«معبر الحضارات».. يقتفي أثر الإنسانية منذ 5000 عام قبل الميلاد
دبى " المسلة " … حين تزور متحف «معبر الحضارات»، الكائن في منطقة الشندغة التاريخية، تعود بذاكرتك إلى قرون مضت، وترغمك المقتنيات الموجودة فيه على العيش في تلك الحقبة التاريخية، التي تحاكي حضارتهم أمم وشعوب توافدت إلى هذه المنطقة التي كانت مكاناً آمناً للكثيرين. ويعد المتحف بحق معبراً للحضارات، وأحد أهم المشروعات التي تم تنفيذها في الدولة، بالتعاون مع بلدية دبي، وتتجسد أهميته بمحتوياته ومقتنياته الثمينة التي تنتسب إلى مجموعة من أقدم الحضارات العالمية التي تعود إلى نحو 5000 عام قبل الميلاد، والتي كان لها دور ريادي في إبراز الماضي للأجيال الحالية، والمساهمة في تطوير البشرية.
علامة فارقة :
المتفحص لمضمون هذا المتحف يجده انعكاساً لحضارة هذه المنطقة التي نتعرف من خلال شرح معروضاتها ومقتنياتها على تاريخ الحضارة الإماراتية، وحضارات الشعوب الأخرى كاليونانية والرومانية والفينيقية والسومرية والصينية وحضارات عربية قديمة كالحميرية وحضارة سبأ، ويمكن للزائر أن يلمس من خلال تلك المعروضات الثمينة والمتنوعة مدى وحدتها الحضارية التي سبقت وحدتها السياسية، وبما يعني تجانس وتماسك النسيج الحضاري الواحد لشعوب المنطقة منذ نهاية عصور ما قبل التاريخ، لأنها تقدم قصصاً تاريخية وحكايات متنوعة ونادرة لشعوب مختلفة من ربوع الكرة الأرضية مترامية الأطراف.
وتمثل معروضات هذا المتحف الرائد علامة تاريخية فارقة كونه يتميز بالجمع ما بين توفير الخدمات الثقافية والمتحفية والترفيهية والمعرفية، التي ستلبي احتياجات واهتمامات زوار المتاحف في الدولة وخاصة السياح، وتتجاوز تلك المعروضات العرض التقليدي للمتاحف الأخرى، حيث تحتوي على مجموعة ثمينة من المخطوطات والنماذج التاريخية الغنية التي تعود إلى عصور مختلفة، مثل أنواع مختلفة نادرة من الفخار والأسلحة والوثائق والعملات التاريخية المعدنية والتحف، بالإضافة إلى قطع إسلامية تعود إلى عام 950 للهجرة، منها ستارة نادرة جلبت على سبيل الإعارة، «للكعبة الشريفة» بعثها السلطان سليمان القانوني، أشهر سلاطين الدولة العثمانية.
ويمكن للزائر أن يستمتع بنماذج نادرة داخل المتحف الذي يبرز مختلف الحضارات عبر مجموعات أثرية تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، من ثقافات متعاقبة وتاريخ لملوك وسلاطين وولاة وحكام وأديان ومعتقدات وتعبيرات جمالية، يأخذ زائريه في رحلة فريدة خلال حقب التاريخ المتنوعة، ويتيح لهم التعرف على تاريخ أقدم حضارات العالم.
ويؤكد المتحف بمحتوياته أنه ليس مجرد قاعات تضم الكنوز والآثار ليشاهدها الزوار فقط، بل إنه متحف فريد وجديد، من حيث مضمونه الذي لم تألفه المتاحف الموجودة بالدولة ولا المتاحف العربية الأخرى، ويتوقع أن تنضم إليه مستقبلا مكتبة عامة في محاولة لإثراء الدراسات المتخصصة والمرتبطة به، بالإضافة إلى معامل للترميم وأماكن للترفيه، وهو ما يجعل منه مؤسسة ثقافية متكاملة، وهذا ما يحلم به مؤسس المتحف أحمد المنصوري، الذي يرى من خلال استثمار خبرته في مجال البحوث، أن الحضارات لم تكن دوماً في صراع، وقد أدى التواصل بينها إلى الكثير من الفوائد للبشرية. وفي الوقت الذي أصبح فيه ما نختلف عليه أكثر مما نتفق عليه، فإننا بحاجة لمحطات كمتحف معبر الحضارات تذكرنا بأننا على اختلافنا بشر وأننا جميعها نسعى لخدمة البشرية.