وزيرة سياحة تونس تسعى لاستعادة مكانة البلاد سياحيا رغم التهديدات الإرهابية
تونس "المسلة"…. وزيرة السياحة التونسية الجديدة منشغلة أكثر بإنقاذ القطاع السياحي من السماح للإرهابيين بتثبيط عزيمتها.
وبدأت آمال كربول في إنجاز خطة طموحة لاستعادة مكانة البلاد كأول وجهة للسياح المغاربيين والأوروبيين.
وتمر السياحة التونسية بفترة عصيبة، خاصة بسبب المخاوف الأمنية. الوزيرة تعي ذلك جيدا، واعترف إرهابيان اعتُقلا هذا الشهر في صفاقس بالتخطيط لاغتيالاها.
المشتبهان لهما صلة بالدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش )، حسب ما أوردته آخر خبر .
وحتى مع الكشف عن استهدافها بمؤامرة اغتيال، تبقى وزيرة السياحة متفائلة، وتدعو إلى تضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص من أجل إنقاذ السياحية التي تساهم بنسبة 7 في المائة في إجمالي الناتج الوطني ونحو 380 ألف منصب شغل بحسب مغاربية.
وفي تصريح لها خلال اجتماع الجامعة التونسية للنزل (اتحاد أصحاب الفنادق) يوم 10 يونيو، قالت كربول "يتعين على كل واحد منا القيام بما هو ضروري لضمان جودة الخدمات المعروضة على السياح الأجانب والمحليين".
وجاء هذا الاجتماع بعد يوم واحد من إصدار الجامعة بيانا شديد اللهجة تعبر فيه عن استيائها من بطء انتعاش القطاع.
وتعتبر السياحة عصب الاقتصاد التونسي وأحد روافد التنمية الاجتماعية. وإذا كان القطاع يعاني، فإن تداعياته ستكون متعددة الأبعاد.
ويعقد المهنيون في الجامعة التونسية للنزل أملهم على الدستور الجديد وتغيير الحكومة لمسح ما أسموه "الصورة السيئة التي خلقتها ثلاث سنوات من الاضطرابات".
وأضاف المهنيون " الجامعة التونسية للنزل كانت مقتنعة بأن السياحة التونسية ستستأنف نموها المتوقع. لكن من الواضح بعد خمسة أشهر أننا أهدرنا هذا الرأسمال، ذلك أن النتائج لم تكن في الموعد".
وتستهدف وزيرة السياحة 7 مليون سائح هذا الموسم، وهو ما سيساعد على ضخ أموال في ميزانية الدولة وتوفير فرص شغل جديدة.
وقالت كربول لمغاربية إن الهدف سيتحقق من خلال تحسين جودة التكوين، وتلميع صورة تونس في الخارج وتنويع المنتوج السياحي والتوجه نحو الاستثمار في السياحة المحلية.
وأظهر القطاع بعض المكاسب المتواضعة.
وحيدة جعيط، المديرة العامة للديوان الوطني للسياحة التونسية، قالت في هذا الصدد "شهد الربع الأول من 2014 زيادة بنسبة 4.5 في المائة في عدد الزوار بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 2013، وذلك بفضل الإقبال الكبير للسياح المغاربيين، خاصة الجزائريين".
وتضيف جعيط "عدد السياح الذين زاروا تونس خلال هذه الفترة ناهز مليون و110 ألف سائح وهو بذلك يقترب من المستوى المسجل خلال نفس الفترة من سنة 2010 السنة المرجعية بالنسبة للسياحة التونسية".
لكن حدوث تحول حقيقي في القطاع يعتمد على الأمن.
رئيس الجامعة التونسية للنزل رضوان بن صالح قال في تصريح لمجلة أفريكان مناجر يوم 15 يونيو أنه تم تقديم دورات تكوينية وأجهزة مراقبة مؤخرا لضباط الأمن العاملين في الوحدات الفندقية.
وأضاف بن صالح "الأمن في البلاد شهد مؤخرا تراجعا مقلقا، تناقلته للأسف وسائل الإعلام الأجنبية. وهذا من شأنه أن يعطل وتيرة نمو القطاع".
ويتفق رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار محمد على التومي مع ذلك، مشيرا إلى أن تحسن الأمن "من شأنه أن يدعم القطاع السياحي التونسي ويساهم في استقطاب المزيد من السياح الأجانب".
وتعترف الحكومة بأن استعادة الأمن ليست بالمهمة السهلة.
وفي تصريح للمجلس التأسيسي يوم 23 يونيو، قال وزير الداخلية لطفي بن جدو "في كل يوم، يتم توقيف مشتبهين ومصادرة أسلحة ومتفجرات وإحباط عمليات إرهابية".
فخلال الخمسة أشهر الأولى فقط من 2014، سُجلت نحو 687 قضية إرهابية، وتم توقيف 256 شخص في صلة بالجهاد السوري، وقضت قوات الأمن على 17 إرهابيا وأحبطت 12 هجوما إرهابيا حسب بن جدو.
انعكاس تداعيات الأوضاع الليبية على تونس
ويبقى الهاجس الأمني أكبر مصدر قلق للعاملين في قطاع السياحة في تونس.
مصطفى تاج، 41 سنة، قال "تونس ليست ليبيا أو الجزائر. فنحن لا نملك الغاز والبترول لكن نملك بلدا جميلا يمكن استغلاله في تحسين القطاع السياحي".
ويضيف قائلا "لكننا، مع تواصل التهديد الإرهابي على تونس وخاصة استمرار تأزم الوضع في ليبيا، لن نستطيع تحقيق المطلوب وإرجاع السياح إلى تونس".
غير أن محنة البلاد تكمن في أن تونس رهينة الوضع الأمني في ليبيا حسب الخبراء.
وهو ما أكده رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل ناصر بن سلطانة، الذي يقول بأن "اضطراب الأوضاع الأمنية في ليبيا ستكون له تداعيات خطيرة على الوضع الأمني في تونس".
وأضاف "سيسعى الإرهابيون لاستغلاله لتفجير الوضع في البلاد التونسية وفتح جبهات لإدخال المنطقة في دوامة عدم الاستقرار".
عفيف الكشك، صاحب فندق في العاصمة تونس، قال "إن التصدّي إلى أي هجوم إرهابي مهمة لا يمكن لأعوان الأمن العاديين القيام بها"، مشيرا إلى "أنهم لا يملكون السلاح وهم غير مؤهلين أصلا لذلك". وأضاف الكشك "توجد تجهيزات مثل كاميرات بالأشعة تحت الحمراء التي تكشف أي تحرك في الظلام لكن للأسف تركيبها في النزل مكلف جدا".
وقال لمغاربية "رغم كل الصعوبات تبقى تونس الوجهة المفضلة للعديد من السياح الأوروبيين إذ يصل عددهم سنويا إلى مليون ونصف سائح".
هاشم حوّات، نادل بإحدى الوحدات السياحية، يبدي هو الآخر تفاؤلا حول انتعاش القطاع.
وقال "لقد كان دخلي قبل الثورة يعادل ثلاث مرات دخلي الآن. لكن رغم كل هذا سيتحسّن الوضع وتتعافى تونس من شبح الإرهاب ومن التوترات السياسية".
مروى بوراوي، تعمل في فندق بجربة، وتتحدث عن تجربتها الشخصية حول التقدم الذي يشهده القطاع.
وتقول الشابة "بعد تخرجي، حصلت على عمل جيد بأحد النزل الكبيرة. لكن بعد الثورة تم تسريح العديد من الموظفين والعمال وكنت واحدة منهم، مما جعلني أعيش البطالة لمدة طويلة".
وتضيف "الحمد الله لقد عثرت على عمل آخر وهذا دليل على أن الوضع السياحي في تونس تعافى و سيعود أفضل مما كان عليه".
ولا يرقى عدد السياح الأوروبيين إلى المستوى المطلوب فيما يواصل الزوار من الدول المغاربية توافدهم على تونس.
بالنسبة للسائح الجزائري معز بوغذروف فإن جاذبية تونس تكمن في "جمال البلد وحسن الضيافة والخدمات الرائعة وأيضا القرب الثقافي والجغرافي".
ويقول "صحيح أنني امتنعت عن المجيء في السنة التي تلت الثورة لكن رجعت لأن الوضع الأمني تحسّن كثيرا ولا داعي إلى الخوف".
أما السائح الليبي صلاح مصراطي فيزور البلاد كل شهر للتسوق.
وقال لمغاربية "إنها وجهتنا المفضلة. ثم إن الوضع المتأزم في ليبيا يجعلنا نفكر أحيانا في مغادرتها كليا إلى تونس".