لا يجب السماح بالوقيعة بين السياحة والطيران
بقلم: جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين
أنا من المؤمنين بأهمية السياحة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وهو ما كان دافعا لي لدعم ومساندة الجهود الجبارة التي كان قد بذلها وزير السياحة الاسبق ممدوح البلتاجي ـ خفف الله عنه مرضه ـ تحت شعار أن السياحة هي قاطرة الاقتصاد.
وفي هذا المجال لا يمكن ان ننسي لهذه الخبرة الاعلامية السياحية انه كان وراء التخطيط لاكبر حملات الدعاية والترويج لمصر سياحيا.
في هذا المجال ليس مستحبا اللجوء للمزايدة تحت تأثير سوء فهم أو جريا وراء إرضاء أحد واستهدافا لمكتسبات.
هنا اقول ان المصلحة العامة تتطلب من المسئولين ان ينأوا بأنفسهم عن الارتباط بهذه التجاوزات التي أري انها لا تخدم السياحة.. صناعة الامل والتي يجب ألا تكون نهضتها علي حساب مصلحة وطنية أخري. في هذا الشأن لابد من ان يكون التعاطف والانحياز للسياحة في اطار تقدير عام ايجابي للفائدة التي يمكن ان تعود علي الوطن اقتصاديا وليس علي أنشطتها وحدها بما يجعل الاداء موصوما بالانانية.
<<<
حول هذه القضية اجد ان التناول السلبي لعلاقة السياحة والطيران وفقا لقاعدة الانانية يؤدي الي الاضرار بالعائد المتوقع للتنمية الاقتصادية بشكل عام.
هذا يقودنا الي شعار ما يسمي »بالسماوات المفتوحة« التي تهدف بشكل أساسي السماح لرحلات الطيران العارض بالهبوط في كل مطارات مصر بلا استثناء وبالاخص مطار القاهرة.
الترويج لهذا الشعار له شقان أحدهما ايجابي والثاني سلبي.
<<<
بالنسبة للشق الاول فإنه ولا شك يستجيب لضغوط شركات الطيران الخاص ومنظمي الرحلات الساعية الي تحقيق مزيد من الربح بالتوسع في حوافز برامجها.
الاستجابة لهذه الضغوط سوف يترتب عليها زيادة في عدد السياح القادمين علي اساس مبدأ الكم وليس الكيف. هذا الأمر لا يخدم تعظيم العائد الاقتصادي حيث انه معروف ان اسعار هذه البرامج السياحية متدنية وهو ما يتعارض مع مبدأ ان عشرة سياح بالاسعار المرتفعة التي تليق باسم مصر أبرك وأجدي من ٠٠١ سائح بهذه الاسعار المتدنية.
ان علينا تدارس هذه القضية واتخاذ موقف بشأنها وان نكون أمناء وصادقين مع أنفسنا محكومين بالمصلحة الوطنية وليس بالهمبكة انصياعا لمبدأ أنا ومن بعدي الطوفان.
<<<
أما فيما يتعلق بالشق الثاني وهو السلبي فإنه من الضروري بل من المحتم ان يوضع في الاعتبار تأثير الحرية المطلقة للطيران العارض باستخدام كل مطارات مصر وبالاخص مطار القاهرة. كل الشواهد تؤكد ان هذه الخطوة ستؤدي الي تخفيض شركات الطيران الكبري لرحلاتها المنتظمة التي من المفروض انها الوسيلة التي يجري استخدامها من جانب طبقة سياحة العائد المرتفع، بالاضافة الي ذلك فإنه لا يمكن التغاضي عن حجم الاضرار التي ستلحق في نفس الوقت بمصر للطيران المرفق الوطني للنقل الجوي. هنا نقول إنه لا يمكن لاحد انكار دورها في تعظيم التنمية السياحية. وفي هذا الشأن أيضا لا يمكن إغفال أهمية هذا المرفق في خدمة اهداف سياسية واقتصادية وطنية من خلال خطوطها الجوية.
<<<
اذن وامام هذا التضاد في المصالح وفق ما يراه كل من المنتمين للصناعتين.. صناعة السياحة وصناعة الطيران.. اصبح لزاما التوفيق بين المصلحتين وان يكون هناك توازن في عملية الانحياز بين القبول بالسماوات المفتوحة هذا لا يتأتي الا بإيجاد ضوابط تضمن تحقيق العائد المادي الذي يدعم التنمية الاقتصادية. هنا أقول ان ما سبق من قرارات بشأن رحلات الطيران العارض السياحية تسمح لهذا الطيران بالهبوط في جميع مطارات المقاصد السياحية الجاذبة لاعلي نسبة من السياحة الوافدة الي مصر. من بين هذه المطارات علي سبيل المثال مطارات شرم الشيخ وطابا والغردقة ومرسي علم ومرسي مطروح وبرج العرب في الاسكندرية. في نفس الوقت فإنه مسموح لشركات الطيران المنتظم تسيير رحلات الي الاقصر وأسوان وكل مطارات مقاصدنا السياحية.
<<<
ان تعاطفنا ودعمنا للسياحة.. صناعة الامل يجب ألا يكون بأي حال دافعا لأن نتخلي عن حقوقنا السيادية والجنوح لسياحة بيع مصر بأدني الاسعار.. حرام أن ُتباع مصر المكانة والتاريخ والتراث الإنساني والطقس والموقع الجغرافي بأبخس الاسعار. يحدث هذا في الوقت الذي تباع فيه البرامج السياحية في دول تفتقد لأي من هذه المقومات بأضعاف أضعاف أسعارنا. هل لاحد ان يصدق أو ان يقبل بأن تصل قيمة الاقامة في فنادقنا الي اقل من ٥١ دولارا لليلة الواحدة في نفس الوقت الذي تباع نفس الغرفة في دول اخري بما لا يقل عن ٠٠١ دولار؟. هل هذا يمكن ان يكون مقبولا حتي تحت وطأة الانحسار السياحي الوقتي الحالي.
