Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

«السماء المفتوحة».. مغنم سياحي أم تهديد؟

مؤتمر الجامعة التونسية لوكالات السفر والسياحة على أبواب المفاوضات مع أوروبا


«السماء المفتوحة».. مغنم سياحي أم تهديد؟

 

مخاوف أمنية وتوجس اقتصادي وآمال بتجاوز التحدي نحو «غنائم» السياحة، تلك أبرز عناوين مداولات المؤتمر الذي عقدته الجامعة التونسية لوكالات االسفر والسياحة في فندق رمادا بلازا في العاصمة التونسية الأسبوع الماضي، لإثارة أوسع نقاش بشأن استحقاق «اتفاقية السماء المفتوحة» عبر ثلاث جلسات، كانت دولة الإمارات حاضرة في لوحة رعاة المؤتمر عبر «طيران الإمارات».

 

كما هي كل الاتفاقات المرتبطة بالعولمة، فإن وجهتي النظر بين متفائل ومتوجس ظهرت عبر المداخلات والنقاشات، لكنها كلها لم تخرج عن إطار «القادم الذي لا يرد»، وتالياً ذهب جل وقت المؤتمر إلى تمحيص طرق الاستعداد لهذا القادم بما يلبي الطموحات ويقلل من حجم المخاطرة على اقتصاد تونس الذي بدأ تواً التعافي.

 

التجربة المغربية

 

رئيس الجامعة التونسية محمد علي التومي، بدأ المؤتمر بكلمة مقتضبة حرص على طمأنة الشركات والوكالات التونسية المعنية بقطاع السياحة بشأن مخاوفها من تضرر مصالحها من اتفاقية السماء المفتوحة المطروحة بين تونس والاتحاد الأوروبي.

 

ورغم وصف التومي هذ المخاوف بالمشروعة لكنه شدد على ضرورة وضع كل الآليات الكفيلة بجعل المنافسة منظمة في أطر عادلة ولا سيما أن الانضمام إلى الاتفاقية سيكون متدرجاً ما يمكن من تصويب المسار، فضلاً عن إشراك أوسع طيف مهتم بهذا القطاع في النقاشات الخاصة بالاتفاقية.

 

ولفت التومي إلى فوائد «السماء المفتوحة» بين تونس وأوروبا التي من شأنها أن تنشط الحركة الملاحية والسياحية، مشيراً إلى تجربة المغرب في هذا الإطار.

 

شهادات

 

أبرز المتحدثين في الجلسة كانت وزيرة السياحة أمل كربولي، التي حرصت على الموضوعية في حديثها بدعوتها في ظل الظرف التونسي الراهن إلى «استكشاف الفرص بدل تقليب المخاوف»، مشددة على حاجة البلاد إلى اتفاقية السماح المفتوحة «لكن مع الأخذ في الاعتبار المخاوف الأمنية» المصاحبة للاتفاقية، مرحبة في هذا الصدد بـ«مشاركتنا الأخوة في مملكة المغرب خبرتهم في هذا المجال»، وحرصت على الاستشهاد بشهادات أجنبية عن تحسن الوضع الداخلي في تونس بعدما عصفت الهزات السياسية بالسياحة التونسية.

 

بعد كلمة الوزيرة توالت المداخلات التي حملت ملاحظات أو عقبات في طريق تفعيل القطاع السياحي التونسي على النحو المأمول، وأبرزها تمركز المواقع السياحية في مناطق محددة وضرورة توزيعها تنموياً على كل المناطق أضاف إلى إعادة النظر في التشريعات لتناسب «السماء المفتوحة» التي باتت أمراً لا مفر منه ولا مناص من الاستعداد له مع الأخذ في الاعتبار أنه تمت بالفعل عملية إعادة هيكلة القطاعات المعنية بالاتفاقية.

 

الـ«خطوة خطوة»

 

في الاستراحة حاولنا الحصول على تعليق من الوزيرة كربول لكنها كانت على عجل أو سفر فأحالتنا معتذرة إلى مدير عام الديوان الوطني للسياحة وحيدة جعيد التي بدت «بورقيبية الهوى» باعتقادها بجدوى سياسة الخطوة خطوة التي قالت «لدينا مصلحة في هذه الاتفاقية وعلينا التركيز أكثر في بلورة اسم شهرة سياحي لبلدنا وتوسيع النشاط السياحي خارج الإطار الضيق للطيران».

 

ولفتت جعيد إلى أن ملامح الاستقرار السياسي في تونس عبر تبني دستور جديد وتشكيل حكومة تكنوقراط، أنعشت القطاع السياحي الذي كان توقف تماما، وذلك عبر استعادة بعض الأسواق كألمانيا وإيطاليا وبريطانيا.

 

تجميع

 

كمال بن ميلاد مديرعام الطيران المدني التونسي، الذي يوصف بأب ملف اتفاقية السماء المفتوحة مع الاتحاد الأوروبي تحدث من على المنصة بتفاصيل كثيرة لكي يعلم الجميع بحقيقة الوضع على أبواب الجولة الثالثة من هذه المفاوضات المقررة في 26 و27 يونيو الجاري، موضحاً أنه في الجولات السابقة اشترطت بلاده على الأوروبيين «المحافظة على المكاسب التونسية الاتفاقيات الثنائية والمحافظة على نسبة السوق التي حصلت عليها تونس، وتعهد الطيران الأوروبي بتأهيل الطيران المدني التونسي، وهو ما قبله الأوروبيون.

 

وأوضح بن ميلاد لـ«البيان» على هامش المؤتمر «لدينا 24 اتفاقية مع 24 دولة أوروبية، وببساطة نريد استبدالها باتفاقية واحدة هي السماء المفتوحة، بعد التأكد من أنها ستكون لمصلحتنا وتستبعد كل مخاوفنا»، كم أن لدينا 18 اتفاقية مماثلة مع دول عربية.

 

أضاف «آمل بحق أن تشهد المرحلة المقبلة بلورة خطط سياحية مشتركة مع أشقائنا في الخليج العربي ودولة الإمارات، الأمر الذي يمكننا جميعاً من الاستفادة من ميزاتنا التنافسية».

 

فرصة لا تهديد

 

الصوت الأوروبي الأبرز في المؤتمر كان لرئيسة وفد الاتحاد الأوروبي في تونس لورا بايرا، التي بدت معنية في وضع الأمور في نصابها «اتفاقية السماء المفتوحة هي فرصة لأوروبا لا تهديد لها، ببساطة لأنها مقصورة على المجال السياحي«، لكنها اعترفت أنه تجري في أوروبا حالياً نقاشات أمنية بهذا الخصوص، لكن المحاولات مستمرة لما وصفته «تحرير المسافر من نقطة سفر واحدة».

 

ولفتت المسؤولة الأوروبية إلى أن «السياحة قطاع استراتيجي لتونس ويمكن لهذا البلد مضاعفة دخله من هذا القطاع إن اعتمدت السلطات المختصة سياسة تنويع السياحة من مثل: سياحة الصحراء وسياحة المتاحف والمنتجعات».

 

وفي هذا الصدد نوهت بايرا بالتجربة المغربية قائلة: «حالياً نعتمد على الطيران المغربي لاستكشاف إفريقيا بعد نجاح هذا الطيران في الاتجاهين».

 

هجوم «إيرفرانس»

 

نائب رئيس النقل في شركة «إيرفرانس» ريتشارد سوبيل، حرص من جهته على خلط الحكمة باللغة التجارية «الاستراتيجية الدفاعية تتحول إلى استراتيجية هجومية فاعلة إذا امتلكت رؤية».

 

أضاف «ونحن نعمل بهدوء لكن بثقة من أجل السماء المفتوحة. العامل الحاسم ليس فقط المطارات واستعدادات الفنادق، بل مستوى الخدمات أولاً وثانياً وثالثاً، ونحن نامل بالوصول إلى 12 مليون مسافر مشترك مع تونس في العام 2020».

 

طائرات غير مسلحة سوى بحق المراقبة والاستطلاع

 

اتفاقية الأجواء المفتوحة أو السماء المفتوحة دخلت حيز التنفيذ في الأول من يناير 2002، وتضم حالياً نحو 34 دولة.

 

تهدف الاتفاقية إلى تعزيز التفاهم المتبادل والثقة من خلال منح جميع المشاركين، بغض النظر عن الحجم، دوراً مباشراً في جمع المعلومات عن المناطق التي تهمهم. وهي واحدة من الجهود الأوسع نطاقاً على الساحة الدولية لتعزيز الانفتاح والشفافية.

 

أول من اقترح المفهوم الأصلي للمراقبة الجوية المتبادلة هو الرئيس الأميركي الأسبق إيزنهاور في عام 1955، وأعاد إحياءها الرئيس جورج بوش الأب في عام 1989.

 

تم التفاوض من جانب أعضاء منظمة حلف شمال الأطلسي آنذاك وحلف وارسو، ووقعت الاتفاقية في هلسنكي الفنلندية في 24 مارس 1992، لمدة عشر سنوات. ومنذ عام 2002 نفذت أكثر من 840 رحلة رقابية على أراضي الدول الموقعة بنجاح ومن دون إشكالات.

 

هذه الاتفاقية غير محددة المدة ومفتوحة لانضمام دول أخرى، والطلبات المقدمة من الدول المهتمة بالانضمام تخضع لقرار بتوافق الآراء من قبل «لجنة فتح الأجواء الاستشارية» ومقرها العاصمة النمساوية فيينا.

 

تنص الاتفاقية على تغطيتها أراضي أطرافها السيادية بما في ذلك اليابسة والجزر، والمياه الداخلية والإقليمية، ولا تقتصر عمليات المراقبة التي تتم بطائرات غير مسلحة بأي نوع من الأسلحة على العمليات المتعلقة بسلامة الطيران.

 

وقد يبدو أمراً يصعب تصديقه، لكن بموجب الاتفاقية تستطيع الولايات المتحدة إطلاق طائرة استطلاع عسكرية غير مسلحة نحو أي مكان فوق روسيا والدول الأخرى الموقعة، لكن شريطة إخطارها قبل ذلك بـ 24 ساعة فقط بخطة الطيران المقررة، وروسيا الاتحادية بدورها لديها حق في إطلاق طائرات للتصوير الجوي فوق الولايات المتحدة والدول الأخرى الأعضاء.

 

ومن شأن هذه الاتفاقية تمكين الدول من التغلب على مشاعر القلق إزاء نيات الدول الأخرى وإمكاناتها، كما أن طائرات الاستطلاع غير المسلحة يمكنها توفير عينات جوية (غازات ودقائق أو ذرات) لا يمكن الحصول عليها عن طريق الأقمار الصناعية، وأيضاً قد تكون الاتفاقية ذات قيمة عالية للغاية في عملية رسم خرائط انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

 

كذلك قد تعود بالنفع عبر كشف الجهود السرية الهادفة إلى انتهاك قيود المعاهدة الخاصة بأنشطة التسلح، والمتعلقة بمجال البيئة.

 

استراتيجية

 

وزير النقل التونسي لـ«البيان»: متعطشون للسياحة الإماراتية

 

أيضاً من أبرز المتحدثين في المؤتمر وزير النقل التونسي شهاب بن أحمد، الذي بدا أكثر تحمساً لـ«السماء المفتوحة»، بوصفها خياراً استراتيجياً لتونس وليست مجرد تفكير، وقال جازما «ماضون في طريق التوقيع على اتفاقية السماء المفتوحة ولن نتراجع عن ذلك».

 

وفي الردهة بعد الكلمة، بدا طموح بن أحمد لا يحد وقال لـ«البيان» إنه ليس راضياً تماماً عن مستوى التعافي الاقتصادي والسياحي من الأزمة السياسية في تونس، ليس لأن ما تحقق قليل بل لأنه لا يرقى لطموحاتي العالية»، لافتاً إلى «التطوير السياسي المتدرج الجاري في البلاد ليصل إلى المستوى الذي يلبي الطموحات ويكون قاطرة ترفع من مستوى قطاعات الاقتصاد المختلفة».

 

وفي ما يخص السياحة العربية البينية، قال الوزير التونسي «نحن متعطشون بالفعل للسياح العرب الخليجيين عموماً والإماراتيين خصوصاً».تحديات

 

مخاوف من الخسارة والتنافس المنفلت

 

حملت النقاشات مخاوف وتحديات ليست هينة في وجه «السماء المفتوحة» من أبرزها خسارة بعض الأسواق، والتنافس المنفلت الذي سيولد هيمنة شركات الأسعار المنخفضة، وكذلك الدور التسلطي لمشغلي خدمات السياحة، فضلاً عن افتقاد المطارات غير الرئيسية للخدمات المناسبة.

 

كذلك أشارت مداخلة إلى مسألة بحاجة للتوقف عندها: بالتأكيد سينجم عن اتفاقية السماء المفتوحة زيادة أعداد السياح، لكن فترة الإقامة في الفنادق ستقل لأن السائح غير مقيد بنقطة سفر واحدة، وهو ما قد يدفع الفنادق إلى الاستماتة في تقديم العروض واستخدام الحجز الإلكتروني.

 

كما أن أكبر تحد أمام وكالات السياحة والسفر هو محرك البحث «غوغل»، وذلك في ظل تقدم وعي السائح وتطور الخدمات الإلكترونية عبر الهواتف الذكية وغيرها، فبات في وسع هذا السائح أن يبحث عما يريد ويحجز من دون الحاجة إلى هذه الوكالات.

المصدر : البيان

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله