سياحة الثقافة في دبي تجربة محلية بمعايير عالمية
دبى " المسلة " … تجاوز مفهوم السياحة لا سيما في نهاية القرن العشرين، المعنى التقليدي ببعديه الجغرافي والتاريخي ليشمل الثقافة والفنون المعاصرة، وليبحث السائح خلال إعداد رحلته عن الفعاليات والأنشطة والمعارض التي ترضي شغفه واهتمامه، كالتعرف على ثقافات وفنون البلدان الحديثة التي يزورها.
وبهدف جذب أعلى نسبة من السائحين، تنوعت المعارض والفعاليات لتتجاوز المفهوم التقليدي، لتشمل مختلف الاهتمامات من الموسيقى والمسرح إلى الفنون البصرية والأنتيكة. وما ساهم في انجاح وازدهار سياحة الثقافة المعاصرة، الجدوى الاقتصادية بالنسبة للسائح فإلى جانب قضائه وقتاً نوعياً مع عائلته، باستطاعته التعرف على فنون البلد التي يتواجد فيها وبيئة البلدان المحيطة بها.
ومثال على ذلك سياحة الثقافة في دبي التي ازدهرت في السنوات العشر الأخيرة ابتداء بمعرض «آرت دبي» العالمي ومزادات كريستيز للأعمال الفنية الشرق أوسطية، ليتحول شهر مارس بأكمله إلى تظاهرة فنية شاملة لمختلف الفنون البصرية المعاصرة والحديثة والكلاسيكية إلى جانب الفنون الأخرى كالمسرح والموسيقى والسينما.
فرصة استثنائية
وتقدم مثل هذه التظاهرة الفنية السنوية، فرصة استثنائية للسائحين الذين يتملكهم شغف الفن بأنواعه، فبين ربوع الإمارات وفنادقها وأسواقها ومرافقها الاستثنائية بخدماتها، يتاح للسائح أن يتعرف تحت مظلة «موسم دبي الفني» على بانوراما فنون منطقة الشرق الأوسط من خلال العديد من الفعاليات، منها معرض «آرت دبي» الذي يقدم أحدث نتاج الفنانين الذين لا تزال شرارة الإبداع تتأجج في داخلهم، ليستقرئ المقتنين والخبراء والمستثمرين في أعمالهم، ما يراهنون عليه في المستقبل.
ويتجلى مشهد سياحة الثقافة في إحصائية عدد الزائرين للمعرض بين عامه الأول الذي بلغ أربعة آلاف زائر وبين دورته الثامنة التي وصل فيها عددهم إلى 25 ألف زائر، بينهم 70 مجموعة متحفية، و400 قيم وممثل للمقتنين والمؤسسات الفنية، بواقع مشاركة 85 صالة عرض مقابل 40 صالة عرض في الدورة الأولى.
حداثة
أما الراغبون في اقتناء أعمال لفنانين معينين من زمن الحداثة أو الزمن المعاصر، فيجدون في مزادات كريستيز الفنية التي تنظم بواقع مزادين في العام الواحد بدبي، أعمالاً فنية قيّمة ذات مصداقية خاصة لفناني مرحلة الحداثة. كما شملت هذه المزادات مبيعات الساعات النادرة لأشهر الماركات العالمية، والتي لاقت إقبالاً من شريحة واسعة سواء من أهل الإمارات أو من خارجها.
موسم الفنون
ساهمت مبادرة «كريستيز» في تعديل تاريخ مزادها ليندرج ضمن «موسم دبي للفنون»، في اجتذاب شريحة واسعة من المهتمين والمقتنين، وتجلى ذلك في ارتفاع نسبة المبيعات التي وصلت حصيلة بيعها إلى أكثر من 10.6 ملايين دولار أميركي بزيادة قدرها 65 % مقارنة بحصيلة مزاد السنة الماضية.
وتشمل هذه الظاهرة الفنية الأشبه بالكرنفال في دبي والتي تعتبر تجربة رائدة في منطقة الشرق الأوسط، تنافس الغاليريهات في افتتاح معارضها خلال هذا الموسم بتقديم أعمال لفنانين استثنائيين، تبعاً لتخصص كل غاليري فمنها من تستضيف الفنانين العرب، أو المحليين أو الأجانب، مع تخصص أغلبها بمحور من الفن، كالتصوير الفوتوغرافي أو الفن التجريدي أو المفاهيمي والتركيبي، وغيرها.
تنوع وغنى
ساهم في تعزيز تنوع وغنى ثقافة السياحة في دبي بمعايير عالمية، انطلاقة معرض «أيام التصميم دبي»، قبل ثلاث سنوات والمختص بالتصاميم الفنية والمقتنيات محدودة الإصدار في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، الذي أسس فصلاً جديداً في المشهد الثقافي والفني لإمارة دبي. ويمكن رصد الإقبال الواسع لأعداد الزوار من الخارج من خلال إحصائيات الدورة الثالثة التي سجلت زيادة قدرها 10 % في أعداد الزائرين والمبيعات القياسيّة مقارنة بالدورة السابقة.
نبض الساحة
كما شكل معرض «سكة» للفنانين الشباب المحليين والمقيمين، محور جذب إضافي، حيث يحرص المعنيون من الخبراء والمقتنين والأكاديميين على تلمس نبض الساحة الفنية عند الشباب واستقراء تحولات الحركات الفنية وأساليب ترجمة الفنانين الواعدين لرؤيتهم وتفاعلهم مع الواقع عبر مختلف وسائط الفنون المعاصرة والحديثة والتقليدية.
ثقافة حياة
تعكس سياحة الثقافة، توسع وتنوع اهتمامات الناس بالثقافة التي خرجت عن نمطها التقليدي لتشمل ثقافة الحياة من منظور واسع يعكس هوية المكان والإنسان من الفنون والتصميم إلى الطهي واللغات وتطوير الذات والتأمل الروحي والرياضة. وترك تطور المفهوم الثقافي أثره على سوق السياحة العالمي، حيث بدأت العديد من البلدان في تقديم منتجات ثقافية إبداعية لها خصوصيتها وفي الوقت نفسه شموليتها.
المصدر : البيان