قانون تحـت تصـرف الرئيـس..
بقلم : مصطفى النجار
يخطىء من يتصور أن الأزمة التى صنعها القانون رقم 14 لسنة 2012 بشأن التنمية والاستثمار فى سيناء والتضارب الواضح بين القانون ولائحته التنفيذية يمكن حلها بسهولة خاصة بعد أن دخل على الخط جهاز تنمية سيناء فى تفسيره لتنفيذ القانون.
تلك بداية ملاحظتى الأساسية من واقع متابعتى للحوار حول هذا القانون.. فالمستثمرون يرون ان القانون لا يشجع على الاستثمار وأن الجهاز لا يساعدهم بل يعقدهم.
لكن الأهم عندى الآن أن الدولة فى الأيام الأخيرة رحبت بالحوار فى إمكانية تعديل أو حل المشاكل التى أحدثها القانون.. فبعد مقالنا الخميس الماضى والذى كان تحت عنوان «قانون ضد الاستثمار.. وجهاز يعطل المستثمرين» عقد هشام زعزوع وزير السياحة وأشرف سالمان وزير الأستثمار ندوة مع المستثمرين فى شرم الشيخ صباح الاحد الماضى بحضور اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء وجمع غفير من المستثمرين الذين دعتهم جمعية المستثمرين هناك برئاسة هشام على لطرح رؤيتهم على الدولة للخروج من هذه الأزمة.
وأستطيع القول بعد حضورى لهذه الندوة أن المسألة معقدة جدا وفيها أطراف كثيرة وأن جميع الحلول والاقتراحات تصطدم بقضية الأمن القومى التى يسعى القانون لحمايتها فى سيناء مراعاة لكل ما يحيط بهذه المنطقة من اخطار على الأرض وعلى الحدود.. وهى عبارة يرددها المسئولين دون تحديد لمفهوم ومجال الأمن القومى فى هذه المنطقة حتى يستريح المستثمرين.
فالوزيران زعزوع وسالمان أكدا أنهما جاءا للاستماع الى مطالب المستثمرين بشأن اعتراضهما على كثير من مواد القانون والمحافظ خالد فودة أكد أيضا أنه فى محافظته يسعى لتشجيع الاستثمار ولكن الجميع اتفق على ضرورة مراعاة الأمن القومى وهو ما لم يختلف عليه المستثمرون أيضا بل إن أحدهم قال نحن على استعداد أن نبيع مشروعاتنا للدولة بل نبيع «هدومنا» إذا إحتاجت مصر ذلك.. فقط «أفهمونا» ما هى حدود ومتطلبات الأمن القومى فى هذا القانون حتى نستريح وحتى نقرر هل نكمل أم نوقف استثماراتنا مع العلم بأننا نوفر الآلاف من فرص العمل وندفع كل مستحقات الدولة؟
لكن المفاجأة التى وقعت كالصاعقة على المستثمرين وعلى الوزيرين أيضا أن جهاز تنمية سيناء أعد بعض التعديلات المقترحة على القانون بالتنسيق مع الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط دون الرجوع للمستثمرين وربما تكون هذه التعديلات فى طريقها الى مجلس الوزراء ولذلك طالبوا بتأجيلها فورا لأنهم اكتشفوا بعد مراجعتها أنها أسوأ من القانون الأصلى وأسوأ من لائحته التنفيذية وستزيد الأمور تعقيدا.
وهنا تدخل الوزير هشام زعزوع وطالب باستمرار الحوار والخروج بتوجيهات مكتوبة ومحددة من الاجتماع تعرض رؤيتهم فى المواد المراد تعديلها، كما طالب الوزير أشرف سالمان بأن يقترح المستثمرون كتابة رؤيتهم للتعديل من خلال لجنة قانونية اجتمعت بالفعل بعضوية مستشارين ومحامين متخصصين فضلا عن أن المحافظ خالد فوده كان قد كلف مستشاريه فى المحافظة بكتابة ملاحظاتهم على التعديلات على القانون وعلى اللائحة التنفيذية وخاصة التعديلات الأخيرة التى أعدها جهاز تنمية سيناء.
وبالتالى سنكون أمام ثلاث مذكرات بتعديلات للمستثمرين وللمحافظة وللجهاز يذهب بها الوزيران خلال الاسبوعين القادمين للعرض على المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء وعلى المجلس نفسه لرفعها بعد ذلك الى رئيس الجمهورية لإقرار ما يراه من ضرورة إجراء التعديلات استجابة للمستثمرين أو عدم إجراء هذه التعديلات مراعاة للأمن القومى فى قضية التنمية والاستثمار فى سيناء.
والأمر المؤكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو الوحيد الذى يمكن أن يقدر مع الأجهزة السيادية فى الدولة مواءمة مواد القانون لحماية الأمن القومى فى سيناء حتى لا نظل فى حوارات وندوات لا فائدة منها كمن يحرث فى البحر.
والذى لا شك فيه أن المستثمرين جاهزون لأى قرار يصدره الرئيس فى هذا الشأن لأنه فى النهاية سيكون فى مصلحة مصر التى يراها الرئيس من منظور أوسع قد تغيب فيه معلومات كثيرة فى هذا الملف ولا يعرفها إلا الرئيس.. وبالتالى كما قال المستثمرون فى المؤتمر فإنهم مع الرئيس ومع الأمن القومى حتى وان ضحوا بمشروعاتهم أو باعوا«هدومهم».
من هنا فإننا نرى أن هذا القانون يجب أن يتم وضعه تحت تصرف الرئيس بكل مشاكله والاقتراحات بتعديله وكلها تنحصر فى 5 أو 6 مواد من بين مواد القانون وأهمها المواد 2 و3 و4 و7 و10 و12 التى تتحدث عن توفيق الاوضاع خلال 6 شهور وعن تطبيق القانون بأثر رجعى أم لا والتضارب مع اللائحة التنفيذية فى هذه النقطة وحول توريث الأراضى وحاملى الجنسية المزدوجة ومدة حق الانتفاع التى تحددت 30 عاما فقط وكذلك المواد الخاصة بجهاز تنمية سيناء وسلطاته ومجلس إدارته وعلاقته بالمحافظات التى تعمل فى اطارها فى سيناء وهى 5 محافظات: شمال وجنوب سيناء والاسماعيلية وبورسعيد والسويس وفكرة أختيار مدينة العريش مقرا له وهى ليست نقطة وسط لكل هذه المحافظات فضلا عن التعقيدات الكبيرة فى اسلوب عمل الجهاز.
فى النهاية نؤكد مرة أخرى أن الحوار حول هذا القانون لن يحسمه سوى الرئيس عبدالفتاح السيسى.. والمستثمرون فى انتظار كلمته بل يتمنون زيارته الى شرم الشيخ كما أكدوا فى المؤتمر.. ليشرح لهم أن الدولة مهتمة بالاستثمار والتنمية فى سيناء وعلى كل أرض مصر.. ولا سبيل لنا غير ذلك من أجل تحقيق غد أفضل لكل أبناء مصر