صناعة الخدمات والأمن حوّلت دبي إلي ظاهرة فريدة للنجاح السياحي والاقتصادي بقلم : جلال دويدار
بقلم جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب اسياحيين
اتيحت لي الفرصة الأسبوع الماضي ولاول مرة من حوالي ست سنوات ان ازور دبي في دولة الامارات المتحدة . لقد وجدتها شيئا مغايرا تماما عما كانت عليه. تحولت في هذه السنوات القليلة إلي مدينة لناطحات السحاب إلي درجة تجعلك تعتقد انك في إحدي مدن الولايات المتحدة التي تنتشر فيها ظاهرة هذه المباني الشاهقة الارتفاع. ليس هذا فحسب وانما ايضا ظهور العديد من المناطق السكنية الجديدة التي اقيم بعضها علي مساحات تم ردمها من مياه المحيط الهندي الذي تقع عليه.
صاحبت عملية البناء الواسعة هذه التي شهدتها تخطيط حضاري لشوارعها وميادينها. تأتي اقامة الفنادق العملاقة الضخمة التي تشبه فنادق بعض مدن دول الشرق الأقصي مثل سنغافورة وهونج كونج ضمن أبرز مظاهر هذا التطور. يضاف إلي ذلك ايضا «مولات» مراكز التسوق التي تضم كل المنتجات. من أهم ما لاحظته في معظم محلات هذه المراكز أن أسعار المعروضات تزيد بنسبة لا تقل عن ٢٠٪ عن اسعارها في المراكز التجارية الموجودة في قاهرة المعز. كل هذه المولات التجارية مزودة بكل أنواع الترويج والتسلية لكل الاعمار.
***
الشيء اللافت للنظر والذي اثارني في دبي هو النظافة وانتظام حركة المرور نتيجة احترام الجميع لقواعدها. قالوا لي تبريرا لذلك ان القانون صارم جدا في مواجهة أي اخلال بهذه القواعد من جانب سائقي المركبات.. ورغم ذلك فإنه هناك ارتفاع كبير في معدلات الحوادث التي يصل ضحاياها إلي الالاف سنويا. ومن بين مايثير الشعور بالراحة.. انتشار المناطق المزروعة الخضراء في كل مكان والتي تعتمد علي الري بمياه البحر المحلاه.
وقد اصبح توافر الامن والامان لسكان ورواد دبي علي مدي الاربعة وعشرين ساعة المليئة بالحركة والحياة أحد عناصر جذب الزوار اصبحت مدينة مفتوحة تتيح لزوارها الاستمتاع بأوقاتهم دون منغصات ماداموا ملتزمين باحترام القوانين.. وتعتمد عملية التأمين التي يقودها المحترف الفريق ضاحي خلفان العدو الاول في الخليج لجماعة الإرهاب الإخواني علي مراقبة كل الشوارع والمباني بالكاميرات التي تصور كل شيء ليس في كل دقيقة وانما في كل ثانية. هذه الانظمة من المراقبة الحديثة تجعل المدينة كلها تحت رحمة أجهزة التصوير الالكترونية وبالتالي التدخل الأمني الفوري.
***
إلي جانب ظاهرة المباني من طراز ناطحات السحاب والشوارع النظيفة والامن والامان والتسوق المرتفع الاسعار والتي تدخل ضمن عوامل جذب الزوار وركاب الترانزيت إلي دبي يأتي ايضا البرج الذي يحمل اسم الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الامارات العربية انه يعد حاليا أعلي برج في العالم. لا تقتصر جاذبية هذا البرج علي ارتفاعه وما يحتويه من فنادق ومحلات ووحدات سكنية تصل اسعارها إلي عشرات الملايين من الدولارات وانما تم اعداد الطريق المؤدي إليه ليكون اكثر جمالا وجاذبية خاصة في الليل تحت الأضواء. وقد تم استغلال هذه المنشأة الفريدة لتكون مزارا يدفع من يريد زيارته رسما لدخوله ومشاهدة دبي من علي قمته. يأتي بعد ذلك في الشهرة مباني برج العرب الذي يضم فندقا بدرجة ٧ نجوم بالاضافة إلي العديد من المطاعم المتعددة المذاق والاذواق.
ولان مواسم الاجازات بالنسبة لمعظم فئات السياح في العالم بشكل عام وفي المنطقة العربية بشكل خاص تكون في موسم الصيف فإن دبي تعتمد علي المنشآت السياحية المكيفة لاجتذاب السياح. ان درجة الحرارة والرطوبة تصل خلال شهور الصيف إلي معدلات لا تطاق تجعل من السير في الشوارع امر لا يمكن تحمله. وحتي تحصل دبي علي المزيد من الاهمية فإنها تعمل علي أن تكون مركزا لتجميع بعض المنتجات ومعبرا للتجارة بين الشرق والغرب ولملايين الركاب للترانزيت المتجهين من أوروبا إلي الشرق الأقصي.
انها تعتمد في تحقيق ذلك إلي جانب ما تمثله المدينة بمبانيها وشوارعها ومنشآتها ونظمها من اغراء وجاذبية علي التسهيلات وتوافر الخدمات والاسواق الحرة في المطارين الدوليين المجهزين لاستقبال الحركة الجوية. وتعد شركة طيران الامارات بامكانياتها الضخمة واسعارها التنافسية ضمن وسائل اجتذاب هؤلاء الزوار سواء للمرور أو لقضاء الاجازات القصيرة التي لا يزيد متوسطها عادة عن ثلاثة أيام.
إيمانا بأهمية الطيران فإنها انفقت ببذخ ملحوظ علي اقامة وتجهيز هذين المطارين. أصبح مؤكدا ومع هذا التطور الهائل الذي لمسته في دبي انها استطاعت ان تعبر تداعيات الازمة الطاحنة التي تعرضت لها ابان الازمة الاقتصادية العالمية عام ٢٠٠٨. لاجدال ان من اسباب هذا التعافي مبادرة أبوظبي بامكاناتها المالية الضخمة بمد يد العون والمساعدة لدبي باعتبارها احدي امارات دولة الامارات العربية لانقاذها من الافلاس. ان من سلبيات هذا التقدم غير المسبوق الذي حققته دبي اعتمادها الكامل في تيسير شئون خدماتها ومنشآتها علي العمالة الآسيوية وهو مايراه الخبراء خطرا علي التركيبة السكانية وعلي الأمن الوطني مستقبلا.
أخيرا اقول ان دبي التي لا تملك أي مقومات تحولت إلي موقع تجاري وسياحي من الوزن الثقيل بفعل الفكر الاستثماري الخلاق لحاكمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ومعاونيه الذين استعانوا بالخبرة العالمية لتحويل هذا الحلم إلي حقيقة.