رئيس الوقف المسيحي بالعراق: منعنا الحج الى فلسطين حتى لانثير المتطرفين
بيروت "المسلة"…. وصل البطريرك العراقي روفائيل ساكو الى عمان أمس وسيكون برفقة بطريرك الطائفة المارونية اللبناني بشارة الراعي في استقبال بابا الفاتيكان فرنسيس ومرافقيه في زيارته الى القدس في سابقة أثارت جدلا وامتعاضا من قبل حزب الله الذي يعارض الزيارة.
وقال رعد كه ججي رئيس ديوان الوقف المسيحي في العراق ل الزمان ان البطريرك ساكو وصل الى عمان أمس وسيكون في استقبال بابا الفاتيكان في عمان لكن كه ججي استدرك قائلا ان البطريرك ساكو لن يتوجه الى القدس برفقة البابا خشية تعرض الكنائس ودور عبادة المسيحيين في العراق الى هجمات جديدة من المتعصبين الذي نفذوا الهجمات السابقة.
وقال كه ججي ان المسيحيين في العراق يدعمون زيارة البابا الى القدس. وأضاف ان الالاف من مسيحيي الشرق هاجروا من بلدانهم بسبب الفتنة الطائفية وانهم سيتلقون دعم من بابا الفاتيكان خلال هذه الزيارة.
وشدد ان الاوضاع قلقة في المنطقة وهناك خشية من تعرض زيارة البابا الى القدس الى تفسيرات خاطئة في العراق. وكشف رئيس ديوان الوقف المسيحي ل الزمان ان الوقف المسيحي بالتنسق مع رؤساء الطوائف المسيحية في العراق وبينهم البطريرك ساكو قرر عدم السماح للعراقيين بالحج المسيحي وزيارة القدس وبيت لحم وباقي المناطق المقدسة في فلسطين خشية تعرض المسيحيين لانتقامات من المتطرفين تشمل تفجير كنائسهم وتعرضهم للاغتيالات.
وقال ان القرار اتخذ نظرا للظروف غير الجيدة وله علاقة باسرائيل. وقال كه ججي ل الزمان ان الحكومة العراقية تلقت طلبات من المسيحيين بالسماح لهم باداء الحج الى فلسطين.
واضاف ان الحكومة حولت الينا هذه الطلبات للبت فيها فكان القرار الذي اتخذناه ان الوقت غير مناسب لاداء الحج السيحي. وقالت الوكالة الوطنية اللبنانية للاعلام الرسمية غادر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بيروت، متوجها الى الاردن والاراضي المقدسة … عن طريق عمان … حيث سيواكب زيارة البابا فرنسيس .
واوضحت ان الراعي توجه مباشرة الى الطائرة دون الادلاء بأي تصريح ، علما ان البطريرك يدلي عادة بتصريحات مقتضبة قبيل مغادرته وفور عودته، من صالون الشرف في مطار العاصمة اللبنانية. وتعتبر الزيارة، وهي الاولى من نوعها منذ نشوء دولة اسرائيل، ذات حساسية في لبنان الذي لا يزال رسميا في حالة حرب مع الدولة العبرية. وأبلغ وفد من حزب الله البطريرك الاسبوع الماضي بان الزيارة ستكون لها تداعيات سلبية .
كما انتقدت الزيارة وسائل اعلام قريبة من الحزب، متحدثة عن تطبيع مع اسرائيل، وواصفة اياها ب الخطيئة التاريخية . الا ان الراعي رد على منتقديه بحزم، مشددا على انه لا يذهب الى اسرائيل بل الى الاراضي المقدسة لتفقد شعبه ورعيته. وسيتخلل الزيارة لقاء بين الراعي ولبنانيين غادروا البلاد بعد الانسحاب الاسرائيلي العام 2000، خشية تعرضهم للملاحقة او لعمليات ثأرية بسبب تعاملهم مع اسرائيل ابان احتلال جيشها لاجزاء من جنوب لبنان منذ العام 1982. ولن يكون الراعي في عداد الوفد الرسمي الذي سيرافق البابا خلال زيارته الى الاردن واسرائيل والاراضي الفلسطينية بين 24 و26 ايار»مايو، بل سيكون في استقباله في الاردن، ثم في بيت لحم والقدس.
من جانبه أعلن أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين ان الزيارة التي سيقوم بها البابا فرنسيس الى الاراضي المقدسة بين 24 و26 الشهر الحالي لها ايضا بطريقة ما طابع سياسي ، حتى وان كان الحبر الاعظم نفسه اكد انها زيارة دينية بحتة .
وقال وزير خارجية دولة الفاتيكان والرجل الثاني فيها في مقابلة بثها مركز التلفزة الفاتيكاني سي تي في ان هذه الزيارة يمكن ان تساعد المسؤولين المحليين على أخذ قرارات شجاعة على طريق السلام .
وعدد الكاردينال بارولين النقاط التي يمكن للبابا الارجنتيني ان يشدد عليها خلال زيارته القصيرة وهي نقاط تندرج في اطار سياسة الكرسي الرسولي.
واوضح ان احدى هذه النقاط هي ان رأس الكنيسة الكاثوليكية سيؤكد على حق اسرائيل في الوجود والعيش بسلام وأمن داخل حدودها المعترف بها دوليا ، وكذلك ايضا حق الشعب الفلسطيني في ان يكون له وطن مستقل يتمتع بالسيادة .
واضاف ان البابا سيدعو ايضا الى الاعتراف ب الطابع المقدس والعالمي لمدينة القدس، وكذلك ايضا ب ارثها الثقافي والديني واللذين يجعلان منها محجا لمؤمني الديانات الثلاث الموحدة .
وكان البابا فرنسيس شدد الاربعاء على الطابع الديني البحت لهذه الزيارة.
وقال الحبر الاعظم خلال مقابلته العامة ان هذه ستكون زيارة دينية بحتة، اولا للقاء بطريرك القسطنطينية المسكوني برثلماوس بطرس واندراوس سيلتقيان مرة جديدة وذلك أمر جميل جدا ، في إشارة الى اثنين من رسل المسيح يمثل اولهما الكنيسة الغربية ومقرها روما والثاني الكنيسة الشرقية ومقرها القسطنطينية.
ويبدأ البابا فرنسيس زيارته الأولى للشرق الأوسط السبت مصطحبا معه حاخاما وإماما في مهمة معقدة للترويج لرؤيته بشأن الحوار بين الأديان كقاطرة للسلام في المنطقة.
لكن في منطقة يمتزج فيها الدين بالسياسة فإن الزيارة التي تستغرق ثلاثة أيام وتشمل الأردن والأراضي الفلسطينية وإسرائيل ستجعل زعيم 1.2 مليار كاثوليكي في العالم يسير على حبل دبلوماسي مشدود.
وسوف تسلط الأضواء بقوة على كل اقوال وأفعال البابا سواء اجتماعاته مع الفلسطينيين واللاجئين السوريين أو لقاءاته مع المسيحيين الذين تتناقص أعدادهم في الأراضي المقدسة أو محادثاته مع زعماء المنطقة بحثا عن أي مدلولات سياسية.
وحتى البرنامج الرسمي للبابا اصطدم بالحساسيات التي تهيمن على الحياة السياسية في الشرق الأوسط. فقد وصف البرنامج المحطة الثانية من جولته إلى بيت لحم والتي تستغرق ست ساعات بانها زيارة إلى دولة فلسطين وهو مصطلح ترفضه إسرائيل.
وقال المستشار الدبلوماسي المخضرم للبرلمان الإسرائيلي والسفير السابق لدى الفاتيكان عوديد بن هور لسنا سعداء بهذا الشأن لكنها حقيقة أن يستخدم الفاتيكان هذاالمصطلح .
وكان الفاتيكان قد أغضب إسرائيل عام 2012 بتأييده تصويتا في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمنح الفلسطينيين اعترافا بوضع دولة مراقب غير عضو. وتجادل إسرائيل بأن مثل هذه الخطوة لا يمكن أن تأتي إلا من خلال التفاوض.
وتؤيد دولة الفاتيكان حلا للصراع بإقامة دولتين مع حدود آمنة لإسرائيل لكن هناك رؤى متباينة بشأن وضع القدس في المستقبل.
وتريد الفاتيكان ضمانات دولية لحماية القدس كمدينة مقدسة للمسيحية والإسلام واليهودية.
ويريد الفلسطينيون القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 لتكون عاصمة دولتهم في المستقبل بينما تقول إسرائيل إن المدينة هي عاصمتها الأبدية الموحدة . ولا تعترف معظم الدول وبينها الفاتيكان بذلك وابقت على سفاراتها في تل ابيب.
ومما يظهر مدى تعقيدات الوضع السياسي أنه بدلا من أن يقطع فرنسيس مسافة قصيرة بالسيارة من بيت لحم إلى القدس سينتقل بطائرة هليكوبتر الى تل ابيب ثم تقله هليكوبتر اخرى إلى القدس.
وفي محاولة لتجسيد رؤيته بأن الديانات السماوية الثلاث يمكنها التعايش معا في المنطقة والمساعدة في تحريك الجمود السياسي ضم فرنسيس لأول مرة حاخاما وإماما ليكونا ضمن الوفد البابوي الزائر.
والاثنان الحاخام ابراهام سكوركا والإمام عمر عبود مدير معهد الحوار الديني في بوينس إيرس هما صديقان للبابا عندما كان كردينالا في مسقط رأسه الأرجنتين.
وقال المتحدث باسم الفاتيكان الأب فيدريكو لومباردي إن وجودهما إشارة بالغة القوة والوضوح لأهمية الحوار بين الأديان في المنطقة.
وسيكون الحاخام سكوركا في الأراضي الفلسطينية وموقع إسلامي رئيسي في القدس بينما سيكون الإمام عبود عند الجدار الغربي المقدس لدى اليهود ونصب ياد فاشيم لضحايا المحرقة.
وسيقضي البابا فرنسيس وهو الرابع فقط الذي يزور الأراضي المقدسة أكثر قليلا من 32 ساعة في إسرائيل لكن في ظل وجود 16 مهمة في جدول أعمال الزيارة فإن المحطة الأخيرة للزيارة ستكون الأكثر ازدحاما والتي أثارت معظم الجدل وبواعث القلق الأمني.
وكان مجهولون يشتبه بأنهم متطرفون يهود قد كتبوا تهديدات للمسيحيين على منشآت للكنيسة مما دفع فؤاد طوال بطريرك اللاتين في القدس وسائر الاراضي المقدسة إلى القول إن هذه الأفعال سممت أجواء الزيارة.
وقالت إحدى العبارات الموت للعرب والمسيحيين وكل من يكره إسرائيل .
وأصدرت أجهزة الأمن الإسرائيلية التي تخشى قيام المتطرفين بعمل كبير ضد المسيحيين أو مؤسساتهم أوامر تقيد تحركات العديد من النشطاء اليهود من اليمين المتطرف طوال مدة الزيارة.
وسيزور البابا فرنسيس في القدس معظم المواقع التي ارتبطت بالأيام الأخيرة في حياة يسوع المسيح بما في ذلك الموقع الذي قيل أن المسيح دفن فيه ويجتمع أيضا بقيادات يهودية وإسلامية في لقاءات منفصلة.
وسيتم تشديد الإجراءات الأمنية لأن البابا رفض استخدام السيارات المصفحة المضادة للرصاص وأراد استخدام سيارة عادية مثلما يفعل في روما.
وستكون الزيارة أقصر من تلك التي قام بها البابا الراحل يوحنا بولس الثاني عام 2000 وتلك التي قام بها البابا بنديكت عام 2009. واثار قصر المدة احباط المواطنين المسيحيين لأن عددا اقل سيتمكن من رؤيته.
وخلال الرحلة التي ستبدأ السبت بزيارة الأردن سيلتقي البابا فرنسيس مع برثلماوس البطريرك المسكوني الحالي للأرثوذوكس لإحياء الذكرى الخمسين للقاء البابا بولس السادس في القدس عام 1964 بالبطريرك اثيناجوراس الزعيم الروحي للمسيحيين الأرثوذوكس في العالم.
ومثل اللقاء نقطة تحول في العلاقات بين طائفتي الكاثوليك والأرثوذوكس آنذاك.