تابع "سياحة المسارات" نهج جديد لإحياء التراث الثقافي والحضاري الفلسطيني 1
مسار الخرق – المسعودية
خرق بلعا هو نقطة التقاء ثلاث محافظات وهي نابلس وجنين وطولكرم، ويذكر خالد تميم مدير قسم الفعاليات في وزارة السياحة " أن هذا الخرق أو النفق حفر بالفترة العثمانية بطول حوالي 400 متر وكان هذا البناء جزءا من مشروع سكة الحديد في بداية القرن العشرين وهو عبارة عن خرق تمر فيه سكة الحديد وفي جوانبه من اليمين والشمال يوجد ( وسعات ) يمكن أن يتوقف داخلها أي شخص إذا ما فاجأه القطار المار عبر النفق، وأصبح معلما فنيا اثريا جذابا يتجلى فيه جمال البناء وروعة المنظر، ويضيف لقد استخدمت تركيا هذا المشروع في تسيير قوافل الحج ونقل البضائع والمسافرين.
ويلتقي مسار الخرق مع منطقة المسعودية الواقعة بين ( قريتي سبسطية وبرقة ) ويعود تاريخ منطقة المسعودية إلى عام 1908 حيث تبرعت عائلة آل مسعود بقطعة ارض تبلغ مساحتها 38 دونما إلى شركة الحجاز للسكك الحديدية، وذلك لإقامة محطة للسكك الحديدية هناك وهذا ما تم بالفعل عام 1912، وباتت المنطقة محطة رئيسية للسكك الحديدية الحجازية التي تربط مابين مدينة حيفا والأردن ومن ثم بلاد الحجاز "مبينا أن المنطقة تحولت بعد حرب عام 1967 إلى ثكنة عسكرية لجيش الاحتلال لفترة دامت 5 سنوات الأخير الذي فكك السكة الحديدية لإخفاء معالم المنطقة وما زالت المنطقة تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، إلاّ أن وجود مثل هذا المسار يعزز الوجود الفلسطيني بالإضافة إلى القيام ايضاً بإنشاء حديقة ومتنزه في منطقة المسعودية رغم المعارضات الإسرائيلية".
مسار الدراجات
وقد أشار تميم إلى أن " رحلة المسير تستمر في هذا المسار والذي يعتبر مسار دراجات أيضا قرابة أربع ساعات انطلاقا من بلعا ومرورا بسبسطية وصولا إلى محطة المسعودية، وقد تم تسيير مجموعات سياحية محلية ووافدة فيه، حيث قامت المؤسسة وبمناسبة يوم الأرض في هذا العام بمبادرة من وزارة السياحة والآثار بدعوة طلبة قسم السياحة والآثار في جامعة النجاح الوطنية بالانطلاق من أمام مجلس قروي برقة نحو منطقة " القبيبات " حيث يوجد مقام صوفي ثم نحو منطقة العقبة وهي مسار طريق روماني وعين الحوض وعين الخسف وعين كمرة وصولا إلى المسعودية، وتم التعرف خلال المسار على البيوت القديمة الجميلة والتي تنتظر التأهيل والترميم لإدراجها في النشاطات الثقافية والسياحية. وقد تخلل المسار إعداد الشاي على الحطب والتعرف على النباتات البرية حيث تزخر المنطقة بتنوع نباتي غني."
وبتاريخ 25-4 من هذا العام تم تسيير رحلة دراجات هوائية بمشاركة 30 شاب انطلقت الرحلة من المدخل الغربي لعصيرة الشمالية مرورا باجنسنيا وسبسطية وبرقة وصولا إلى المسعودية من ثم اجتياز منطقة خرق بلعا على الدراجات، وفي خط الرجعة تناول المشاركون في ظلال أحراش المسعودية إفطارا شعبيا من خبز الطابون والشراك بالزعتر مجهزا بالموقع على النار والحطب و قد تم ترتيب بعض الفعاليات الترفيهية والفنية في موقع المسعودية، وأدى المشاركون صلاة الجمعة هناك وقد أطلقوا بالونات بألوان علم فلسطين "
مسارات بيئية في سبسطية
وفي السياق نفسه ذكر تميم " إن بلدة سبسطية تتميز بتنوع المسارات السياحية التي يقصدها الزائرون فمنها ما يمر خلال البلدة القديمة، ويبدأ المسار السياحي الرئيسي من الحافة الشرقية للبلدة القديمة حيث تم اقتراح موقف للحافلات والمركبات في منطقة قريبة من نقطة انطلاق هذا المسار من داخل البلدة القديمة عبر ممر ضيق يجذب الزوار إلى قلب البلدة القديمة، ويستطيع الزائر رؤية ما نتج عن الترميم خلال المسار وعند الوصول إلى الساحة العامة الرومانية تبدأ مسارات أخرى داخل المواقع الأثرية التاريخية في البلدة تعود إلى فترات من العصر الحجري والبيزنطي والروماني والبيزنطي وينتهي المسار في البوابة الغربية من جدار المدينة الرومانية " و تتصل المسارات السياحية عند نهايتها بمسار جديد للمشي الطويل ومسار للدراجات يتجهان إلى محيط بلدة سبسطية.
منوها " إلى ضرورة وضع إشارات توجيهية وإرشادية على امتداد المسارات السياحية ومسارات المشي ومسار الدراجات بشكل مناسب، ولا تقتصر أهمية هذه الإرشادات على التوجيه فقط بل تتعدى ذلك نحو تثبيت الأسماء الفلسطينية بالمنطقة وخاصة الأسماء التقليدية الموروثة من الروايات والقصص التي يرويها السكان والتي يعمل الاحتلال الإسرائيلي على تهويدها".
الربيع… رحلات ومواسم وفعاليات
وعن دور وزارة السياحة والآثار في تشجيع السياحة الريفية والبيئية والتعريف بالإرث الثقافي يقول تميم:" في إطار برامج تشجيع السياحة الداخلية والتعريف بالإرث الثقافي وتشجيعا للسياحة البيئية ورياضة المشي فقد عمدت الوزارة من خلال الفعاليات وإحياء المواسم والمهرجانات وخاصة يوم الأرض، ومن عامي 2011 – 2014 تم توسيع نطاق المشاركة بين المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص من اجل الرقي وتحقيق الهدف المنشود، وإحياء بعض المواسم مثل موسم شهر الخميس و ( خميس البيض )، حيث تقوم الفلسطينيات المسلمات والمسيحيات بصبغ بيض الدجاج بطرق تقليدية، ويتخلل حفل إحياء موسم الخميس فقرات فنية وغنائية وبمشاركة فرق دبكة وفقرات ترفيهية وثقافية وبمشاركة ما لا يقل عن 3000 شخص بوجود مجموعات سياح أجانب تبهرهم هذه الطقوس فيسارعون كل عام لحضورها.
وفي كل عام يتم اختيار منطقة للمسار والموسم من اجل تفعيل المناطق القروية والبيئة السياحية. "ففي العام الأول تم اقامة هذا المهرجان في منطقة المسعودية والعام التالي في بلدة سبسطية والعام الذي تلاه في منطقة خرق بلعا وفي عام 2013 في منطقة الناقورة ( عين هارون ) وفي هذا العام تمت الفعالية في منطقة حومش قرب برقة".
وعن النشاطات القادمة ذكر تميم "إن الوزارة تنوي تنظيم مهرجان بمناسبة يوم الأرض يتخلله فعاليات وطنية وشعبية ومن المقرر أن تستضيف خربة يانون المهرجان دعما وتشجيعا للبلدة وللفت الأنظار على آثارها ومقاماتها المهمة المهملة ".
مبادرات شبابية…. تجوال سفر
مجموعة تجوال سفر هي مجموعة من شباب فلسطين تتجول كل شهر مرة أو مرتين في إحدى قرى أو مدن فلسطين سامر الشريف منسق المجموعة يقول وبحماسة: "من منطلق "تجول في الأرض تمتلكها" نقوم بتنظيم مسارات مشي بالشهر مرتين لقرى وريف فلسطين يتخلل المسار جلسة مع أهل البلد ومن ثم تناول وجبات الطعام الجماعية، وترديد الأغاني والأهازيج الفلسطينية ويتضمن كل تجوال عمل تطوعي أو " عونة " لأهل البلد مثل الزراعة وبناء السلاسل وتنظيف عيون الماء أو حسب حاجة أهل البلد المستضيف لمجموعتنا".
وتحدث عن أهمية هذه الرحلات مؤكدا أنها تعمق ارتباط الإنسان بالأرض وتعرفه على التنوع الثقافي والإرث الحضاري في بلادنا وتشجع السياحة الريفية من خلال نشر تقارير عن القرى والأرياف التي نزورها وإبرازها إعلاميا ونشر صور عنها، فالسائح المحلي مازال يجهل وجود الكثير من المناطق الريفية التي تزخر بأماكن تراثية ومقامات دينية إضافة إلى جلسات خلابة في ظل جمال الطبيعة، ويضيف:" يأتي المشاركون من مختلف مناطق الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة، مما يخلق نسيجا اجتماعيا بين أهل هذه المناطق التي فككها وجود الاحتلال، إضافة إلى تعزيز الوجود الفلسطيني في المناطق المحاطة بالمستوطنات".
هذه المسارات والمناطق الريفية في فلسطين التي اشرنا إليها في هذا التقرير، هي جزءٌ من عشرات المسارات والمناطق الجميلة والخلابة التي من شأنها أن تدعم السياحة الداخلية والوافدة وتساهم في التنمية الاقتصادية والريفية، وذلك إذا ما تضافرت جهود المؤسسات الرسمية والإعلامية ومجالس الحكم المحلية والبلدية مع مؤسسات القطاع الخاص من اجل تسليط الضوء عليها وتوجيه الأنظار نحوها.
نقلا عن وطن للأنباء تقرير: عزيزة ظاهر