"ساحة المرجة" بدمشق معلم تاريخي
دمشق …. تعتبر ساحة (المرجة) التي تقع في وسط العاصمة السورية ( دمشق ) أو كما سميت لاحقا بـ "ساحة الشهداء" من أهم وأقدم ساحات المدن السورية تاريخيا، وقد سميت بالمرجة بسبب كثرة البساتين والمروج المحيطة بها التي كانت في فترة من الزمن كالبساط الأخضر بسبب نهر (بردى) الذي يمر في دمشق بوسط الساحة.
وتختزن ساحة (المرجة) الشهيرة في جنباتها الكثير من الصور والذكريات والأحداث التي ارتبطت بتاريخ مدينة دمشق وكان لها
الأثر الكبير في التحولات والتغيرات التي شهدتها سوريا بشكل عام خلال العقود الأخيرة، وهي مكان يجمع فن العمارة في أبنيتها بين القديم والحديث، وتمتاز الساحة بتاريخها الحافل وموقعهاالاستراتيجي وسط دمشق وما يتفرع منها من أسواق تجذب الناس بمختلف شرائحهم لتزدحم الساحة بهم ليلا ونهارا.
وينتصب في ساحة (المرجة) معلم من معالم مدينة دمشق وهو العمود الشهير الذي بُني قبل مائة عام، وقد بُني عليه مجسم لجامع هو الأصغر في العالم، وسمي هذا النصب بـ "نصب التلغراف"، الذي بني في العام 1907م تذكاراً لتدشين الاتصالات بين دمشق والمدينة المنورة والبلاد الإسلامية في أواخر العهد العثماني ومتزامناً مع إطلاق الخط الحديدي الحجازي من مدينةدمشق ومحطة القطارات المجاورة لساحة المرجة.
وقد صمم هذا النصب فنان إيطالي وقام بتنفيذه من معدن البرونز، كما أقام فوقه نموذجاً دقيقاً لجامع (يلدز) في تركيا كما يقول الباحث الدكتور قتيبة الشهابي.
ولم يبق من الساحة حاليا بعد جفاف نهر (بردى) سوى ممر النهر الذي قامت محافظة مدينة دمشق بتزيينه بالبورسلان وإنشاء حديقة صغيرة جميلة غُرست فيها الأزهار والورود الشاميةوزينت بنوافير المياه التي تحيط بالنصب التذكاري، كما أنشأت المحافظة في وسطها جسراً للمتنزهين وأحاطتها بسور حجري مزخرف جميل.
وقد سميت ساحة المرجة عدة أسماء منها "الميدان الكبير" و"ساحة الشهداء"، كما سميت "عين القصارين" لوجود أرض خضراء يكثر العشب على أطرافها، وهذه الأرض محفوفة بأشجار الحور والصفصاف وكان القصارون الذين يمتهنون حرفة إكساب القماش بياضاً ناصعاً يأتون بالقماش فينشرونه على العشب، ويرشونه بالماء مراراً بواسطة عصا طويلة تنتهي بعبوة يغرف بها من ماء النهر ويرش ذلك القماش الممدود على العشب حتى يقصر ويصبح ناصع البياض.
ويوجد بالساحة معلم آخر غير النصب التذكاري وهو "بناء العابد " الذي أنشأه أحمد عزت باشا العابد في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني وأشرف على تصميمه المهندس الإسباني فرناندودي أراندا عام 1908م وتم الانتهاء من إنشائه عام 1910م.
ولموقعها الاستراتيجي في قلب العاصمة السورية ( دمشق ) ظلت ساحة (المرجة) لعقود طويلة المكان الرئيسي لانطلاق وسائل النقل بدء بالدواب ( الجمال والخيول ) وصولا إلى السيارات وحافلات النقل الجماعي.
وشهدت ساحة (المرجة) خلال السنوات القليلة الماضية أحداثا مختلفة كادت تؤدي إلى تدميرها.
نقلا عن العمانية