الرياض ….. في ظل الضغوط التي تواجهها حكومة طهران من الشعب الإيراني، الذي يطالب بالتوقيع على محضر الحج، من أجل تمكينهم من أداء تلك الشعيرة الدينية، قالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن المرشد الإيراني علي خامنئي أرسل ممثله في منظمة الحج، علي قاضي عسكر، إلى باكستان نهاية يوليو (تموز) الماضي، في محاوله لتوسط وزير الشؤون الدينية الباكستانية، سردار محمد يوسف، لدى الرياض، للسماح للحجاج الإيرانيين بالدخول للأراضي السعودية، دون الإمضاء على محضر الترتيبات للحج الذي تطلب الرياض التوقيع عليه وترفضه طهران، إلا أن الوزير الباكستاني، ردّ على مندوب خامنئي بأنه لا يستطيع التدخل، وأن الأمر يتجاوز صلاحيته، مطالبًا المسؤول الإيراني، بدفع حكومته للتوقيع، شأنها كبقية الدول.
وقال قاضي عسكر إن زيارته لباكستان تأتي ضمن ما أطلق عليها «دبلوماسية الحج». وأضاف أنه «على الرغم من مساعي المسؤولين الإيرانيين حل مشكلة الحج، فإن الحكومة السعودية رفضت التعاون بهذا الخصوص»، ليتهرب قاضي عسكر من مسؤولية عدم مشاركة الإيرانيين، ليعرب عن استعداد بلاده استئناف المفاوضات وإرسال الحجاج، بما في ذلك العمرة، إذا ما قبلت السعودية التعاون والقبول بشروط إيران.
وفي ذات السياق، قال رئيس منظمة الحج الإيرانية سعيد أوحدي، إن منظمته تواصل الجهود لإرسال الحجاج إلى السعودية، إلا أن حكومة طهران تريد عودة العلاقات السياسية مع الرياض، كأحد شروطها لتوقيع الاتفاقية.
إلى ذلك، قال مصدر سعودي لـ«الشرق الأوسط»، إن الرياض أفسحت المجال، أمام أداء الإيرانيين مناسك الحج، على أن توقع بلادهم، محضر الترتيبات، قبل الخامس من سبتمبر (أيلول) المقبل، مؤكدًا أن وزارة الخارجية السعودية، لم تصدر حتى هذا التوقيت، أي تأشيرة لمن يرغب بالحج من داخل إيران، نظرًا لرفض طهران المصادقة على الاتفاقية، التي لم تتغير بنودها عن الاتفاقية التي أمضتها الأعوام الماضية.
وقالت وزارة الحج والعمرة السعودية، إنه جرى عقد اجتماعات متواصلة مع مسؤولي منظمة الحج والعمرة الإيرانية، في أواخر مايو (أيار) الماضي، وامتدت ساعات طويلة، وناقش الطرفان جميع الأمور التي سبق تداولها في الاجتماعات السابقة، حيث قدمت وزارة الحج والعمرة عددًا من الحلول لكل النقاط التي طالبت بها منظمة الحج والزيارة الإيرانية.
وأشارت وزارة الحج والعمرة السعودية إلى أن الحلول المطروحة، تمثلت في «إصدار التأشيرات بشكل إلكتروني من داخل إيران بموجب آلية اتفق عليها مع وزارة الخارجية السعودية»، و«مناصفة نقل الحجاج بين الناقل الوطني السعودي والناقل الوطني الإيراني»، إلى جانب «الموافقة على طلب الوفد الإيراني السماح لهم بتمثيل دبلوماسي عبر السفارة السويسرية لرعاية مصالح حجاجهم، حيث تم التنسيق الفوري مع الجهات المختصة لتنفيذ ذلك».
وذكرت الوزارة، أن بعثة منظمة الحج والزيارة الإيرانية، بامتناعها عن توقيع محضر إنهاء ترتيبات الحج، تتحمل مسؤولية عدم قدرة مواطنيها من أداء الحج هذا العام، كما توضح رفض السعودية القاطع لتسييس شعيرة الحج أو المتاجرة بالدين، وأنها ووفقًا لتوجيهات القيادة السعودية على استعداد دائم للتعاون فيما يخدم حجاج بيت الله الحرام ويسهل إجراءات قدومهم.
وجدد مجلس الوزراء السعودي في وقت سابق، التأكيد على أن المملكة انطلاقًا من واجباتها ومسؤوليتها تجاه خدمة ضيوف الرحمن، تتشرف بضيوف المشاعر المقدسة من جميع الجنسيات، ولم تمنع أي مسلم من القدوم إلى أراضيها، وأشار إلى أن قرار منع المواطنين الإيرانيين من القدوم للحج يعود إلى المسؤولين الإيرانيين، مشددًا على رفض المملكة المحاولات الإيرانية الهادفة لتسييس فريضة الحج.