Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

الأسرى في الإسلام … وحقوق الطيار الكساسبة الاردنى المهدورة بيد داعش الارهابية

الأسرى في الإسلام … وحقوق الطيار الكساسبة الاردنى المهدورة بيد داعش الارهابية 

 

 

تشتعل الحروب بين البشر، فينتج عنها القتلى والأسرى فتختلف معاملة الأسرى من عصر إلى آخر، وقد اجتمعت الحضارات السابقة على قتل الأسرى، وجعلهم عرضة للتعذيب والإيذاء والاضطهاد، بل كانوا أحيانا يعدلون عن فكرة القتل إلى استرقاقهم، واستهانتهم في الأعمال الشاقة الصعبة.


أما اليهود فقاموا بتسخير الأسرى إن هم سلموا بلادهم بدون حرب، وإذا قاوموهم كان مصيرهم القتل، ولم تعرف الأمم قط قانونا لمعاملة الأسرى قبل مجيء الإسلام، الذي وضع شروطا لمن يؤسر، فلا يقع في الأسر إلا المحارب، وقد وضع فقهاء الإسلام أوصافا لمن يجوز أسره ، وشروطا لوقوع الأسر.


وللإسلام نظم وقوانين تحمي الأسير، وقد شرع الله عز وجل الأسر فقال في كتابه: {حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها} [محمد: 4]، ووصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بحسن معاملتهم فقال: "استوصوا بالأسرى خيرا" [1].


فقد رأى أسرى يهود بني قريظة موقوفين في العراء في ظهيرة يوم قائظ، فقال مخاطبا المسلمين المكلفين بحراستهم: "لا تجمعوا عليهم حر الشمس وحر السلاح، وقيلوهم واسقوهم حتى يبردوا"، كما نهى عن تعذيبهم وامتهانهم، وحرص الإسلام على الإحسان إليهم، فقال تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} [الإنسان: 8]، ولهم كذلك حق في الكساء والحرية الدينية.


أما مصير الأسرى فهو المن أو الفداء، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم من على بعض الأسرى بإطلاقهم وفادى بعض أسرى بدر بالأموال وغيرها. أو الاسترقاق ولا يكون ذلك إلا بأمر ولي الأمر.


أما الأسير المسلم: فقد اتفق الفقهاء على حرمة قتل مدبرهم وجريحهم، وأنه لا يغنم لهم مال، ولا تسبى لهم ذرية ومن قتل منهم غسل وكفن وصلي عليه.


لماذا لا تنتقم من أعدائك ؟! فقد قال صلاح الدين الأيوبي عن ذلك: إن ديننا يأمرنا بالعفو والإحسان، وأن نقابل السيئة بالحسنة، وأن نكون أوفياء بعهودنا، وأن نصفح عند المقدرة عمن أذنب.


أما معاملة الصليبيون للأسرى، ومجازر نصارى الأندلس ضد الأسرى المسلمين، والصهاينة والمعاملة الوحشية للأسرى، وإنزال أشد أنواع التعذيب بالأسرى العراقيين كلها أمثلة على جرائم ضد الإنسانية تنتظر المحاكمة.


معاملة الأسرى في الحضارات السابقة
منذ القدم وعلى مر التاريخ والأزمان تشتعل الحروب بين البشر، لم تهدأ ولم تفتر بل إن سنوات السلام التي عاشها العالم أقل كثيرا من سنوات الحرب، ومن الطبيعي أن يكون نتاج هذه الحروب قتلى وأسرى …


ومعاملة الأسرى تختلف من عصر إلى آخر، ومن شريعة إلى أخرى، فبعض الأمم كانت تفتك بالأسرى لإرهاب عدوها، ولم تعرف الأمم قانونا لمعاملة الأسرى قبل الإسلام، الذي وضع شروطا لمن يؤسر، فلا يقع في الأسر إلا المحارب، وقد وضع فقهاء الإسلام أوصافا لمن يجوز أسره، وشروطا لوقوع الأسر، حتى أصبح له نظام وحدود معروفة مدونة في الشريعة الإسلامية قبل أن يعرفها فقه القانون الدولي الحديث بقرون، بل لما ظهرت تشريعات الأسرى في القانون الدولي كان للفقه الإسلامي نظرياته الخاصة به، والتي يلتقي بها القانون الدولي أحيانا ويختلف عنها أحيانا أخرى .


وقد شرع الله عز وجل الأسر فقال في كتابه: {حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها} [محمد: 4]، والحرب ضرورية للضرب على أيد المعتدين على الدولة الإسلامية، والمتربصين بها، والأسر جزء من الحرب، ولم يترك الإسلام قضية الأسر بدون نظام، بل وضع لها نظما وقوانين تنظم حقوق الأسير وكيفية معاملته، وهذا ما نتعرض له في حديثنا عن حقوق الأسرى.


وقبل أن نخوض في غمار كيفية معاملة الأسرى وحقوقهم، نلقي نظرة على المعنى اللغوي للكلمة، الأسير في اللغة: هو المسجون، والجمع أسراء وأسارى وأسارى وأسرى [2]، وسمي بذلك لأنه عادة ما يقيد بشيء من الجلد ونحوه من كل ما يربط به، ثم صار يطلق على الشخص الذي يقع في يد الأعداء سواء كان مقيدا أو غير مقيد.


أصبحت قضية الأسرى من القضايا المؤرقة لشعوب العالم الآن، وذلك لما يلاقيه الأسير من البطش والعدوان ممن أسروه، ولا يخفى على أحد اليوم ما تفعله أمريكا في سجن أبو غريب وجونتناموا وغيرها من السجون، وهذا التعامل ناتج من قوانينهم التي وضعوها بأيدهم، والتي لا تحفظ لأحد حقه أو تؤمنه من العدوان على حرياته، وبنظرة إلى الحضارات التي سبقت الإسلام نجد أنها سنت قوانين لمعاملة الأسرى، ولم تكن هناك حضارة من تلك الحضارات القديمة والحديثة أحسنت تعامل الأسرى كالإسلام، فقد وصل بهم الحد إلى قتل الأسير، وتشويه جسده، وتعذيبه بالنار، وكل ذلك انتقاما من الدولة المحاربة.


حضارة الرومان
انقسم العالم قبل الإسلام إلى قوتين عظميين الفرس والروم، وكانت بينهما دائما حروب ومناورات، وكان طبيعيا أن يكون بينهما أسرى، ولكل من الدولتين قوانين في كيفية معاملة الأسير، فكانت دولة الرومان تقتل الأسير حتى أواخر عهدها، ثم رأت بعد ذلك تشريع قوانين الهدف منها إبقاء الأسير حيا للاستفادة منه مع نزع كل حقوقه الإنسانية، وربما يسخر للعمل في الأعمال الشاقة، والمهن الدنية كما فعل الإسكندر في مصر إبان حروبه فيها.


ومن ذلك ما حدث – على سبيل المثال – في عهد الإمبراطور (فسبسيان)، حيث حاصر الرومان اليهود في القدس – وكان اليهود يسمونها أورشليم – لمدة خمسة أشهر، انتهت في سبتمبر سنة 70 ميلادية، ثم سقطت المدينة في أشد هزيمة مهينة عرفها التاريخ، حيث أمر الرومان اليهود أن يقتلوا أبناءهم ونساءهم بأيديهم، وقد استجاب اليهود لهم من شدة الرعب، وطمعا في النجاة !! ثم بدأ الرومان يجرون القرعة بين كل يهوديين، ومن يفوز بالقرعة يقوم بقتل صاحبه، حتى أبيد اليهود في القدس عن آخرهم، وسقطت دولتهم، ولم ينج منهم سوى الشريد، وأولئك الذين كانوا يسكنون في أماكن بعيدة !!


حضارة الهند
وفي الهند كان الأسير يقع ضمن الطبقة الرابعة والأخيرة في تقسيم طبقات المجتمع عندهم، وهي طبقة شودر، وهم المنبوذون، ويعتبرونهم أحط من البهائم، وأذل من الكلاب، ويصرح القانون بأنه من سعادة شودر أن يقوموا بخدمة البراهمة – طبقة الكهنة والحكام – دون أجر !! وكفارة قتل الكلب والقطة والضفدعة والبومة مثل كفارة قتل الشودر سواء بسواء !!.


حضارة الفرس
ولم يختلف الوضع في الفرس كثيرا عن الرومان والهند، فقد نكل الفرس بأسراهم، وجعلوهم عرضة للتعذيب والإيذاء والاضطهاد والقتل، ولكن رأوا بعد ذلك أنه من الممكن استخدامهم، فعدلوا عن فكرة القتل واسترقوهم، وباعوهم رقيقا بعد أن كانوا أحرارا، واستخدموهم في الأعمال الشاقة الصعبة.


اليهود ومعاملة الأسرى
أما الشريعة اليهودية المحرفة فتقرر بتسخير الأسرى إن هم سلموا بلادهم بدون حرب، وإذا حدث وكانت الثانية، وقاوموا اليهود كان مصير الأسرى القتل، ومن ذلك ما ورد في سفر التثنية: حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك ، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك، وإن لم تسالمك، بل عملت معك حربا، فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف. وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما، بل تحرمها تحريما [3].


معاملة الأسرى في الإسلام
جاء الإسلام وغرضه إنصاف المظلوم، وهداية الضال، وإخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، ونشر الرحمة والعدالة، فقد استطاع الإسلام نقل البشرية من التعامل الهمجي الذي كان يلاقيه الأسير إلى وضع كله رحمة ورأفة به وبحاله، وكان للإسلام فضل السبق في ذلك، فقد حرص الإسلام على الإحسان إلى الأسرى فقال تعالى في كتابه العزيز: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} [الإنسان: 8] "وقال قتادة: لقد أمر الله بالأسرى أن يحسن إليهم، وإن أسراهم يومئذ لأهل الشرك [4].


ووضع الإسلام تشريعات للأسرى، وفي الوقت الذي كان ينكل بالأسير في الأمم السابقة فقد وردت نصوص كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تحث على معاملة الأسرى معاملة حسنة تليق به كإنسان، يقول الله تعالى في سورة الأنفال: {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم} [الأنفال: 70] "، فإذا كان المولى سبحانه يعد الأسرى الذين في قلوبهم خير بالعفو والمغفرة، فإن المسلمين لا يملكون بعد هذا إلا معاملتهم بأقصى درجة ممكنة من الرحمة والإنسانية.


لقد قرر الإسلام بسماحته أنه يجب على المسلمين إطعام الأسير وعدم تجويعه، وأن يكون الطعام مماثلا في الجودة والكمية لطعام المسلمين، أو أفضل منه إذا كان ذلك ممكنا، استجابة لأمر الله تعالى في قوله في سورة الإنسان: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا [الإنسان: 8] "، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بحسن معاملة الأسرى فقال صلى الله عليه وسلم:" استوصوا بالأسرى خيرا [5]، كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تعذيب وامتهان الأسرى، فقد رأى صلى الله عليه وسلم أسرى يهود بني قريظة موقوفين في العراء في ظهيرة يوم قائظ، فقال مخاطبا المسلمين المكلفين بحراستهم: "لا تجمعوا عليهم حر الشمس وحر السلاح، وقيلوهم واسقوهم حتى يبردوا" [6] "


وامتثل الصحابة رضوان الله عليهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا يحسنون إلى أسراهم، والفضل ما شهد به الأسرى أنفسهم، فيقول أبو عزيز بن عمير وكان في أسرى بدر: "كنت مع رهط من الأنصار حين قفلوا، فكانوا إذا قدموا طعاما خصوني بالخبز وأكلوا التمر ، لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا، ما يقع في يد رجل منهم كسرة إلا نفحني بها، قال: فأستحي فأردها على أحدهما، فيردها علي ما يمسها "[7]. والأمثلة في ذلك كثيرة ومتعددة
.

 

 


[1] الطبراني: المعجم الكبير، (977)، والمعجم الصغير، (409)، وقال الهيثمي: إسناده حسن، انظر: مجمع الزوائد، (10007).
[2] ابن منظور: لسان العرب، مادة (أسر).
[3] تثنية 20: 10 من موقع مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية.
[4] القرطبي: الجامع القرآن لأحكام، 19/126.
[5] الطبراني: المعجم الكبير، (977)، والمعجم الصغير، (409)، وقال الهيثمي: إسناده حسن، انظر: مجمع الزوائد، (10007).
[6] الشيباني: السير الكبير، 2/591.
[7] الطبري: تاريخ الطبري، 2/39، ابن كثير: البداية والنهاية، 3/307، 374
.

 

نقلا من : قصة الاسلام 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله