الكويت تعيد للعراق 44 قطعة أثرية مهربة
الكويت " المسلة " … تنفيذا لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بحماية الآثار، وإعادتها إلى بلدانها الأصلية، قامت دولة الكويت ممثلة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بتسليم جمهورية العراق عدد 44 قطعة أثرية أثبتت الدراسات والكشوفات الأثرية- بالتعاون مع اليونسكو – عائديتها للعراق، وتم توقيع مراسم الاتفاق الرسمي، وتسليم القطع الأثرية للوفد العراقي خلال حفل أقيم صباح اليوم الأربعاء على مسرح متحف الكويت الوطني بحضور الأمين العام للمجلس الوطني م.علي اليوحة والأمين المساعد لقطاع الآثار والمتاحف شهاب الشهاب، ومدير إدارة الآثار والمتاحف سلطان الدويش، ومن الجانب العراقي السفير محمد حسين بحر العلوم، وعلماء الآثار العراقيين د.مريم عمران موسى، والسيدة حياة ابراهيم ، وممثل وزارة الخارجية العراقية للشؤون القانونية أحمد حميد الجميلي.
وكان المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالتعاون مع وزارة الداخلية قام بالتحفظ على عدد من القطع الاثرية المسروقة من الجمهورية العراقية، وايماناً من دولة الكويت ممثلة بالمجلس الوطني بضرورة اعادة جميع القطع الاثرية والتي يقدر عددهاب ( 44 ) قطعة أثرية الى الجمهورية العراقية، وذلك تنفيذا للقرارات والاتفاقيات المتعلقة بحماية الآثار، لاسبما الفقرة ‘7’ من قرار مجلس الأمن رقم (1384) لسنة 2003.
وقام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بمخاطبة منظمة اليونسكو حول هذا الموضوع، وتمت دعوة خبير بالآثار لدراستها، وتم تقديم تقرير إلى منظمة اليونسكو يثبت عائدية هذا القطع إلى الجمهورية العراقية، وحرصا من المجلس الوطني على اعادة القطع الأثرية إلى بلدانها الأصلية، وبما ان دراسة الخبير أثبتت أن الآثار مصدرها جمهورية العراق، فقد تمت دعوة خبراء من الجمهورية العراقية واستضافتهم في دولة الكويت خلال الفترة من 22-29 يونيو الجاري لدراسة القطع الأثرية المهربة إلى دولة الكويت بالتعاون مع الفريق الكويتي.
ونقل الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب م. علي اليوحة للحضور تحيات الشيخ سلـمان صباح السالم الحمود الصباح – وزير الإعلام ووزير الدولة لشئون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب وقال إن هذا الملتقى يأتي في سياق مساعينا لتعزيز التعاون بين الشعبين الشقيقين، ويمثل ثمرة من ثمار الاتفاقيات الثقافية والأثرية بين دولة الكويت وجمهورية العراق، ليس فقط لدعم العمل الثقافي المشترك بين البلدين، بل أيضاً من أجل ترسيخ دعائم الثقافة العربية والإسهام في بناء نهضة عامة على الصعيد الحضاري لوطننا العربي الكبير .
وقال اليوحة في كلمة ألقاها بهذا المناسبة: لعلنا لا نُغالي إذا ما أكدنا أن هذه البقعة من الأرض التي يحُدها شرقًا الخليج العربي، وشمالاً أنهاره العذبة (دجلة والفرات وبردى والأردن) وغرباً البحر الأحمر، وجنوباً بحر العرب.. قد حظيت بتاريخ يعود إلى ما قبل الميلاد، مما يؤكد بأن أراضينا تمتلك تراثاً إنسانياً كبيراً، وارثاً تاريخياً عظيماً، ومنـها ارض الكويت، حيث أثبتت عمليات البحث الأثري، وعلى مدى خمسين عاماً، أن ارض الكويت تزخر بالأدلة الأثرية منذ العصر الحجري وحتى الفترات الإسلامية المختلفة، وبداية نشأة دولة الكويت الحديثة، وكلها أدلة وشواهد ملء العين على أن باطن هذه الأرض الطيبة لا يحتوي النفط وحسب، بل التــاريخ العريق والثقافات المختلفة التي احتضنها سطحها في عصور زاهرة قديمة، مما يدُل على أن هذه الأرض كانت على الدوام مقصداً مهماً ونقطة مركزية في الحراك البشري منذ أقدم العصور ..
وحرصاً من دولة الكويت على إبراز هذا الإرث التاريخي وصونه، فقد توجهت في عام 1958م بدعوة للبعثة الدنماركيـة لتكـون أول بعثـة تنقيب اثري على ارض الكويت، ومنذ ذلك العام توالت بعثات التنقيب الأثري الأجنبية والعربية إلى الكويت للبحـث في أراضيهـا وفي الجـزر التابعـة لها، عما تحتويه من مخزون اثري .. كما شرعت قانون الآثار الصادر بمرسوم أميري رقم 1 لسنة 1960م والذي يعتبر من أقدم قوانين الآثار بدول مجلس التعاون الخليجي، ومن خلال ما تم التوصل إليه من عمليات مسح وتنقيب، على مدار هذه السنوات، وُضعت الكويت على خارطة الحضارات الإنسانية.. وتواصل الدولة مساعيها في الحفاظ على هذا الموروث الإنساني من خلال التوجيه بتكثيف العمل بالمواقع الأثرية، وحمايتها من أي تعديات، وخاصة المواقع التي تقع ضمن المشاريع الإنشائية الجديدة
وأكد اليوحة الاهتمام بالآثار والتنقيب عليها، يدفعنا دفعاً نحو رفع الغبار عن مكنونات هذه الأرض لا لكشف ثروات أسلافنا وحسب، ولكن للتعرف أيضاً على ثقافات ثرية ما تزال تجري في عروقنا وتهبنا شرف العمل والفخر بما أنجزه الأولون .
وعلى حلفية إعادة الآثار المضبوطة في الكويت والتي ثبت عائديتها للجمهورية العراقية، قال اليوحة: مثلما تحرص الكويت على ارثها التاريخي، وتدفع بكل الوسائل المشروعة التي تحمي هذا الإرث، فإنها أيضا تحرص على حماية التراث الثقافي لأي دولة شقيقة أو صديقة، وذلك انطلاقاً من التزامها بمواد قانون الآثار الكويتي، وبالمواثيق والمعاهدات الدولية، التي تعني بحماية التراث الثقافي العالمي من إخطار السرقة والنهب أو التدهور أو التبديد أو الزوال .. ولعل هذا اللقاء الذي يجمعنا اليوم لتسليم القطع الأثرية العراقية، إلى الجانب العراقي، والتي كانت قد خرجت بطريقة غير مشروعة وتم التحفظ عليها في دولة الكويت من أجل تسليمها إلى جمهورية العراق الشقيقة.. لعله ترجمة صادقة لهذا الالتزام الأخلاقي بالمعاهدات والمواثيق الدولية.
وفي ختام كلمته توجه الأمين العام بالشكر إلى رجال الأمن الكويتي على تعاونهم مع الأمانة العامة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في تفعيل قانون الآثار، وفي مواجهة عصابات الاتجار بالآثار وإحباطهم لأي عمليات قرصنة أو تهريب لقطع أثرية عبر منافذ الدولة، خاصة إذا كانت هذه الآثار تخص دولة شقيقة مجاورة.. وكذلك الشكر إلى إدارة الجمارك على ما تقوم به من إجراءات تفتيش وتدقيق تسهم في الكشف عن هذه المسروقات… والشكر موصول إلى وفد منظمة اليونسكو الذي تحمل مشقة السفر والحضور للكويت لمعاينة الآثار المسروقة والتأكد من أنها تخص الجانب العراقي الشقيق.
شكر وامتنان للكويت
ومن جانبة ثمّن السفير العراقي بحر العلوم هذه الخطوة من دولة الكويت، مؤكدا على مثانة العلاقة الأخوية بين البلدين على المستوي الرسمي والشعبي، وأشار إلى أن متاحف العراق تعرضت لعملية سرقة آثار كثيرة بعد عام 2003 ويقال انها اكبر عملية سرقة منظمة في التاريخ حيث تم سرقة وتهريب حوالي 15 ألف قطعة أثرية منذ هذا التاريخ، والعراق يسعى جاهدا من اجل التعاون الجاد مع كل دول المنطقة والدول الشقيقة والصديقة في محاولتهم الجادة لاستعادة هذا الارث الحضاري الكبير.
وقال بحر العلوم: الآن تمكن العراق من استعادة حوالي 5000 قطعة اثرية عليها ختم المتحف الوطني العراقي والكثير من القطع التاريخية التي نُهبت من مواقع اثريه بمختلف المدن العراقية، وهذا الارث يمثل تاريخ كبير لحضارات المنطقة العربية الاسلامية، معبرا عن الشكر الجزيل والاستحسان الكبير لكل التعاون الدولي المتمثل في جهود دولة الكويت الشقيقة في الحفاظ على هذه المسروقات التاريخية طوال هذه المدة الزمنية والتنسيق الكامل مع الفريق العراقي الفني في قدومه الى دولة الكويت في يونيو 2013 وتقديمه كل الامكانيات المتاحة في الكشف واثبات عائدية هذه التحف الى العراق.
وتابع: اليوم نحن نعيش هذه الاحتفالية تتويجا لكل التعاون الايجابي وتطور العلاقات مع دولة الكويت وتثبيتا لكل الاتفاقيات الدولية والثنائية الموقعة مع الدولة الشقيقة في المساعدة وتطوير العلاقات الثقافية بين البلدين التي سوف تزيد من عرى العلاقة بين الجاريين الشقيقين، مكررا جزيل شكره لدولة الكويت متمثلة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ومتحف الكويت الوطني على كل الجهود الطيبة التي مكنتنا من اعادة هذه التحف والقطع الاثرية للعراق. وندعو الله تعالى ان يزيد هذا التعاون ويوطد هذه العلاقات بين البلدين الشقيقين ويمكننا من الحفاظ على هذه القيم التاريخية لبلادنا وللأمة العربية والاسلامية.
كلمة اليونسكو
ومن جانبة قال مدير منظمة اليونسكو في دولة الكويت عبداللطيف البعيجان أن الجهود كانت مثمرة بين دولة الكويت وخبراء منظمة اليونسكو بمشاركة خبراء الآثار العراقيين للتثبت من عائدية هذا القطع الأثرية للجمهورية العراقية، حيث أثبتت الدراسات أن هذه القطع الأثرية أصلية وتعود لدولة العراق، مشيرا إلى أن التعاون بين الدول في مثل هذه الحالات يكون على مستوى القنوات الديبلوماسية والثقافية والأمنية، وقد تم التعاون على كافة المستويات بين دولة الكويت والجمهورية العراقية بمشاركة اليونسكو، منذ أن تم الإعالن عن قطع أثرية مسروقة وتم ضبطها في الكويت، مشيرا الى ان ما تم اليوم هو حصيلة لعمل دؤوب لاعادة هذه الآثار إلى موطنها الأصلي. وثمن البعيجان التعاون الوثيق بين دولة الكويت والجهورية العراقية، قائلا أن هناك صفحة جديدة من التعاون الوثيق بين البلدين على كافة المستويات.