سعوديون يزاحمون الأوروبيين في "سياحة التطوع"
ربما يفاجأ البعض بشيء من الاستغراب حين يكشف له عملاق البحث على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت "جوجل" بكل يسر عن تمكن مجموعة شباب سعوديين من جدة من مزاحمة كبريات المنظمات الأوروبية المتخصصة في "سياحة التطوع"، في جميع أنحاء العالم، عبر نشر هذه الثقافة ليس فقط على مستوى الخارطة السعودية فقط، بل تمتد أيضاً لتصل إلى البعدين الخليجي والعربي.
في الجزء الشمالي من العروس ومن أحد المكاتب محدودة المساحة، ومن خلف موقع إلكتروني بسيط حمل عنوان "كن عوناً"، التقت أفكار الشباب وسط تحديات كبيرة واجهتهم " وما زالت- في تعزيز ثقافة سياحية لم يألفها المجتمعان العربي والمحلي على وجه الخصوص، وهي ما تعرف بـ"السياحة التطوعية"، وهي اتجاه جديد يهدف إلى مزج العناصر الأساسية للسفر والسياحة والثقافة مع تقديم خدمات تطوعية تهدف لنشر "القيم الإنسانية".
السياق التاريخي يشير إلى أن هذا النوع من السياحة نشط في بدايات القرن الماضي، عندما كنت الطبقة الأوروبية الغنية – التي عرفت في حينه باسم الطبقة البرجوازية- يرسلون أبناءهم إلى الدول النامية بغرض إكسابهم خبرات جديدة في شؤون الحياة، وكانت تستمر رحلاتهم التطوعية من عام إلى عامين. أدبيات تأسيس الموقع السعودي "كن عوناً" انطلقت شرارتها بعد عرض عدة حلقات من برنامج "خواطر 8"، عن السياحة التطوعية في عدة دول أفريقية لا تتمتع باقتصاد قوي، لدعم مفهوم السياحة التطوعية في العالم العربي.
ثلاث رحلات شكلت باكورة نشر هذه الثقافة خرجت إلى كينيا في نوفمبر 2012، وتنزانيا في أبريل 2013، ثم إلى سيريلانكا، ويشير هنا مدير إدارة المشاركين عبدالله عبدالعظيم خلال حديثه لـ "الوطن"، إلى أن تفاعل الشباب مع كل برنامج يطرحه "كن عوناً" يشهد إقبالاً كبيراً ووصل في بعض البرامج إلى أكثر من 1200 شاب، للتنافس على 24 مقعدا فقط، تتراوح أعمارهم ما بين (18- 40 عاماً)، ويتباين اشتراك الفرد ما بين خمسة آلاف إلى 13 ألف ريال، وهي مخصصة للشباب دون الفتيات من جميع الدول العربية، بخلاف الأوروبيين حيث تسيطر الفتيات بنسبة غالبة على جميع رحلات التطوع السياحية.
وتشير دراسات متخصصة إلى أن سوق تنظيم "سياحة التطوع" حديثة النشأة عربياً، مقارنة بنظيرتها الأوروبية التي يناهز عمرها المائة عام، إذ تأسست في بدايات القرن الماضي. وهناك العديد من القصص التطوعية التي يفخر بها القائمون على "كن عوناً"، منها تحقيق أمنية سيدة ثمانينية كينية في بناء منزل لها ولأحفادها، وإعادة تأهيل قارب صيد يعيل عائلة تنزانية كبيرة، وبناء 3 دورات مياه للمجمع التعليمي في إحدى القرى التنزانية الفقيرة.
وعندما يتحدث الفريق عن أفكارهم وأجندتهم، يتحدثون معك بكل سلاسة دون تحفظ عن تخطيط "رحلاتهم التطوعية"، حيث تعتمد رحلاتهم في اختيار الموقع على عنصرين رئيسيين، هما جمالية المكان ومحدودية الموارد (الفقر)، دون النظر إلى العرق أو الجنس أو الدين، لذلك يؤكدون أكثر من مرة خلال حديثهم على عبارة: "نحن نستهدف تعزيز القيم الإنسانية المشتركة".
واستطاع أعضاء المجموعة خلال فترة وجيزة، عقد شراكات مع حلفاء دوليين في هذا المجال مع (Cames International)، كأول فريق عربي متخصص في السياحة التطوعية. والسيرة الذاتية للفريق تحمل دلالات كثيرة لعل أهمها تدوينهم عبارة لبطل الملاكمة التاريخي محمد علي كلاي، والتي تعد بمثابة "الإسناد التأصيلي"، يقول فيها: "خدمة الآخرين هي الإيجار الذي تدفعه للغرفة الخاصة بك هنا على الأرض".
أما انطباعات الشباب الذين شاركو في رحلاتهم (السعودية " مصر " سورية " فلسطين " عمان- اليمن " تونس " الأردن)، تحمل هي الأخرى معالم مهمة، فكتب خالد الشريف أحد المشاركين في رحلات "كن عوناً" يقول: "شخصيتي تأثرت كثيراً في الرحلة، وبدأت أرى معاني جديدة للعطاء والسعادة".
أما ما يهدفون إليه فيمثل روحهم التي يسعون لتحقيقها كالمشاركة في تقديم خدمات تطوعية على مستوى العالم، تقوية روح العمل الجماعي بين الشباب العربي لتحقيق هدف إنساني واحد، التعرف على ثقافات مختلفة، وتشجيع الشباب العربي على روح المغامرة والتحدي بشكل هادف، وأخيرا ترسيخ مفهوم وقيمة "السياحة التطوعية" لدى شباب العرب.
أرقام في "سياحة التطوع"
1 من كل 5 سياح يبدي استعداده للذهاب في تلك الرحلات
24 % يفضلون مساعدة أطفال المدارس أو مراكز العناية بالأطفال
12 % يفضلون مشاريع الخدمة الاجتماعية
10.2 % يفضلون العمل في منشآت الخدمة الصحية
9% يفضلون حماية الحياة الفطرية
44.8 % يفضلون نشاطات تطوعية أخرى
ما بين 17 " 29 عاماً العمر المفضل في رحلات التطوع
المصدر : الوطن