Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

بين التعليم والتدريس بقلم د محمد فتحى راشد الحريرى

بين التعليم والتدريس

بقلم: د محمد فتحي راشد الحريري

انشغل الباحثون التربويون منذ فترة ليست بالقصيرة ببيان الفروق بين التدريس والتعليم …فمن قائل أن التدريس أشمل، ومنهم من قال العكس تماما،، بعض الباحثين يعتبر التدريس هو ما يتعلق بالجانب المعرفي وحسب، في حين يعتبر التعليم منصبا على هذا الجانب مضافا اليه الانشطة والمهارات والخبرات وكل ما له علاقة بالعملية التعليمية …



والواقع أن المسألة مسألة تحرير المصطلح، وكما يقول القصاصون، هي بيد الباحث مثله مثل الفخاري (صانع الفخار) فهو بعد تصنيعه للجرار الفخارية يضع الآذان كيفما شاء وحسبما رغب ….



وهنا أيضا الباحث لدى بحثه لابد من تحرير محل البحث فيجعل التدريس أعم وأشمل، أو التعليم وهكذا دواليك ….
يرى بعض الباحثين أن التعليم هو العملية المنظمة التي يمارسها المعلم بهدف نقل ما فى ذهنه من معلومات ومعارف إلى المتعلمين (الطلبة) الذين هم بحاجة إلى تلك المعارف والمعلومات.


وفي التعليم نجد أن المعلم يرى أن في ذهنه مجموعة من المعارف والمعلومات ويرغب في إيصالها للطلاب لأنه يرى أنهم بحاجة إليها فيمارس إيصالها لهم مباشرة من قبله شخصيا وفق عملية منظمة ناتج تلك الممارسة هي التعليم، ويتحكم في درجة تحقق حصول الطلاب على تلك المعارف والمعلومات المعلم وما يمتلكه من خبرات في هذا المجال. بينما يرى أن التريس إجرائيا هو” نظام من الاعمال، مخطط له يقصد به أن يؤدى إلى تعلم ونمو الطلبة فى جوانبهم المختلفة، وهذا النظام يشتمل على مجموعة من الأنشطة الهادفة يقوم بها كل من المتعلم والمعلم ويتضمن هذا النظام ثلاثة عناصر هي المعلم والمتعلم والمحتوى الدراسى ، وهذه العناصر ذات خاصية متطورة (دينامية) "كما أنه يتضمن نشاطا لغويا هو وسيلة اتصال أساسية بجانب وسائل الإتصال الصامتة ‘والغاية من هذا النظام إكساب الطلبة المعارف والمهارات والقيم والأتجاهات والميول المناسبة، وهو ما يدعى في علم التربية بالأهداف الوجدانية للعملية التربوية عموما، وللحصة الدرسية على وجه الخصوص …


والتدريس ايضا هو موازنة دقيقة بين أهداف المحتوى والاستراتيجيات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، والخبرات التى يجلبها المدرسون معهم إلى مواقف التعلم والبيئة الاجتماعية التعليمية (بيئة الدرس والتعليم).



لكن هل حسمت المسألة وانتهى الامر بهذه البساطة؟؟
أقول: لم تحسم، فلابد من الاحتكام الى منطق الجذور في لغة القرآن الكريم، وأشعار العرب وأمثالهم واستعمالهم للجذرين (درس) و (ع ل م).



الجذر (د ر س): جاء في القرآن الكريم قوله تعالى:
((ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون)) آل عمران 79
 فالربانيون هم التربويون العلماء الحلماء الحكماء ال ……. الخ الصفات التي تقربهم من الرب تعالى شأنه، مما جعلهم منسوبين اليه. أما تدرسون فتعني (تحفظون وتفقهون)، وورد الجذر (د ر س) في كتاب الله أيضا:



قال تعالى:) ودرسوا ما فيه ([الأعراف / 169]، وقال:) بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ([آل عمران / 79]،) وما آتيناهم من كتب يدرسونها ([سبأ / 44]، وقوله تعالى:) وليقولوا درست ([الأنعام / 105]، وقرئ:) دارست ((وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو راجع: الإتحاف ص 214) أي: جاريت أهل الكتاب، وقيل:) ودرسوا ما فيه ([الأعراف / 169]، تركوا العمل به، من قولهم: درس القوم المكان، أي: أبلوا أثره، ودرست المرأة: كناية عن حاضت، ودرس البعير: صار فيه أثر جرب …



درس ولدى العرب، درست الدار معناه: بقي أثرها، وبقاء الأثر يقتضي انمحاءه في نفسه، فلذلك فسر الدروس بالانمحاء، وكذا درس الكتاب، ودرست العلم: تناولت أثره بالحفظ، ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن إدامة القراءة بالدرس، ولدينا الثوب الدارس الذي محيت رسومه، والآثار الدوارس الممحية.



أما مادة العلم فقد وردت في كتاب الله بكثرة كاثرة، وهي بمجملها أشمل من الدرس الذي عقدت بينه وبين الانمحاء مشاكلة واضحة .. وكل هذا يدفعنا للتأكيد أن العلم والتعليم أشمل وأعم من التدريس المنصب جذوريا على الجانب المعرفي فقط، فإذا أضفت اليه الجانب الوجداني والمهاري والخبرات التراكمية والتجارب العلمية وما يقتضيه من عناصر في البيئة التعليمية وما حولها وما يتعلق فيها، فأنت الآن في خضم التعليم … لذلك وصف النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام بالمعلم، ومعلم الناس الخير، ولم يوصف بالمدرس!



وصلى الله على معلم الناس الخير وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله