اهتم به الملك عبد العزيز وعقد فيه اتفاقيات سياسية..
ميناء العقير أول ميناء بحري بالمملكة.. و الميناء الرئيس للحضارات المتعاقبة في الاحساء
• يعود عمق أقدم تبادل تجاري عبر العقير والبلاد المجاورة لها إلى العصور الحجرية
• استخدمه الملك عبدالعزيز مقراً لمقابلة الموفدين البريطانيين واتخذه مقرا للمفاوضات مع الحكومة البريطانية
• قام الملك عبدالعزيز بتطوير الميناء بإنشاء الجمارك والجوازات والفرضة ومباني الخان والإمارة والحصن والمسجد
• المكانة التاريخية ستسهم في تميز مشروع تطوير العقير سياحيا.
الاحساء "المسلة" … يعد ميناء العقير بالاحساء على ساحل الخليج العربي من المواقع التاريخية الهامة في المملكة وأول ميناء بحري فيها، كما كان الميناء الرئيس للحضارات المتعاقبة في الأحساء حتى عهد قريب.
وقد اهتم المؤسس الملك عبدالعزيز بميناء العقير لكونه البوابة الاقتصادية للدولة السعودية الناشئة، وكان إلى عهد قريب قبيل تأسيس ميناء الدمام الميناء الرئيس الذي يفد إليه الزائرون لوسط الجزيرة العربية وشرقها.
ويعد العقير بوابة نجد البحرية ومعبر الاستيطان في المنطقة وقد استمر أثره السياسي والتجاري والعسكري والفكري واضحاً في الأدوار السياسية التي تعاقبت على الساحل الشرقي للجزيرة العربية ، إذ يعود عمق أقدم تبادل تجاري عبر العقير والبلاد المجاورة لها إلى العصور الحجرية، وقد تبين من فحص الأدوات الحجرية التي عثر عليها في هجر أنها تتكون من أحجار لا توجد أصلاً في مكونات سطحها، مثل الأحجار البركانية وأحجار الكوارتز وأنواع أخرى من الأحجار المختلفة ، وإنما استوردت من المناطق الغربية بالجزيرة العربية بعد أن تم فحصها من قبل علماء الآثار.
وجاءت تسمية العقير على ما يبدو نسبة إلى قبيلة أجاروا أو عجيروا التي سكنت المنطقة في الألف الأول قبل الميلاد، فأوردت اسمها المصادر الكلاسيكية، ويلحظ أن أهل الخليج وفي كثير من المفردات اللغوية وبتأثير غير مقصود في اللهجة يبدلون بعض الحروف في الكلام مثل إبدال حرف القاف بحرف الجيم فيقال: عجير بدلاً من عقير، واسم عقير في المصادر الكلاسيكية هو أجير ؛ لأن الذين كتبوه ونطقوه ليسوا من الناطقين باللغة العربية لذلك يصعب عليهم نطق حرف العين لعدم وجوده أصلاً في لغتهم ، فيكتبون وينطقون عجير أجير أو جير أو جيرا مقترنة بقبيلة أجارم ، وهي بالعربية المحلية أصلها عجارو أو عجيريون سكان ساحل شرق الجزيرة قبل الميلاد حسبما ذكر في المصادر والنقوش المسمارية.
ميناء العقير في عهد الملك عبد العزيز
ولأهميته ولكونه الميناء الرئيس في شرقي البلاد، فقد شهد ميناء العقير أحداثا سياسية واقتصادية في عهد الملك عبد العزيز ، حيث استخدمه الملك عبدالعزيز مقراً لمقابلة الموفدين البريطانيين واتخذه مقرا للمفاوضات مع الحكومة البريطانية. ففي عام 1334هـ/1915م اتجه الملك عبدالعزيز إلى العقير حيث عقد – رحمه الله – في مينائه مع السير بيرسي كوكس ممثل الحكومة الإنجليزية معاهدة العقير الشهيرة بتاريخ 18 صفر 1334هـ الموافق 26 ديسمبر 1915م. كما قرر الملك عبدالعزيز أن يكون ميناء العقير مكانا للاجتماع بالمندوبين الإنجليز لمناقشة الحدود بين نجد وشرقي الأردن والعراق ، ونتج عن ذلك توقيع ما يسمى ببروتوكول العقير عام 1341هـ/1922م.
وقد استمرت أهمية العقير بوصفه ميناءً ، إذ ازدهر في بداية الدولة السعودية إلى قرابة سنة 1365هـ/1945م، وبفعل تحول الطرق التجارية بعد اكتشاف النفط في بقيق والظهران تراجعت أهمية العقير لوجود طرق حديثة معبدة وبناء عدد من الموانئ الحديثة قريبة من منابع النفط والأسواق التجارية في المنطقة الشرقية.
وقد قام الملك عبدالعزيز بتطوير الميناء فأنشئت الجمارك والجوازات والفرضة ومبنى الخان ومبنى الإمارة والحصن والمسجد وعين الماء وبرج بوزهمول.
وأصبح العقير شريان الحياة لوسط الجزيرة العربية وشرقها بحيث كانت البضائع والأغذية وغيرها ترد إلى قلب الجزيرة العربية والعاصمة الرياض عبر هذا الميناء المهم. وشهد هـذا الميناء في عهد الملك عبدالعزيز تنظيمات عديدة لضمان استمراره في أداء دوره الاقتصادي في البلاد.
وبدأت أهمية العقير بكونه ميناءً لشرقي الجزيرة العربية ووسطها تتقلص في عام 1377هـ /1957م عندما بدأ العمل في إنشاء ميناء الدمام وخط السكة الحديد ، وبدأ البحث عن طرق أقرب وأسهل لمصادر النفط المكتشف آنذاك ، وذلك لتسهيل نقله وما يحتاج إليه من مواد وتسهيل وصول العاملين فيه لمناطق العمل بيسر وبأقل تكلفة ، وبذلك أسدل الستار على آخر أدوار ميناء العقير.
المكانة السياحية للعقير.. واهتمام هيئة السياحة
ويعد ساحل العقير من أجمل السواحل في المملكة، ويتميز بتداخل مياه الخليج بالشواطئ الرملية الضحلة وتنوع المظاهر الجغرافية وكثرة الرؤوس والخلجان والجزر، وتوجد بالعقير عدة جزر من أهم جزيرة الزخنونية وجزيرة الفطيم.
ويستقبل شاطئ العقير آلاف الزوار والسياح طيلة أيام العام، ويجذب الشاطئ الذي يبعد نحو 65 كلم من مدينة الهفوف كثيراً من المرتادين من مختلف مناطق المملكة وخصوصاً من الأحساء و المنطقة الشرقية ومنطقة الرياض، ويصل العدد اليومي لقاصدي الشاطئ قبل تطويره خلال المواسم والعطلات إلى أكثر من 28 ألف زائر.
وقد اهتمت الهيئة العامة للسياحة والآثار بميناء العقير تاريخيا وسياحيا، ففي الجانب التاريخي قامت بتسجيل مبنى الجمارك في ميناء العقير في سجل الآثار الوطني، وقد جرى ترميم مباني المستودعات والجمارك في العقير خلال العام 1412هـ، كما جرى ترميم مباني ميناء العقير الأثري التي شملت مباني الخان والإمارة وحصن الإمارة خلال العام 1418هـ، كما نفذت الهيئة أعمال الترميم الشامل والتأهيل للعديد من المعالم الأثرية والتاريخية في محافظة الأحساء، مثل القصور التاريخية والمساجد والمدارس وغيرها.
وفي الجانب السياحي عملت الهيئة على جعل العقير وجهة سياحية رئيسية في المنطقة نظرا لمكانتها التاريخية، وتميز موقعها، حيث تم في هذا المجال توقيع عقد تأسيس شركة تطوير العقير، الثلاثاء الماضي في محافظة الاحساء برأسمال يبلغ مليارين و (710 ) ملايين ريال بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، و الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية رئيس مجلس التنمية السياحية في المنطقة.
وسيكون مشروع تطوير العقير أول وجهة سياحية متكاملة تسهم فيها الدولة بمساحة ( 100 ) مليون متر مربع، وبشواطئ تمتد بمسافة (15 ) كيلو متراً.
,سيخدم المشروع المواطنين والمقيمين بالمنطقتين الشرقية والرياض ومناطق المملكة الأخرى والزائرين من دول الخليج العربي.
وسيوفر المشروع بتكامل عناصره وتعدد خدماته خيارات سياحية تلاءم متطلبات وخصوصية الأسرة السعودية، وتلبي احتياجات الشباب الترفيهية، وتطوير الخدمات والفعاليات السياحية، إضافة إلى المؤتمرات والمعارض وغيرها من الأنشطة الاقتصادية.
وسيتم تطوير المشروع على ثلاث مراحل، وسيتم مستقبلا طرح ما لا يقل عن 30% من أسهم الشركة للمواطنين من خلال الاكتتاب العام، وذلك تأكيداً لتوجهات الدولة بأن يكون الاستثمار متاحاً للمواطنين.
ومن المتوقع أن يسهم المشروع في جميع مراحل تطويره في توفير أكثر من تسعين ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة للمواطنين.