عالم اثار : المصريون عرفوا السخرية من حكامهم منذ الفراعنة
الأقصر " المسلة " … في ظل الجدل الذي أثارته الحلقة الأخيرة من برنامج "البرنامج" لباسم يوسف والسجال الذي أثير على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من قبل من يؤيدون البرنامج ومن ينتقدونه، أكد أثريون مصريون أن قدماء المصريين عرفوا فنون السخرية من حكامهم ، وأن حرية التعبير عن الرأي كان جزءا أصيلا من ثقافة الفراعنة .
وأوضحوا أن شخصية الفرعون في مصر القديمة تعرضت للانتقاد بأسلوب ساخر بالكلمة والرسم، يقول عالم المصريات الدكتور منصور بريك إن الزائر للجبل الذي يحتضن معبد الملكة حتشيبسوت غرب مدينة الأقصر يرى كيف كانت سخرية المصريين القدماء من العلاقة بين " حتشبسوت " والمهندس " سنموت " الذي أشرف على بناء معبدها ونحته في صخور جبل القرنة ، كما تكشف بردية " تورين " الشهيرة كيف خاطب مواطن مصري بسيط الفرعون آنذاك .
ويؤكد بريك أن المصريين القدماء كانوا أول من تنبه لفن الكاريكاتير الذي وجدوا فيه فنا يحقق مآربهم في السخرية من الحاكم "وكل مستبد بسلطانه وسلطاته"،وأشار بريك إلى أن المصري القديم استخدم الحيوانات والرموز البسيطة للتعبير عن رأيه الحقيقي في أصحاب السلطة ففي إحدى قطع "الأوستراكا" (قطعة مستوية من الفخار كانت تستخدم للكتابة عليها)، نرى تصويرا كروكيا لصراع بين القطط والفئران، حيث يدور ملك الفئران على عجلة حربية تقودها كلبتان ويهجم على حصن تحرسه القطط في إشارة إلى قوة الشعب في وجه حاكم مستبد .
وتؤكد معالم أثرية كثيرة مدى تمكن المصري القديم من توجيه النقد للنظام الحاكم بشكل مبسط مستتر ولكنه فعال من خلال صورة كروكية لثعلب يرعى قطعانا من الماعز أو ذئبا يقود الأوز.
وقال أحمد صالح عبد الله الباحث المصري في مجال علوم الآثار أن انتقاد الحكام كان "موضوعا عاما للأدب الشعبي في مصر الفرعونية" ، حيث عثر على العديد من الصور المرسومة على " الاوستراكا " وعلى أوراق البردي بشكل تهكمي ، وقد كتب عليها: " تصبح القطة عبدة لدى مدام فأرة "، ويهاجم جيش من الفئران فرقة القطط المسكينة المحبوسة في قلعة.
ويرجع علماء المصريات أول ظهور لرسم كاريكاتيري للقط والفأر إلى حوالي عام 1300 قبل الميلاد ، حيث رمز قدماء المصريين للصراع بين الملك والشعب بصراع بين القط والفأر، فكان يرمز بالقط إلى الملك وبالفأر إلى الشعب ، لكن الفأر النحيل الجسد في قصص وصور المصريين القدماء كان هو المنتصر دائما , فكانت القصص الشعبية الفرعونية تنتهي دائما بنهاية سعيدة وبانتصار الحق على الباطل.وتقول الباحثة المصرية ليلى الطنبولى إن القصص الشعبي لقدماء المصريين
كما هي الحال لدى شعوب كثيرة أخرى يحتوى على ثروة هائلة من الحكايات التي انتقلت من جيل إلى جيل "في لغة تليق بذوق شعب مولع بالبلاغة اللفظية والنقدية للمجتمع ، حكاما ومحكومين. ولكن لسوء الحظ لم يصلنا من هذه القصص والحكايات إلا ما تم تدوينه كتابة فبقى لنا محفوظا..وقد حظيت الحيوانات بنصيب وافر من قصص المصريين القدماء الذين قدسوها واعتبروها رموزا لآبائهم ،ثم ما لبثوا أن عبدوها".
لكن المدهش كما تقول الطنبولى هو ما أكده خمسة من علماء المصريات الأجانب هم جان دوريس وإف.إل. ليونيه و أيه.أيه. إس إدواردز وجان يو، يوت وسيرج سونرون في كتابهم الموسوعي "معجم الحضارة المصرية القديمة" عن أن المصريين عرفوا "تومي" و"جيري" قبل أكثر من 3300 سنة ،وأن المصريين يبتسمون على الدوام "مهما صادفهم من سوء حظ ".
المصدر : د ب أ