Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

سعيد جمال الدين يكتب عن المهمشون فى السياحة المصرية

ممفمقالت تاملات

 المهمشون فى السياحة المصرية

بقلم – سعيد جمال الدين

– اشعر بفخر كبير وزهو كلما حقق أبطالنا من متحدى الإعاقة أو ذوى الإحتياجات الخاصة لنجاحات وتفوق فى كافة المجالات وكان  أخرها بطولة دبى الذى حصدت بها مصر المركز الأول وكانت إحتفالية رائعة فى إستقبال أبطال مصر من ذوى الإحتياجات الخاصة وصدورهم تزهو بالميداليات الذهبية والفضية التى حصدوها فى هذه البطولة العالمية والدولية …

 

ودفعنى إحساسى الإنسانى بمدى أهمية الدولة ورعايتها لذوى الإحتياجات الخاصة " المعاقين " .. وخاصة السياحة ذاك النشاط الإنسانى فى المقام الأول .. وكما هو معروف فإن السياحة الإنسانية ، ببساطة ، هى مجموعة الخدمات والتسهيلات التى بمقدورها أن تمكن الشخص ذى الإحتياجات الخاصة من التمتع بعطلته أو الوقت الذى يخصصه للترفيه عن نفسه ، من دون مشاكل . وقد يكون الأشخاص ذوى الإحتياجات هؤلاء من المسنين ، أو من ذوى الإعاقة الدائمة أو المؤقتة ( نتيجة كسر أو عملية مثلا ) ، أو ممن لديهم فرط حساسية ويحتاجون لتسهيلات ومستوى معين من الراحة أثناء تنقلهم وإقامتهم . وينبغى التركيز على سياحة ذوى الإحتياجات الخاصة ، أكثر من غيرهم ، لحاجتهم الماسة للترفيه ، لأنهم أسارى الحالة الصحية ، وينبغى مساعدتهم ودعمهم للتغلب على التحديات التى تواجههم .

 

وتعتبر الحاجة إلى تسهيل الخدمات السياحية للمعاقين مطلبا ملحا فى القرن الواحد والعشرين ، وهو ماعكسته قرارات منظمة السياحة العالمية فى جلستها السادسة والخمسين ، حيث كلفت المسئولين بالإهتمام بكافة المسائل التى من شأنها خدمة ذوى الإحتياجات الخاصة ، وتقديم الدعم الفنى لتشجيع هذا المفهوم فى السياحة العالمية .

 

ورغم أن هذه الإجراءات والقوانين الوضعية قد جاءت متأخرة ، حتى فى الدول التى تعتبر فى خانة الدول المتقدمة ، إلا إنها لم تكن كذلك فى الديانات السماوية ، فلم يكتف الإسلام بإقرار حقوق الإنسان منذ أكثر منذ 14 قرنا من الزمان ، بل خص ذوى الإحتياجات الخاصة برعاية غير مسبوقة ، ففى القرآن الكريم آيات كثيرة توصى خيرا بهذه الشريحة ، ومنه قوله تعالى : " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج " ( سورة الفتح / 17 ) .
أما السنة النبوية الشريفة ، فليس أدل من قول النبى محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام : " الناس سواسية كأسنان المشط " . وقوله عليه الصلاة والسلام : " هل تنصرون ، وترزقون إلا بضعفائكم "،وهدت الحضارة الإسلامية ، عبر تاريخها الطويل ، عناية كبيرة بذوى الإحتياجات الخاصة ، وفاءا بحقوقهم ، التى كفلها لهم الدين السمح ، فأقيمت دور الرعاية وبيوت الإيواء والتربية .

 

ومهد كل ذلك الطريق لذوى الإحتياجات ليس لمواصلة حياتهم بثقة وإطمئنان فى مجتمعهم الذى احتضنهم فحسب ، بل وأن يبدعوا ويتفوقوا على أقرانهم الأصحاء فى مختلف مجالات العلوم ، كالمحدث محمد بن عيسى الترمذي ، الذى كان كفيفا لكنه كان من كبراء علماء الحديث ، ومحمد بن سيرين ، الذى كان يعانى من صعوبة كبيرة فى السمع لكن ذلك لم يمنعه من أن يكون من أكبر مفسرى الأحلام .

 

لقد أصبح الاهتمام بسياحة ذوى الاحتياجات الخاصة ، وتوفير كل المقومات والخدمات اللازمة لها مسألة ضرورية ومهمة ، الأمر الذى يتطلب من وزارة السياحة أن تعيد النظر فى هذا الأمر ، وان تضع ذلك النوع من السياحة فى أولويات خطتها ومنهجيتها ، حيث إن هذه الفئة من المجتمع الدولى تشكل حسبما أفادت منظمة السياحة العالمية أكثر من 10 ٪ من إجمالى عدد السياح حول العالم ، فى حين قدرت منظمة العمل الدولية فى تقرير لها عدد ذوى الاحتياجات الخاصة بأكثر من 610 ملايين نسمة ، منهم أكثر من 30 مليونا يعيشون فى الشرق الأوسط ، وهى نسبة ليست بالقليلة يجب التعامل معها وتلبية رغباتها ووضعها على خريطة السياحة بالشكل الذى يدفع حركة السياحة الوافدة إلى الأمام ،

 

خصوصا أنها تسهم بصورة غير مباشرة فى تنشيط ما يسمى بالسياحة العائلية ، فهم ينفقون مليارات الدولارات سنويا بصحبة أقاربهم ، لذا كان الاهتمام بتوفير الأماكن الخاصة بهؤلاء أمرا ضروريا ، كذلك وسائل المواصلات وأعداد المرشدين السياحيين المؤهلين والمدربين للتعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة ، فهناك عائلات تحجم عن السفر نظرا لوجود أحد أفراد عائلتها من تلك الفئة ، ونظرا لضعف المقومات والخدمات التى تقدم لهم ، الأمر الذى يسبب كثيرا من الإرهاق والمعاناة للأسرة ، نجدهم يتراجعون عن فكرة السفر ويفضلون المكوث فى بلدهم .

 

ولا أنكر أن هناك جهودا لا بأس بها تبذل من خلال المؤتمرات والندوات التى تدعو إلى الاهتمام بتلك السياحة المهمشة ، ولكن الأمر أكبر من ذلك فلا يكفى ندوة أو مؤتمر للنهوض بتلك السياحة ، ولكنها تحتاج إلى نقلة نوعية كبيرة تحتاج إلى تكاتف الشركاء المعنيين بالسياحة فى مصرنا العزيزة ، وخلق فرص جذب واعدة تعيد هذا القطاع إلى أجندة السياحة مرة أخرى .

 

لا شك أن هذه الصناعة تواجه الكثير من التحديات والإشكاليات يأتى على رأسها قلة المنشآت السياحية المصرية التى تمتلك التسهيلات الكافية القادرة على تلبية حاجاتهم ، والتى تقف عائقا أمام تفكير غالبية السياح من ذوى الاحتياجات الخاصة فى الخروج من بلدانهم أو التنقل للاستفادة من فرص الترفيه والترويح عن النفس فى مختلف أرجاء المنطقة . كما أن هذا النقص يحرم صناعة السياحة من مداخيل إضافية ، فخسائر السياحة المصرية بسبب نقص التسهيلات لذوى الاحتياجات الخاصة تقدر بنحو ثلاثة بلايين دولار سنويا ، وهو رقم كبير لا يمكن إهماله ، بل يجب تنميته والاستفادة منه خصوصا أن الدخول التى تأتى من قطاع السياحة أصبحت اليوم موردا مهما تعتمد عليه مصر

 

فنحن – كمصر – لسنا أقل إهتماما بالسائحين المعاقين من دبى التى ألزمت الفنادق من فئة الخمسة نجوم التى يزيد عددها على 42 فندقا من إجمالى 306 فنادق فى الإمارة ، بتهيئة ما نسبته 2 ٪ من غرفها لاستقبال ذوى الاحتياجات الخاصة ، ويندرج هذا ضمن سعى دبى إلى تأمين بنية تحتية متكاملة للسياح من ذوى الاحتياجات الخاصة ، بهدف تعزيز أهميتها كوجهة صديقة لهذه الشريحة .

 

كما شكلت دائرة الطيران المدنى فى دبى عام 2007 فريقا خاصا مهمته تطوير الخدمات التى يقدمها مطار دبى الدولى للمسافرين من فئة ذوى الاحتياجات الخاصة ، على أن تشهد نوعية الخدمة المقدمة لهذه الشريحة من المسافرين تطورا سريعا ، وذلك بعد أن تم توزيع استبيانات على المسافرين ذوى الاحتياجات الخاصة من أجل التعرف على متطلباتهم .

 

وتسعى مؤسسة مطارات دبى إلى الارتقاء الدائم بنوعية الخدمات التى يؤمنها المطار الدولى للمسافرين من مختلف الفئات ، وبدأت فى هذا الإطار بتنفيذ مشروع تطويرى بإنشاء 17 مكتبا لاستقبال للمسافرين من ذوى الاحتياجات الخاصة ، لتزداد بذلك سلسلة الخدمات التى يقدمها المطار والتى منها مواقف السيارات والمصاعد الكهربائية والكراسى المتحركة والهواتف والحمامات المناسبة وغيرها من الخدمات ، ويصل متوسط ​​الطلب على استخدام الكراسى المتحركة فى المطار إلى 600 طلب يوميا .

 

فهل تحظى هذه السياحة الإنسانية – والتى يمكن أن تجذب الملايين – بالإهتمام من قبل وزارة السياحة التى أصبحت فى الفترة الأخيرة للأسف الشديد تلتزم الصمت الرهيب تجاه كافة المشاكل التى تواجه السياحة المصرية وتقف موقف المتفرج وأصبحت أذناها إما واحدة من طين والأخرى من طين أيضا نظرا لإرتفاع أسعار الدقيق …

 

إنى أريد  الا الإصلاح ما أستطعت .. وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وعلى الله قصد السبيل

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله