى جانبى الحائط المؤدى إلى قاعة جانبية نجد على كلا الجانبين المعبودة «نيت» والأخرى «سايس» ويلى ذلك على كلا الجانبين عمود «الجد» له يد آدمية ويلبس التاج الخاص بالمدعو «تاتنن» جزؤه الأسفل عبارة عن رداءاً طويل يشبه رداء الملكة نفرتار.

 


وعلى يمين الداخل للمقبرة يبدو منظر لحورس يقود الملكة نفرتارى حيث يقدمها إلى «رع حور» وتجلس خلفه «حتحور» تضع على رأسها علامة الغرب وعلى الجانب المقابل «إيزيس» تقود الملكة وتقدمها إلى المدعو «خبرى» الجالس على عرشه.

 
ويشغل الحائط الشرقى من المقبرة منظر مزدوج للتقديمات حيث تظهر الملكة بذراع ممدودة تمسك الصولجان وأمامها القرابين مرة أمام المدعو «آتوم» ومرة أخرى أمام «أوزوريس» الجالس على عرشه وأمامه أولاد حورس الأربعة.

 

وعلى الحائط الجنوبى من هذه القاعة منظر من الفصل رقم 184 من كتاب الموتى وهو من ثلاثة صفوف بالصفين العلويين سبع بقرات وثور وفى الصف السفلي أربعة مجاديف ترمز لاتجاه قوى السماء يلى ذلك على الحائط الغربى نقش للملكة وهى ترفع يديها للتعبد بطريقتها وخلفها «إيزيس ونفتيس» يسندان بكلتا يديهما مومياء محنطة برأس كبش يعلو قرنيها قرص الشمس كتب أمام الوجه «رع» ومن أسفل نص مكتوب «رع يستريح فى أوزوريس وأوزوريس يستريح فى رع» وهو نص يرمز لاستمرارية الحياة وعلى حوائط هذه القاعة يرى الزائر نفرتارى وأمامها نص عبارة عن تعويذة فى معرفة بوابات مملكة «أوزوريس»
تلف المقبرة.


يكشف  د. ضاحى أبو غانم أسباب تلف المقبرة من جراء الأملاح الصخرية التى تبلورت تحت طبقة الجص مما دفعها للسقوط  وقد نحتت المقبرة فى جبل من أردأ أنواع الحجر الجيرى ولذلك غطيت جدرانها بطبقة سميكة من الملاط نحتت عليه النقوش الحائطية ببروز خفيف .

 


كما تأثرت المقبرة بعامل المياه الأرضية فتشبعت الجداران وطبقة الشيد الحاملة للصور الملونة بتلك المياه مما عرّض الأسطح الملونة لارتفاع درجات الحرارة وعوامل التجوية المختلفة الذى يؤدى للتلف تدريجياً ويطلق على هذه العملية التجويه الفيزيوكيميائية.

 
وتأثرت المقبرة بالأكسدة التى أدت لحدوث التجويه الكيميائية حيث تشتمل أغلب المواد المستخدمة فى يناء مقبرة نفرتارى على بعض المعادن الحديدية التى تصدأ عند تعرضها للجو مما أدى لتبقع  اللون الأساسى للصخرة الأم المنحوتة بها المقبرة وهو الرمادى بألوان مختلفة مثل الأحمر والأصفر والبرتقالى أو الأحمر المائل للبنى وتأثرت الصور الجداريه بالمقبرة بعوامل التجويه والجفاف الشديد بسبب حدوث تشققات دقيقة وذلك نتيجة تحول الجبس إلى معدن الإنهيدريت بفقده لماء تبلوره مما سبب تقلص فى حجم البلورة المعدنية.


 
كما تعرضت الصخرة الأم لإجهادات داخلية وهو  ما يسمى بإجهاد ما بين الحبيبات الذى ينشأ نتيجة لتجمد الماء بين مسام الحجر أو بسبب تغير معدلات الحرارة والرطوبة فى الوسط المحيط  وتتوقف مدى الإتلافات الناتجة عنها على درجة مسامية الحجر  وقطر مسامه وكثافة القنوات الشعرية الدقيقة بالبنية الداخلية للحجر هذا بالإضافة إلى قوة المادة الرابطة بين الحبيبات كما أن تعرض الملونات للتجويه الشديدة والملوثات يؤدى إلى صور تلف مختلفة حيث يمكن أن تتحول ألوان النحاس إلى مركبات مثل كبريتيد النحاس فى وجود ثانى أكسيد الكبريت والرطوبة المرتفعة مما  ينتج عنه بقع سوداء تشوه المظهر العام للصور الجدارية كذلك تحدث هذه البقع نتيجة للتغيرات الفيزيوكيميائية للبناء البلورى للمواد الملونة وهو غالباً ناتج عن التعرض للضوء والرطوبة كما أن الألوان التى يدخل فى تركيبها مركبات الرصاص مثال ( أكسيد الرصاص الأحمر – أكسيد الرصاص الأصفر ) عند تعرضها لغاز التلوث الجوى مثل أكسيد الكبريت ينتج عنها فيلم أسود من ثانى أكسيد الرصاص وكبريتيد الرصاص.

 
ويؤكد الدكتور ضاحى أن هذه الدراسة تعبر عن مدى حرص وزارة الآثار على الصيانة الدورية لآثار مصر بناءاً على أسس علمية وتشخيص علمى لعوامل التلف ويطالب بالقيام باجراءات عاجلة نحو تحديد تطورات التلف التى تحدث لمقبرة نفرتارى باستخدام الوسائل الحديثة من أجهزة لتحليل وفحص حالة المقبرة خاصة أن الصخرة الحاملة لرسوم المقبرة مصابة بأملاح منها ملح الهاليت وهو فى حالة نشطة كما يجب إجراء مسحة بيولوجية وذلك لتحديد إذا ما كان هناك إصابة بيولوجية ( فطريات ، بكتيريا ) من عدمه وأن هذه الدراسة توجه إنذار للقيام بما هو واجب وتضافر الجهود للحفاظ على هذه المقبرة العظيمة.


 
ويضيف د. ضاحى بأن وزارة الآثار بصدد الاتفاق مع أحد المراكز البحثية الأجنبية لاستكمال الدراسة للتحديد الدقيق والتشخيص المتكامل لنوعية التلف ومدى تأثيره على الصور الجدارية للمقبرة ومدى تطور هذا التلف والذى يحدد من خلاله طرق العلاج والترميم لهذا الأثر الهام ذات الشهرة العالمية الكبرى.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله