مكتبة الإسكندرية تعرض أول صور التقطت للكعبة المشرفة
الإسكندرية " المسلة " … صدر عن مكتبة الإسكندرية العدد السابع عشر من مجلة ذاكرة مصر، الربع سنوية الصادرة عن مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، وهي مجلة ثقافية تعني بتاريخ مصر الحديث والمعاصر، يكتبها شباب الباحثين والمؤرخين وتعرض لوجهات نظر مختلفة ومتنوعة. وفي العدد الجديد من مجلة ذاكرة مصر، وثقت الباحثة سوزان عابد لمحمد صادق باشا الرحالة والضابط فى الجيش المصري الذى زار الأراضي الحجازية بصحبة آلة التصوير الفوتوغرافي الخاصة به ليكون بذلك أول من قدم لنا أدب الرحلات مزودًا بصور فوتوغرافية عن الحجاز.
وتقول الباحثة إن محمد صادق باشا ضابط ورحالة مصري ولد في القاهرة عام 1822م وإلتحق بالمدرسة الحربية بالخانكة التي صقلت فيه العديد من المواهب؛ فطلبة المدرسة الحربية لم تكن دراستهم قاصرة على فنون القتال والاستراتيجيات العسكرية فحسب، بل كانوا أيضًا يدرسون الرسم والطبوغرافيا وتقنيات رسم الخرائط والمساحة.
ولنبوغ صادق باشا وتفوقه تم إختياره ليكون من ضمن أعضاء البعثة العلمية المسافرة إلى باريس ليتلقى فنون الحربية هناك، وكان برفقته في هذه البعثة اثنان من أبناء إبراهيم باشا بن محمد علي، وهما الخديوي إسماعيل والأمير أحمد. وعاد إلى مصر في عهد محمد سعيد باشا وعُين مدرسًا للرسم في المدرسة الحربية بالقلعة، وذاعت شهرة محمد صادق باشا بين أقرانه من الكُّتاب والمثقفين من خلال مؤلفاته عن الحج وشعائره.
وقدم صادق باشا مجموعة رائعة من الصور الفوتوغرافية التي إلتقطها بنفسه ليصبح بذلك أول من التقط صورًا فوتوغرافية لمكة والمدينة، حيث زار الأراضي الحجازية أكثر من مرة؛ الأولى كانت عام 1860م، والثانية في عام 1861م، وأعقبها بزيارات أخرى كثيرة بعضها بصفة رسمية وبعضها بصفة شخصية في عام 1880م وعام 1884م وعام 1885م.
أما الرحلة الأكثر أهمية لصادق باشا فكانت في عام 1880م أي بعد مرور عشرين عامًا على زيارته الأولى في 1860م، وقد دوَّن تفاصيل هذه الرحلة في كتابه الثاني الأكثر شهرة بين جميع مؤلفاته وهو ”مشعل المحمل”. وتميزت هذه الرحلة بأن صادق باشا كان في مهمة عمل بصفته أمين صرة المحمل المصري عن طلعة عام 1297هـ، فأخذ يبيِّن تفاصيل سير المحمل المصري من القاهرة المحروسة إلى مكة المكرمة.
وحاز صادق باشا على ميدالية ذهبية من الدرجة الأولى في معرض ونيزيا عام 1881م على الصور التي إلتقطها لمكة المكرمة والكعبة ولم يسبقه أحد فيها، وتوفي عام 1902م بعد أن ترك لنا سجلاًّ حافلاً بالأعمال القيمة.