Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

فيصل الكندري : شعب بلا آثار تاريخه يموت مع الأيام

فيصل الكندري : شعب بلا آثار تاريخه يموت مع الأيام

 

الكويت " المسلة " … الرعيل الأول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا من الاثنتين وذاقوا حلاوتيهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح او بعضا منه. ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم فان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي. القبس شاركت عددا من هؤلاء الافاضل والفاضلات في هذه الاستكانة الرمضانية.

 

تعتبر قطع الانتيك والحفاظ عليها من الثقافة الشعبية التي تعتبر حاضرة رغم سنوات مضت، وفي الدول المتحضرة المتقدمة تعتبر هذه القطع رأسمالاً للتاريخ، وطاقة تحرك مشاعرنا وأحاسيسنا وذكرياتنا تجاه هؤلاء الذين عاشوا في أشد الظروف، والشعوب التي ليس لها آثار أو ذكر تاريخها يموت مع الأيام، ولكي نتواصل مع الماضي مواصلة مباشرة علينا الحفاظ على مهنهم وحرفهم، وعلى الاداءات التي قدموها، من اللهجات وما صنعتها أيديهم، التراث الشعبي والموروثات الشعبية ضرورة لتعزيز العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل لنحمي آثارنا ونصونها، إذا حافظنا على مقتنيات الآباء نكون كالزهرة نفسها تجني النحلة من رحيقها عسلاً، والحيّة سمها إذا ضاعت. فنحن في الكويت نتباهى ونفتخر ونعتز بهؤلاء الشباب الذين يحافظون على ماضينا في بيوتهم، وهناك مثل يقول: لا أذى لهم ولا تذمر لهم، وكل قطعة ادخروها يعتبرونها من الممتلكات العامة، هؤلاء الشباب من أصحاب الانتيك اعتبر الواحد منهم كالماء الذي يمتاز بفعل، وبأنه مفيد للجميع.

 

الحديث معهم ذو شجون وثقافة، وجهود تفل الحديد وكما قال المثل: إن الحديد بالحديد يُفلح، فماضينا فالح بيد الشعراء والأدباء وكتاب التاريخ والمتاحف الكبيرة أو التي في البيوت، فقطعهم تتلألأ كنجوم السماء. قمت بزيارة متحف فيصل عبدالرحمن الكندري في منزله قال: بدأت بجمع هذه القطع والمقتنيات عام 1985.

 

أغلبها كانت تتداول في البيوت في الكويت والخليج العربي، ومنها الأوروبية، وأنا أكثر اهتماماتي بالقطع الكويتية، في البداية عرض بعض الدلال الكويتية كانت تطبخ فيها القهوة منها: دلة كمكم، ودلة تحميرة والدلة الصغيرة التي تقدم فيها القهوة الكويتية المشهورة، ومنها: نصرانية – كويتية، ودلة عمانية، ودلة بحرينية وإماراتية وبغدادية، ونجفية، ودلة يمنية، كل هذه الدلال صنعت قبل مائة سنة، وأغلبها من النحاس الأحمر المطلي بالقصدير الأبيض.

 

وفي متحف فيصل الكندري، هاون حديدي نحاسي يسمى «نجر» صنع يدويا عام 1900، عليه نقوش ترمز إلى الحاكم (حمورابي) لمملكة آشور وبابل وسمراء، وكل نقشة ترمز إلى قانون من قوانينه، ومع الهاون، أيد الهاون قضيب مدبب من النحاس طوله حوالي شبر، وهذا القضيب كان يهوي على الحبوب بداخل الهاون لسحقها.

 

قطع الأسرة :

 

عرض ابو فهد علينا صندوقا حديدياً لوالدته وجدته، ويعتبر هذا الصندوق من القطع النادرة لحفظ الملابس، ويرجع تاريخه الى اكثر من مائة سنة، والمرأة الكويتية كانت تحفظ ملابس الاسرة في صندوق مبيت وفي سلة روط او الصندوق الحديدي قبل ان تعرف الخزانة الخشبية الــ (كبت)، وكبت كلمة انكليزية (Cupboard).

 

قال ابو فهد الكندري: في متحفي والى الآن انا محتفظ برخصة نقل الماء من السفن المقبلة من شط العرب والذي يفرغ في برك على السيف. وكان اكثرالناس ينقلون الماء من السفن قبل حفر البرك، فوالدي، رحمه الله، من الذين قدموا الى الكويت ووزعوا المياه على الاهالي، وكان يحمل الماء على كتفيه ولا يمكن ان يقوم اي شخص بنقل الماء الا ولديه رخصة. وفي متحفي سديري المرحوم ومحفظته، واشار الى لوحة زيتية تدل على وصول الماء الى احد البيوت، ويبدأ بتسجيل عدد التنكات على الحائط بواسطة المسمار، «وكان والدي، رحمه الله، يوزع الماء في الحي الشرقي من الديرة (شرق) وتعتبر هذه الرخصة اغلى قطعة في متحفي، ويرجع تاريخها الى 1930م». وقال: هناك قطع كثيرة تخص اسرتنا من الاستكانات والبوادي والاكواب، والمرشات والمباخر والمصبات كلها قديمة.

 

آلة سينمائية.. تصويرية :

 

عرض هاوي المقتنيات فيصل الكندري جهازا لعرض الافلام السينمائية يعمل بالكاز (كيروسين) ويرجع تاريخه الى عام 1800م، بريطاني الصنع، ويعمل باليد، ومع الجهاز افلام وصندوق خاص به لحفظه. وقال ابو فهد: في متحفي حوالي 13 آلة تصوير يعود تاريخها الى عهد صنع الكاميرا من 1800، منها اول كاميرا استخدمت في الكويت، واول مصور كان في سوق ابن الدعيج تحت اسم «مصور العصري» وكان يصور في بيت عربي، ومصور آخر في سوق واجف بالدهلة كان اسمه «مصور الوطني»، ايضا في بيت عربي، وبعد التصوير كانت الافلام تنشر في الشمس، واول مصور كويتي كان عبد الرزاق بدران وهو خاص لشركة نفط الكويت، وكان يوثق الصورة المصورة من الجو للبحر والبر والبيوت.

 

مطّارات للثلج :

 

في متحف الكندري مطّارات منها ما يستخدم لوضع الثلج بداخلها لحفظه لاطول فترة ممكنة حتى لا يذوب، منها المشهورة «ام نسر» Eagle، ومنها مطارة مصنوعة من القماش السميك كنا نسميها «مطارة شراع» تتعلق تحت العريش او في الحوش لتتعرض للهواء وتبرد الماء من الداخل وهناك مطارات اخرى في متحفه لحفظ الشاي والقهوة والحليب، وهي قربة زجاجية. قال الكندري: قبل دخول شهر رمضان الفضيل كانت الأم الكويتية تستعد بتوفير جميع مستلزمات البيت من المواد الغذائية والأواني المنزلية، كالطاسة والطبق والغرابية، والعكة التي كانت تتخذ من جلود صغار الماعز تستعمل لحفظ الدهن العداني، وكانت الضنجة (صحن بيضاوي)، والغندور والفوري، والمثعوبة لصب القهوة وتصفيتها، كل هذه الأواني تكون جاهزة قبل الشهر الفضيل، فالمطارات لها دور كبير خاصة في فصل الصيف، وكانت تقوم بتنظيف البرمة والحب والفرشة، وحتى المطرح والمسند والتكية والجودري والحصير والزل تكون جاهزة، والسفرة من الخوص وسكين اكليمية، كانت هذه القطع جاهزة من بركات الأمهات، وفي غرفة الجلوس تضع ربة البيت «المطرح» محشوا بالقطن يفرش في الديوانية، وكان يعمل عند النداف المحترف في نفش القطن بواسطة قوس طويل ووتر من الخشب.

 

دوة لها قصة :

 

دوة هي المنقلة تستعمل لتسخين الماء والشاي والقهوة يوضع فيها الجمر، وكانت من مستلزمات البيت الكويتي. قال الكندري: الدوة التي في متحفي لها قصة تاريخية. هي مصنوعة من النحاس وباليد لم تدخل أي آلة في صناعتها، بها نقوش تقود إلى العصر القاجاري يعود تاريخها إلى أكثر من 200 سنة تقريباً. وهذه الدوة من النوادر في عالم التقنيات.

 

أضافة: كانت ربة البيت تبطن الدوة الكويتية بالطين حتى لا تتلف من حرارة الجمر، ودائما بالقرب منها البيز، وهي قطعة من القماش لمسك الغوري أو الدلة. وكانت الأم تجهز المصب ومغسلة منه زجاجي يشبه الابريق لصب ماء الورد، ومنه لغسل اليدين ومعه مغسلة لتخزين الماء المستعمل.

 

قطع مميزة :

 

وعرض أبو فهد لوحات سيارات أرقامها متشابهة، كلها كويتية وقليلاً ما تشاهد عند هواة الانتيك. كل اللوحات تحمل رقم 9 و9999 عليها للتصدير – ادخال جمرك مؤقت – حكومة – انشاءات – أف – كويت أ – تجاري، وكان الكويتيون يلقطون لوحة السيارة بنمرة وهي لفظ لاتينية (Number). ومن النوادر المميزة بامبو مع التنكة لحفظ الكيروسين. ومصباح لوكس، وسيف وغمد، وتجوري (خزانة حديدية) وراديوات قديمة مميزة، وجهاز تلفون قديم، ومنفاخ الهواء. قال: لقد حصّلت هذه التسعات عن طريق مزاد خالد النقيب لعرض المقتنيات القديمة والتحف النادرة.
 

المصدر : القبس

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله