خبير آثار .. العيدية طبق مملوء بالدنانير الذهبية فى العصر المملوكى
القاهرة "المسلة"…. أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن العيدية كلمة عربية منسوبة إلى العيد بمعنى العطاء أو العطف وترتبط بالعيد والعيدية لفظ اصطلاحى أطلقه الناس علي كل ما كانت توزعه الدولة أو الأوقاف من نقود فى موسمي عيد الفطر وعيد الأضحى كتوسعة على أرباب الوظائف وكانت تعرف في دفاتر الدواوين بـالرسوم ويطلق عليها التوسعة فى وثائق الوقف وترجع هذه العادة إلى عصر المماليك وكان اسمها "الجامكية" وتم تحريفها إلى كلمة العيدية وكان السلطان المملوكى يصرف راتبًا بمناسبة العيد للأتباع من الأمراء وكبار رجال الجيش ومَن يعملون معه وتتفاوت قيمة العيدية تبعًا للرتبة فكانت تقدم للبعض على شكل طبق مملوء بالدنانير الذهبية وآخرون تقدم لهم دنانير من الفضة وإلى جانب الدنانير كانت تقدم المأكولات الفاخرة وذلك طبقاً لما جاء فى دراسة أثرية لعالم الآثار الإسلامية الدكتور على الطايش أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة .
ويضيف د. ريحان بأن الدراسة ألقت الضوء على عادة توزيع العيدية منذ العصر الفاطمى وكانت توزع مع كسوة العيد خارجا عما كان يوزع على الفقهاء وقراء القرآن الكريم بمناسبة ختم القرآن ليلة الفطر من الدراهم الفضية وعندما كان الرعية يذهبون إلى قصر الخليفة صباح يوم العيد للتهنئة كان الخليفة ينثر عليهم الدراهم والدنانير الذهبية من منظرته بأعلى أحد أبواب قصر الخلافة وقد أخذت العيدية الشكل الرسمى فى العصر المملوكى وأطلقوا عليها الجامكية وحرفت بعد ذلك إلى كلمة عيدية وفى العصر العثمانى أخذت العيدية أشكالاً أخرى فكانت تقدم نقودًا وهدايا كما يحدث اليوم
ويتابع بأن احتفالات عيد الفطر اتخذت صوراً شعبية ورسمية وفى العصر المملوكى كانت مظاهر الاحتفال بالعيد فى صباح اليوم الأول اجتماع أهالى الحى أمام منزل الإمام الذى سيصلى بهم صلاة العيد فى المسجد فإذا خرج إليهم زفوه حتى المسجد وبأيديهم القناديل يكبرون طوال الطريق وبعد انتهاء الصلاة يعودون به إلى منزله على نفس الصورة نفسها التي أحضروه بها وكان الناس يخرجون فى أول أيام العيد فى القاهرة والمدن الأخرى إما إلى القرافات لتوزيع الصدقات رحمة على موتاهم أو للنزهة فى النيل وركوب المراكب ويذهب البعض الآخر لزيارة أقاربهم وأهلهم لتقديم التهنئة لهم كما كان المصريون فى العصر المملوكى يفضلون أكل السمك المشقوق أي السمك المجفف البكلاه.
ويشير للاحتفال الرسمى بالعيد بصعود ناظر دار طراز الخاصة فى آخر أيام رمضان إلى القلعة فى موكب كبير وبصحبته عدداً عظيماً من الحمالين يحملون خلع العيد لحملها إلى السلطان وفى ليلة العيد يدخل الأمراء جميعا على السلطان لتهنئته وفى صباح يوم العيد ينزل السلطان إلى الحوش السلطانى لتأدية صلاة العيد ويسمع الخطبة بجامع الناصر بن قلاوون بالقلعة ويعود إلى الإيوان الكبير المشيد عليه حالياً جامع محمد على حيث يمد سماط حافل للطعام بلغت تكاليفه فى بعض السنوات خمسين ألف درهم وأخيرا يخلع السلطان على الأمراء وأرباب الوظائف كما يفرج عن بعض المساجين .
أما فى العصر العثمانى فكان يبدأ الاحتفال الرسمى بعد فجر يوم العيد حيث يصعد كبار رجال الدولة إلى القلعة ويمشون في موكب أمام الباشا من باب السرايا (قصره) إلى جامع الناصر محمد بن قلاوون فيصلون صلاة العيد ويرجعون ثم يهنئون الباشا بالعيد وينزلون إلى بيوتهم فيهنئ بعضهم بعضا .
وفي ثان أيام العيد ينزل الباشا للاحتفال الرسمى بالعيد حيث يجلس في الكشك المعد له بقراميدان (ميدان القلعة) وقد هيئت مجالسه بالفرش الفاخروالمساند الجميلة والستائر الفخمة وتقدم القهوة والمشروبات وقماقم العطور والبخورويأتى رجال الدولة للتهنئة