ركن الحرف البحرية بجناح الإمارات بالجنادرية يستقطب الزوار
الرياض "المسلة"… استقطب ركن الحرف البحرية في جناح الإمارات المشارك في المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية 29" أعدادا كبيرة من الزوار الشغوفين بالتعرف على كنوز الموروث الإماراتي الذي نجح أبناء الدولة في توصيل رسائله والتعريف به في إطار جذاب ومشاهد حية من أشكال التراث والبيئات الإماراتية المختلفة عبر الأنشطة والفعاليات المتنوعة.
فقد توافد زوار جناح الإمارات لمشاهدة لوحة فولكلورية بالغة الثراء شكل ملامحها أهل البحر الإماراتيون ورسموا خطوطها التي تماهت مع الخطوط التي رسمها الزمن في وجوههم نتيجة أسفارهم البعيدة في البحر سعيا وراء الرزق في الزمن القديم وجلبا للؤلؤ والأسماك باعتبارهما عماد الحياة لسكان البيئات البحرية إلى عقود قليلة قريبة قبل ظهور النفط وحدوث الطفرة الحضارية الكبرى في الإمارات بأيادي أبناء أحسنوا استكمال ما بدأه الآباء والأجداد من قصة بناء وطن أبهر العالم بقدرته على استيعاب أحدث أساليب العصر وتمسك في الوقت ذاته بتراث عريق تركه الأقدمون ليحافظ عليه الأبناء ويحرصوا على توصيله عبر الأجيال.
وتشرف هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة على جناح الإمارات في مهرجان الجنادرية بالتعاون مع عدد من الجهات والمؤسسات الإماراتية التي تكاتفت جهودها من أجل إنجاح هذه المشاركة وتحقيق هدفها في إعلاء شأن التراث الإماراتي وتأكيد معانيه وقيمه داخل الإمارات وخارجها في كل المهرجانات والمحافل الدولية ومنها مهرجان الجنادرية الذي تستمر فعالياته حتى الثامن والعشرين من فبراير الحالي .
وقال على محمد آل علي المشرف على ركن البيئة البحرية لـ وام إنه سعيد بوجوده في الجناح الإماراتي المشارك في الجنادرية بصحبة من أهل البحر الإماراتيين من قدامى النواخذة الذين جاءوا للتعريف بأنواع الحرف البحرية وكيف كان يعيش أهل البحر في الإمارات.
ونوه بوجود مجموعة مجسمات لأنواع مختلفة من السفن التي تختلف باختلاف الغرض منها فهناك سفينة الغوص المعروفة باسم "صمعة" ويجتمع في تلك السفينة من 15 إلى 50 غواصا وسيبا.
والسيب هو الذي يجذب الغطاس من الأعماق عبر انتهاء عملية البحث عن المحار التي تستغرق نحو ثلاث دقائق .
وحول مواسم الغوص أوضح أن هناك عدة أنواع ومواسم للغوص عن اللؤلؤ ومنها غوص العود " الغوص الكبير" وتستمر رحلته أربعة أشهر تبدأ في شهر يونيو مع حلول فصل الصيف ويهبط فيه الغواص حتى عمق 25 باعا " نحو 40 مترا" بمساعدة "الحير" أو "الحصاة" وهي قطعة حجرية مخروطية الشكل تساعد الغواص على سرعة الهبوط إلى عمق البحر بعد أن يغلق أنفه بالـ "فطام" وهو قطعة معدنية يضعها الغواص على أنفه لمنع دخول الماء إليها.
وأضاف "هناك غوص الردة الذي يأتي بعد انتهاء موسم الغوص الكبير وغوص الرديدة والقفال الذي يعتبر آخر مواسم الغوص وينتهي بنهاية ديسمبر من كل عام .. لافتا إلى صعوبة حياة الغواصين والسيوب والنواخذة حيث كان التمر غذاءهم الوحيد وكل واحد منهم نصيبه "قفعة" واحدة من الماء يوميا والقفعة مقدار ثلث لتر ماء تقريبا .
وتحدث على محمد آل علي عن بعض الأدوات التي كان يستخدمها أهل البحر ومنها "التيين" الذي يكون على شكل شبكة معلقة في رقبة الغواص يضع فيها المحار حتى يخرج من الماء و"المفرقة" لفلق المحار و"جفعة" لحفظ المفرقة و"جفية" لرفع شراع السفينة و"الجفعة" لها أهمية كبرى لدى الغواصين حيث يتم نقع نبات القرط فيها مع الماء حتى تخرج منه مادة تستخدم في دهان يد الغواص وجسمه لتقيه التأثر بملح البحر وحماية يده من الجروح عند إمساكه بالمحار.
من ناحيته ذكر خليفة خميس اسماعيل وهو يعمل جلاف " أي صانع السفن" أنه يقوم بشرح طريقة صنع السفن للزائرين وتطبيق ذلك بشكل عملي حيث يبدأ بـ" البيص" الموجود في أسفل السفينة بطولها ويعتبر العمود الفقري لها الذي يحدد طول جسمها ويحدد ميل السفينة في المقدمة والمؤخرة ويربط بين "الليحان" أي الالواح الخشبية.
وأشار إلى أنه أعلى البيص يكون "المالش الأول" و"المالش الثاني" اللذان يكونان يمين ويسار السفينة ثم يتم وضع أضلاع السفينة والتي تسمى "العطفة" ومن خلالها يتم تحديد عرض السفينة وارتفاعها والشكل العام لها وبعد ذلك يتم وضع الأضلاع كاملة " الشلامين" وعقب ذلك يتم وضع "الدرميد" وهو عبارة عن لوح على كامل جسم السفينة من الداخل ويعلوها "الصوارة" التي تربط كل أجزاء السفينة والتي تتكون من ثلاثة أقسام وهي مقدمة السفينة ويسمى "صور صدر" والثاني في الربع الأول من السفينة ويسمى "صور دجل" ثم يتم وضع ألواح سطاح المحمل في النصف الأول من السفينة قبل وضع الصور الثالث والمسمى بـ "صور فنة" ثم يتم وضع البرقع أعلى ألواح السطاح ليحكم مسكها ثم نضع "الزبدرة" لإحكام غلق الفتحات بين أجزاء المحمل العلوية.
وتطرق اسماعيل – الذي امتهن هذه الحرفة قبل خمسين عاما – إلى شرح باقي أجزاء السفينة العلوية مستعرضا الجوالي والمرد ثم أنواع قوائم السفينة وهي قائم العود الكبير وقائم الوسط وقائم المؤخرة ثم يتم تركيب لوح خشبي بعرض السفينة في الجزء الأخير منها يسمى "المزملة" ويستخدم لجلسة النوخذة ثم يتم وضع التعاريض التي ترفع عليها "الصياين" جمع صيوان لتقوم بعمل مظلة للنواخذة والغاصة جمع غواص والسيوب جمع سيب.
وذكر أن هناك عدة أنواع من السفن منها البوم وجالبوت وسمبوك والصمعة والعويس والشاحوف والبقارة والبوم والبيلي .. موضحا أن أسماء السفن تختلف باختلاف شكلها والتصميم الخارجي لها غير أن سفن البوم أكثر أنواع المحامل التي كانت تستخدم في الأسفار البعيدة نظرا لحجمها الكبير وتصميمها القوي فكانت تسافر إلى الموانئ البعيدة لجلب أنواع الأخشاب والبهارات وغيرها من البضائع التي كان يحتاجها أبناء الإمارات ولم تكن متوافرة في بيئتهم .
أما حسن على محمد المازمي فعرض الحرف البحرية التي ارتبط بها أهل الإمارات قديما ومنها صناعة الحبال مختلفة الأطوال والأسماك من الليف المستخرج من النخيل وهي فائدة من فوائد النخيل التي تصل إلى /365/ فائدة بحسب المازمي الذي أوضح أن النخلة اشتق اسمها من كلمة "النخالة" لكثرة ما بها من فوائد .
وأوضح أن الأحبال تستخدم في أكثر من غرض على سطح السفينة منها ما يسمى "الخراب" وهو المستخدم بين المحمل والمرساة و"البيوار" ويستخدم في رفع الأشرعة وهناك "الزييل" الذي يصل بين السيب والغواص و"اليدع" ويكون مربوطا في "التيين" الذي يحمل فيه المحار.
وأكد المازمي الذي جاوزت أعوامه السبعين شعوره بالفخر كونه يشارك زملاءه من أهل البحر تعريف زوار الجناح الإماراتي بهذه الحرف الفريدة التي تميز بها سكان البيئة البحرية في الإمارات وتتميز بدقة شديدة أعجبت الأشقاء السعوديين وغيرهم من الجمهور على اختلاف أعمارهم.