Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

أربعينية الإمام الحسين (ع) روح البداية لمسيرة الانتماء الى الثورة المحمدية

أربعينية الإمام الحسين (ع) روح البداية لمسيرة الانتماء الى الثورة المحمدية

 

 

في كل عام تتهيأ كربلاء لمناسبة اربعينية الامام الحسين(ع)..تنصب في الشوارع المواكب والسرادقات من كل مدن البلاد ..لتتذكر فاجعة تحولت الى مناسبة دينية وعقائدية لتكون طقسا مهما من طقوس ممارسة الشعائر التي اريد لها الاستمرارية في الولوج الى النفس التي تحيي ما يمكن احياؤه في التعلق بالدين وأهل البيت..هذه المناسبة التي تدرجت عبر التاريخ لتصل الى ما وصلت اليه الان من اداء لملايين الزوار.

 

وتعدّ هي الاكبر بين الزيارات الدينية التي تشهدها المدينة خلال العام الواحد مع زيارة النصف من شعبان ذكرى ولادة الامام المهدي..هذه الزيارة اصبحت حديث العالم ويؤديها الآلاف من الزوار العرب والأجانب من الكثير من دول العالم بما فيها اوروبا وأميركا واسيا وافريقيا واستراليا ومن المتوقع ان تصل الاعداد هذا العام الى اكثر من مليون زائر اجنبي ..ولأنّها زيارة تعني كربلاء وتعني أربعينيّة تتعلّق بثالث الأئمة المعصومين فإنّ تاريخيتها تبقى هي روح البداية التي نفخت في جسد الشعائر لتكون واحدةً من علامات الطقوس الدينية.

 

التاريخ والاستشهاد

 

يقول المؤرخ والباحث طه الربيعي ..إن ارض كربلاء لها تاريخ موغل في القدم، وقد شهدت هذه الأرض أقسى حدث في تاريخ المسلمين واعنف واقعة بين قوى الخير وقوى الشر انتهت باستشهاد الإمام الحسين وأخيه العباس (ع) يوم الجمعة العاشر من محرم الحرام سنة (61 هـ الموافق سنة 680م). فسلّط التاريخ نتيجة هذه الحالة المؤلمة أضواءه عليها، وأصبح الحديث عنها ذا شجون لانّ هناك مأساةً لم تعرفها البشرية في تاريخها الإنساني..ويضيف ان ذكرى الاستشهاد معلومة للجميع ولان هناك طقوسا لدى العرب وهي اربعينية من ينتقل الى رحمة الله حيث يقومون بإسداء البِر إليه وَعَد مزاياه في عَقد مجلس تأبيني يدوّن تخليدا لذكراه، ولانّ لا حادثة ولا وفاة ولا استشهاد كان بمثل استشهاد الامام الحسين فإنّ العقل والدين قَدْ قضيا باحترام عظماء الرجال أحياءً وأمواتا وتجديد الذكرى لوفاتهم وشهادتهم، وإظهار الحزن عليهم، لا سِيما من بذل نفسه..ويبيّن ان هذه الزيارة اصبحت ايضا بحثا عن الأجر والثواب لذا يقوم المسلمون وخاصّة الشيعة بزيارة قبر الإمام الحسين(ع) في يوم الأربعين، إذ يأتون إليه من كلّ صوب ومكان مشيّاً على الأقدام كما يقومون بإحياء هذه الذكرى بإقامة مجالس العزاء والمأتم، واستذكار ما جرى على الحسين(ع) وأهل بيته، وما جرى لسباياه من كربلاء إلى الكوفة، ومنها إلى الشام.

 

التسمية

ويضيف الربيعي.. ان تسمية الزيارة بزيارة الاربعين او الاربعينية واضحة لا تحتاج الى دلالة او بحث واستقصاء لأنّها تمثّل مرور أربعين يوما من استشهاد الإمام الحسين (ع) وتشكّل إحياءً لنهضة الإمام الحسين الإصلاحية وتعاليمه الأخلاقية ومبادئه النبوية، وان قضية سيد الشهداء هي التي ميّزت بين دعوة الحق والباطل ولولا نهضة الحسين ووقوفه بوجه الظلم والطغيان الأموي..و توافق هذه الزيارة في يوم العشرين من شهر صفر وهو اليوم الذي ورد فيه الصحابي جابر ابن عبد الله الأنصاري من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين(ع) فكان أول من زاره من الناس. وفي هذا اليوم أيضاً وافق رجوع عيال الإمام الحسين (ع) من الشام إلى كربلاء مرّة أخرى بقيادة الإمام زين العابدين (ع) فالتقى بجابر..مشيرا الى انه من هنا بدأت زيارة الأربعينية كما أنه اليوم الذي رجعت فيه رؤوس أهل البيت (ع) إلى أبدانهم في كربلاء. ويبدو أنّ البحث في مصادر التاريخ الإسلامي لمعرفة النشأة التاريخية لهذه الزيارة ومعرفة أول من زار قبر الحسين (ع) سيرا على الأقدام يتعسر علينا وزيارة جابر الأنصاري وعطية العوفي لم تكن سيرا على الإقدام بل هما أول من زار قبر الحسين بعد دفنه من قبل السجاد (ع). وتروي كتب التاريخ أيضا أن أول زائر لقبر الحسين (عليه السلام) هو عبد الله بن الحر الجعفي لقرب موضعه منه، قصد الطف ووقف على الأجداث ونظر إلى مصارع القوم فاستعبر باكيا، ورثى الحسين بقصيدة معروفة: (يقول أمير غادر وابن غادر

ألا كنت قاتلت الشهيد ابن فاطمة
فوا ندمي ألّا أكونَ نصرتُهُ
ألّا كلّ نفس لا تسدد نادمة
أهمّ مرارا أن أسيرَ بجحفلٍ
إلى فئةٍ زاغت عن الحق ظالمة)

 

السير على الأقدام

 

يوضح الربيعي ان موضوعة السير على الأقدام اتجاه قبر الإمام الحسين (ع) كانت موجودة قبل الإمام علي الهادي (ع) والاستدلال على صحة القول حديث علامات المؤمن خمس للإمام الحسن العسكري(ع)عندما ذكرها (الصلوات الإحدى والخمسون وتعفير الجبين والجهر بباسم الله الرحمن الرحيم وزيارة الأربعين والتختم باليمين) والعلامة في زيارة الأربعين هي السير إلى قبر الحسين(ع) فان المسير يعدّ من السنن التي تحدث عنها الإسلام وقد وردت في كتب الصحاح المختلفة ومنها صحيح البخاري أحاديث كثيرة تدلّ على ذلك منها هذا الحديث أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يأتي مسجد (قبا) كل سبت ماشيا أو راكبا. وهناك حديث آخر يذكر الأجر العظيم الذي يمنحه الله عز وجل للمصلي الذي يسير إلى المسجد البعيد من منزله وكذلك الأجر العظيم الذي يمنح لطالب العلم الذي يقطع المسافات البعيدة سيرا على الإقدام لتلقي العلم. وعودة لزيارة جابر الأنصاري الذي يعدّ من صحابة رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهو أوّل من زار قبر الإمام الحسين(ع) بعد مرور أربعين يوماً من شهادته..ويمضي الربيعي بالقول لقد رويت لنا كتب التاريخ الإسلامي أحاديث مروية عن عطا مولى جابر ومنها: (كنت مع جابر ابن عبد الله الأنصاري يوم العشرين من صفر، فلمّا وصلنا الغاضرية اغتسل في شريعتها، ولبس قميصاً كان معه طاهرا، ثمّ قال لي: أمعك من الطيب يا عطا؟ قلت: معي سُعد، فجعل منه على رأسه وسائر جسده، ثمّ مشى حافياً حتّى وقف عند رأس الحسين(ع)وكبّر ثلاثا، ثمّ خرّ مغشيا عليه، فلما أفاق سمعتُه يقول: السلام عليكم يا آل الله.ويشير الربيعي انه بعد قدوم جابر الأنصاري كربلاء وزيارته قبر الحسين عليه السلام، أضحت زيارة سيّد الشهداء سنة متبعة على مدار العام، وتحديدا في عاشوراء وفي العشرين من صفر من كل عام. ومنذ ذلك الوقت اخذ العراق يشهد في كل عام مواكب كبيرة رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً وهي تنطلق سيراً على الأقدام متوجهة إلى كربلاء ومن جميع المدن العراقية.

قمع التاريخ

 

وكما شهدت زيارة العاشر من محرم الحرام قمعا من قبل السلطات والحكام على مر التاريخ كما يقول الربيعي فإنّه وعلى الرّغم من القمع ومحاولة منع الناس من إتيان مشهده وزيارته في الاربعين في العصر الأموي، وتَفاوت ذلك في العصر العباسي بحسب علاقة الحكام العباسيين بالطالبيين، فإن الموالين لأهل البيت(ع) والعارفين حقهم وكرامتهم، ظلوا يفدون إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين(ع) وإحياء هذه المناسبة إلى أن هدم القبر ومُنع الناس من الاقتراب من ذلك الموضع الشريف، وبعد موت المتوكل أعيد بناؤه، وأخذ الناس يزورونه زرافات زرافات، إلى عهد النظام العثماني الذي حاول بعض الولاة ممن حكموا العراق أن يمنعوا مراسيم هذه الزيارة وخاصة الوالي (علي رضا) الذي نجح نوعا ما بمنعها إلى وفاته، وأنعشت هذه الزيارة وحاول بعض الولاة الذين حكموا من بعده السير على خطاه في محاربة ومنع وقمع مراسيم هذه الزيارة إلى أن محاولاتهم باتت بالفشل ,لم تسلم مراسيم هذه الزيارة من محاربة أنظمة الحكم التي خلفها الاستعمار البريطاني للعراق على الرغم من خفتها إلا إنها كانت تجري بشكل مستمر ويتوافد آلاف الزائرين إلى كربلاء لإتمام هذه الزيارة حتى العام 1963. وبعد الانقلاب الأسود الذي قاده عبد السلام عارف على رفيقه وصديقه عبد الكريم قاسم حاول النظام الجديد منع هذه الحشود من أداء الزيارة مستخدما في ذلك بعض الحجج المفتعلة .وبعد مقتل عبد السلام عارف بحادث الطائرة المعروف تسلم شقيقه عبد الرحمن عارف مقاليد السلطة في العراق فعادت هذه الحشود إلى سابق عهدها وأخذت تتنفس أنسام الحرية الجديدة وأخذت المواكب الحسينية التي كانت تأتي إلى كربلاء من المحافظات الجنوبية تردد وبصوت عالٍ :
أنصار اجينه لكربله ….راياتنه منثورة

غصبا على خشوم العده …….لحسين اجينه انزوره

ويمضي الربيعي بقوله..استمرت بعد ذلك هذه الزيارة وحشودها المليونية تتوافد في كل عام وأصبح الزوار يتزايدون عاما بعد آخر وتشير الإحصائيات إلى أن عدد الزوار يوم الأربعين سنة 1968 بلغ أكثر من نصف مليون زائر، وارتفع عددهم في بداية السبعينيات إلى نحو مليون زائر حتى بدأت سلطات نظام البعث المباد بمحاولات عقيمة لمنع الزوار من أداء زيارة الأربعين خوفا من النقمة وتحسبا من الثورة ضد الظلم والطغيان، وقد ذهب في سبيل ذلك آلاف المؤمنين بين شهيد ومسجون ومعذّب على أيدي أزلام النظام السابق المقبور، وبعد القضاء عليه وانهياره على يد قوات التحالف العام 2003 انفسح المجال للمسلمين لزيارة الإمام الحسين بكل حرية حتى وصلت أعداد الزائرين في زيارة الأربعين خلال السنوات التي أعقبت 2003 الى أكثر من سبعة ملايين زائر، جاء اغلبهم من مدن العراق المختلفة وكذلك من الدول العربية والإسلامية وخاصة من إيران والهند وباكستان والبحرين والكويت والسعودية وغيرها .

نقلا عن الصباح
 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله