Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

آثـار ذي قـار كنوز وشواهد على قِـدَم حضارة وادي الرافدين

آثـار ذي قـار كنوز وشواهد على قِـدَم حضارة وادي الرافدين

 

ذي قار " المسلة " … عندما تجوب المناطق الأثرية في ذي قار تتصور ميزة وثيمة العظمة والعبقرية التي سادت قبل الميلاد هذه البلاد، وكيف تمرد السومريون والبابليون على الظلام وأعلنوا ميلادهم عبر التاريخ وتوهجوا كالشمس، هذا هو سر قيمتهم كأقوام وكشعوب كتبت بقلم الفكر والعقل والحكمة أروع معالم الحضارة، فالفترة التي عاشها السومريون والبابليون في التاريخ الغابر تؤكد أنهم استبقوا العالم في صنع وسائل الحضارة والتمهيد لبروز الحياة الأفضل والعالم الأجمل.

جولة في موقع أور :

شددنا الرحال إلى موقع أور الأثري وزقورته السامقة لكننا فوجئنا بأن الموقع غير مؤهل سياحيا، الرأي العام في ذي قار وخاصة المثقفين يتساءلون عن السبب في عدم التأهيل؟ ولماذا لا يتم اللجوء إلى الاستثمار لحل هذه المشكلة؟ ويقترح البعض بناء مدينة سكنية على مقربة من المنطقة تلحق بها مرافق سياحية كحل مناسب .

أهمية الآثــار  :

تكمن أهمية الآثار في قيمتها العلمية والتاريخية والثقافية، فمن الناحية العلمية تكتنز الآثار معلومات عن تجارب القدماء في جميع مجالات الحياة عاكسة مستوى تطورهم العقلي، ومن الناحية التاريخية تعـد وثائق لقراءة التاريخ وتحليل أحداثه، ومن الناحية الثقافية تبين الآثار واللقى والأبنية وغيرها طبيعة ثقافة القدماء وطريقة تعاطيهم مع الحياة الاجتماعية ونسقها السائد في ذلك الزمن .

ذي قــار مفعمة بالآثار :

تضم محافظة ذي قار نحو 1200 موقع آثاري يعود معظمها إلى عصر فجر السلالات والحضارات السومرية والأكدية والبابلية والأخمينية والفرثية والساسانية والعصر الإسلامي، وتعد ذي قار من ابرز المناطق العراقية الزاخرة بالمواقع الآثارية المهمة، إذ تضم بيت النبي إبراهيم وزقورة أور التاريخية، فضلا عن المقبرة الملكية، وقصر شولكي ومعبد (دب لال ماخ) الذي يعد أقدم محكمة في التاريخ.

 

الآثار الطريق إلى اكتشافات جديدة  :

يقول أستاذ اللسانيات في جامعة مانشستر البريطانية جون نيكنز في محاضرة كان ألقاها على قاعة المتنبي، في كلية التربية بجامعة ذي قار " ثمة أدلة مكتشفة حديثاً ضمن عمليات البحث عن الآثار في مجال السومريات والرقم الطينية التي تم اكتشافها قبل ثلاث سنوات في موقع قريب من ديار بكر، جنوبي تركيا تدلل بما لا يقبل الشك على أن امتداد الخريطة الرافدينية القديمة يبدأ من جنوبي تركيا إلى شمالي مصر والجزيرة العربية وإيران " وأضاف نيكنز الذي يعمل ضمن بعثة التنقيب البريطانية العاملة حاليا في تل خيبر (45 كم غرب الناصرية) "إن الرقيم الطيني صور بمحتواه المكتوب باللغة المسمارية، قصة إبعاد مجموعة من النساء السومريات من مكان لآخر وصولاً إلى جنوبي تركيا وهذا دليل على اتساع نطاق الحضارة الرافدينية جغرافيا ".

 

عـلم الجينات وعلاقته بالآثار :

يقول أستاذ اللسانيات في جامعة ذي قار سعيد جعفر " إن تطور علم الجينات الحديث كشف عن الأصول السومرية للعراقيين وضآلة العنصر العربي في تكوينهم مما يتطلب إعادة النظر في كتابة التاريخ برؤية جديدة".

الكتابة نقلة نوعية حضارية :

الباحث أمير دوشي خلال محاضرة ألقاها في كلية التربية في جامعة ذي قار ركز على أهمية التثقيف بالإبداع الرافديني المتمثل باختراع الكتابة منذ 3000 سنة قبل الميلاد وهو الذي شكل نقلة نوعية في التطور الحضاري الإنساني داعياً إلى التعرف على الدفتر اللساني للتراث اللغوي الرافديني الذي كان أصل اللغات العيلامية والأكدية والآشورية والسومرية التي استخدمت الحرف المسماري، وأوضح دوشي، أن "الحكومة المحلية دعت أعضاء بعثات التنقيب الدولية العاملة في ذي قار لإلقاء محاضرات للطلبة الجامعيين وتدريب الملاكات التنقيبية المحلية لتسهم في تطوير واقع الآثار في المحافظة التي تضم 1200 موقع منها".

 

آثـار مهملة برغم أهميتها!

يقول باسم حسن مدرس التاريخ من قضاء الرفاعي" توجد في محافظة ذي قار أقدم المواقع التاريخية الأثرية في العالم. لكن مع الأسف ﻻ يوجد اهتمام واسع النطاق بها .. لذلك كان حرياً أن يتم الاهتمام بها وإظهار أهميتها بمقدار ما تستحق من أهمية تاريخية .. فهنا نشأت اول الحضارات في العالم وأُنشئت اول مدينة وهنا بدأت الكتابة وهنا سُنت أول القوانين في العالم في أور ولكش وأريدو وسومر ويوخا..وغيرها من المواقع كونها اول حضارة مدنية تشكلت ثم تطورت الى أن أصبحت ممالك ثم أصبحت في ما بعد مملكة واحدة وهذه اول تجربة رسخت الشعور بقيمة الوحدة والوطنية والقومية تشكلت لدى الأكديين والسومريين والبابليين ."

 

الحاجة للاستثمار والتأهيل :

يقول المعلم والصحفي فاضل نسيم الزركاني " إنه لو قدر لآثار ذي قار أن تكون محل اهتمام اصحاب القرار لكانت موردا اقتصاديا وثقافيا لذي قار خاصة لما لهذه الآثار المهملة من أهمية تاريخية ودينية للعالم ، فمجيء السياح إلى أور وغيرها من الآثار يُشكل حافزاً كبيرا ﻻستثمار هذا الإرث والتراث الكبير ، إن بعض دول العالم تعتمد على آثارها كمورد اقتصادي مثل مصر بينما نجد آثارنا بحاجة الى الكثير والى اهتمام من قبل الجهات المعنية وبشكل واع، واستثمارها بشكل واقعي ومن المهم اﻻستعانة بخبراء دوليين لتأهيل هذه الآثار كي تكون أماكن سياحية جاذبة للسياح من كل العالم وسيكون لذلك أثر اقتصادي وثقافي كبير وتواصل مع العالم المتحضر وستكون باباً ﻻستثمار حتى في المجاﻻت الأخرى"

السياحة الغائبـة :

يقول المدرس إياد جاسم حسين الشويلي " آثار ذي قار بما فيها أور تفتقر الى خبراء كفوئين ذوي اختصاص لتأهيلها وتطويرها ونشر الوعي بين أوساط الرأي العام لبيان أهميتها وللأسف نحن نفتقر الى معلومات مهمة عن المواقع الأثرية وأهميتها التاريخية والثقافية. "

 

ذي قـار متحف آثـار عالمي :

ويقول راجي سلطان الزهيري المشرف العام على موقع سوق الشيوخ الألكتروني "عندما نتحدث عن آثار ذي قار يحق لنا أن نعتبرها متحف آثار عالمياً كما سماها الدكتور هنري رايت أستاذ آثار الشرق في جامعة شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية عند زيارته لها عام 2003 ، لذلك فإن قيمة آثار ذي قار لا تقدر بثمن وهذا ما شاهدته خلال زيارتي إلى القسم المخصص لآثار العراق في متحف اللوفر في باريس حيث وجدت الأوروبيين محدقين ببعض القطع من آثارنا ، بل مغرمين ومندهشين بما يشاهدوه من ملامح عظمة عقل أجدادنا السومريين وغيرهم ، لكن يؤسفنا أن ما يوجد لدينا من آثار عظيمة ما تزال لا قيمة لها والاهتمام بها متدنٍ وهذا ما شاهدته عند زيارتي لأول مرة قبل سنة لآثار أور فلم أصدق ما شاهدته، المنطقة تفتقر للوسائل السياحية وكل شيء غير نظامي من دخولنا حتى خروجنا فلا توجد كافتريات ولا وسائل راحة !

المفارقة أننا نسمع عن تخصيص الجهات المعنية الأموال اللازمة لتأهيل المناطق الأثرية ولكن الحقيقة غير ما رأيناه ، برأيي الشخصي يجب بناء مدينة سياحية متكاملة بجوار آثار أور ومتحف خاص تجمع به القطع واللقى الأثرية".

آثارنا كنـز من المعرفة :

يقول المعلم جواد الرفاعي " الآثار هي كنز الشعوب والدليل على وجود الحضارة والعمران في المواقع الأثرية في قديم الزمان وبداية سطوع نور العلم والمعرفة والثقافة واضمحلال مرحلة البدائية والتوحش والتخلف ".

آثارنا والسياحة :

يقول الشاعر مثنى الشويلي " لا يمكن الاستهانة بآثارنا لأنها معالم سياحية يرتادها السياح من كل أصقاع العالم لذلك ثمة حاجة ماسة لتأهيلها سياحيا لكي تدر على الدولة بعوائد مالية تسهم في رفع مستوى الدخل القومي ."

آثار ذي قار والسرقة :

يقول المفتش الآثاري عامر عبد الرزاق " إن هناك إهمالا في حماية المواقع الأثرية بشكل فعلي وقد يكون ذلك عاملا في تكوين عصابات لتهريب الآثار، لذلك ثمة حاجة ماسة لإعداد قوة خاصة مدربة مزودة بتقنيات حديثة تتعامل مع هذه المواقع " ودعا عبد الرزاق الحكومة العراقية والحكومة المحلية في الناصرية والجهات الرسمية ذات العلاقة ومنظمات المجتمع الدولي إلى ضرورة الاهتمام بتلك المواقع المهمة وإقامة أسيجة حولها ووضع حراسات مشددة ونقاط ثابتة فضلا عن الإسراع بإجراء عمليات تنقيب مستعجلة لإنقاذ تلك الآثار من أيدي اللصوص .

 

مواقع متعددة تنتظر التنقيب :

برغم أن الاهتمام في بلادنا بالآثار لا يزال دون مستوى الطموح لكن من المؤمل أن يتطور لاحقاً بجهود المعنيين فثمة عمليات تنقيب مستمرة كما هو الحال في تل أبو طبيرة في ذي قار، لكن هنالك مواقع أثرية أخرى لا تزال من دون تنقيب ولم تصلها يد البحث من الممكن أن يحقق التنقيب فيها قفزات مذهلة في مجال قراءة التاريخ وأحداثه والتعرف على العديد من القضايا والأنشطة التي كان يزاولها الإنسان القديم قبل الميلاد، وربما تكون بمثابة عنصر مهم لإثراء أو تصحيح بعض المعلومات الآثارية التي تم الحصول عليها خلال العمليات التنقيبية السابقة .
المدى.

المصدر : صوت العراق

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله