مقال تأملات
السياحة الصحراوية فى مهب الريح !
بقلم – سعيد جمال الدين
هل السياحة المصرية أصبحت أسرى لنمط واحد أو أثنين من الأنماط السياحية ؟ ! .. هل تظل السياحة المصرية إما سياحة ثقافية تاريخية أو شاطئية وتسعى وزارة السياحة أو الهيئة لتنشيطهما بكل ما أوتى من قوة على المستوى الخارجى والداخلى معا فى الوقت الذى نجد أن مصر بها العديد من الأنماط السياحية الأخرى ومنها سياحة الصحراءأو السياحة الصحراوية أو مكما يقولون سياحة السفارى وهى إحدى الأنماط السياحية التى أعتبرها من الانماط السهيدة فى السياحة المصرية ، بينما نجد دول أخرى لا تملك ما تمتلكه مصرنا من إمكانيات رائعة للصحراء والإبداعات الإلهية فيها .
لن أتحدث عن المغرب التى أستثمرت صحرائها فى جذب شركات الإنتاج السينمائى العالمية لتصوير أفلامها واشهرها كليوباترا بمنطقة أغادير وورزازات ، ولمن أضرب مثال بدبى التى نجحت فى إقامة العديد من الفعاليات داخل أراضيها الصحراوية وحولتها عبر هذه المهرجانات والمسابقات إلى واحة خضراء غناء .. ولكن أتحدث عن مصر وما حباها من مساحة صحراوية " يجرى فيها الخيل لما ينقطع نفسه ولا ينتهى من أخرها " فيمكن القول أن " سياحة الصحراء فى مهب الريح " فهى – سياحة السفاري – تتعرض الآن لضربات مدمرة في وقت تناضل فيه البلاد لإعادة هذا المورد المهم للدخل القومي . والغريب أن المتهم هذه المرة ليس الأمن وحده كما يدعى البعض ولكن الدولة ومؤسساتها هي المتهم الأول في ضياع هذا النوع الفريد من السياحة الذي ينتشر فوق 94 ٪ من ارض مصر بصحاريها الثلاث .
وذلك نتيجة للاجراءات والتصاريح والتعقيدات الخاصة بتنظيم رحلات سفاري ورحلات في الصحراء ادت الي هروب السائحين الراغبين في الصحراء الي مقاصد سياحية اخري ومن اهم التعقيدات الموافقة الامنية والرسوم الجديدة التي يتم تحصيلها من الشركات المنظمة للرحلات الصحراوية والتي وصلت الي 180 جنيها في الساعة الامر الذي يمثل عبئا كبيرا علي البرامج ويضعف منافستنا في هذا المجال السياحي الكبير مما ادي الي انخفاض السياحة الصحراوية بنسبة 35 ٪ وذلك علي الرغم من قيام وزارة السياحة بتحمل 50 ٪ من قيمة الرسوم الجديدة وذلك حرصا منها علي عدم فقد مصر لهذا النمط السياحي الهام . ..
والذي بدأ خلال السنوات القليلة الماضية يشهد اقبالا كبيرا من السائحين ومنظمي الرحلات ويكفي ان نشير الي ان مصر فقدت خلال العام الماضى بسبب الاجراءات الجديدة والتعقيدات ما يقرب من 350 مليون دولار في السياحة الصحراوية فقط وذلك علي اقل تقدير طبقا لما اعلنته عدد من الشركات العاملة في هذا المجال وليست جميع الشركات إذا عرفنا أن ألمانيا وانجلترا وفرنسا واسبانيا علي رأس الدول التي يهتم زائروها بالسياحة الصحراوية .
وأذكر أن الصديق العزيز الخبير السياحى " محمود عبد المنعم القيسونى " – أطال الله فى عمره – مستشار وزير السياحة للبيئة كان قد أطلق صحية تحذير وتنبيه حول ضرورة الإهتمام بسياحة الصحراء وأكد القيسونى ضياع 60 ٪ من السياحة الوافدة الي الصحاري المصرية والتي هي مصدر رزق آلاف من العاملين بشركات سياحة الصحراء وأبناء الواحات والقبائل المنتشرة بصحاري مصر . ويضرب هذه السياحة الآن ما يتعرض له السائح من قرارات وأوامر صدرت لظروف زالت تماما .
ولكنها مازالت تضرب هذه السياحة كما ان هناك تناقضا واضحا بين بعضها بسبب ما يفرض علي السائح من ضرورة الحصول علي 27 تصريح موافقة مقابل رسوم غير دستورية . علي هذه التصاريح تستغرق وحدها 25 يوما علي الأقل . وهي قيود توحي بأننا في حالة حرب وهو ما ينفر السائح ويرغمه علي عدم العودة مرة أخري الي بلادنا حتي إن كان يتمني ذلك . ومن المؤكد انه لصالح البلاد والدخل القومي يجب مراجعة القيود التي تفرض علي نشاط السياحة الصحراوية في مصر والتي لا تسمح الا بالحركة فقط علي 6 ٪ من أراضي مصر فهي معوقات تدمر هذه السياحة التي لا مثيل لها في كثير من الاوطان ، .. إن السياحة المصرية يمكنها ان تحقق دخلا يتجاوز 28 مليار دولار سنويا خلال عامين فقط إذا استطاعت ان تزيل المعوقات التي تفرضها بعض الوزارات السيادية الأخري مطالبا بان تكون وزارة السياحة وزارة سيادية كما عرفت ذلك خلال زيارتى للمغرب .
وواحات الوادي الجديد تعتبر من أهم المقاصد السياحية العالمية لما تتميز به من وفرة متنوعة في المزارات السياحية الثقافية والبيئية وسياحة السفاري والراليات والسياحة الاستشفائية والمحميات الطبيعية النادرة وفى مقدمتها الصحراء البيضاء جميلة الجميلات والجلف الكبير قبلة الأجانب ووادي حنس لكن للأسف لم تستثمر تلك الكنوز النادرة التي منحتها الطبيعة هدية لأبناء مصر للاستثمار الجيد الذي يليق بمكانتها السياحية الهائلة ، فى الوقت الذى تعانى من الهجر والنسيان وإهمال متعمد من وزارت السياحة والبيئة والآثار على مدار سنوات طويلة .
وكما هو معلوم للعامة أن الواحات بالكامل عبارة عن محمية طبيعية نادرة لطبيعتها الخلابة ومناظرها المبهرة التي شكلتها عوامل التعرية على مدار التاريخ فضلا عن التكوينات الصخرية والكهوف التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ وجفاف المنطقة وقلة الرطوبة وتدفق المياه الساخنة ذاتيا من باطن الأرض .
ولذا فالسائح يجد نفسه وسط الطبيعة والبيئة النقية الخالية من أي مصادر للتلوث والهدوء والأمان فضلا عن السياحة الثقافية من خلال 199 منطقة أثرية تمثل مختلف العصور التاريخية الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية علاوة على السياحة العلاجية والأستشفائية تحت الشمس الساطعة و في العيون الجوفية الساخنة والرمال الغنية المعدنية بالعناصر التي تعالج ألأمراض الجلدية والنقرص والأعصاب والمفاصل والروماتيزم وأمراض الشيخوخة والاكتئاب النفسي .
ومن النادر أن تتوافر تلك المقومات الفريدة في مكان واحد وبالتالي كانت الواحات على مدار السنوات الماضية قبلة للسياح الأجانب الذين يبحثون عن الهدوء والعلاج والعودة إلى الطبيعة فضلا عن ممارسة بعض الرياضات والهويات الطريفة والغريبة مثل التزحلق على الرمال وتسلق الأشجار والجبال وسباقات الراليات والسفاري والهجن .
ان السياحة هي طوق النجاة للاقتصاد المصري وإنها الصناعة الوحيدة المضمونة التي يمكن أن تسهم بشكل كبير في عملية التنمية فإمكانيات مصر تفوق الكثير من الدول ألا أن هذه الدول استطاعت أن تتفوق علينا .. نظرة إهتمام من قبل المسئولين عن السياحة إذا أردنا الخروج من شرنقة السياحة الثقافية والشاطئية لعل الله يمنحنا القدرة على تحقيق أمانى الشعب المصرى فى حياة كريمة وتكون السياحة هى الأمل والملاذ .. إنك يا الله على كل شيىء قدير .. إنى إريد الا الإصلاح ما أستطعت .. وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت .. وإليه أنيب .. وعلى الله قصد السبيل