Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

تراجع السياحة في المصايف بقلم : علي الجحلي

 

تراجع السياحة في المصايف

 

بقلم : علي الجحلي

كانت السياحة الشغل الشاغل لإمارات المناطق الجبلية طوال عقود. جذبت المواقع البكر والجو المعتدل الكثير من السائحين. استمر ذلك الجذب سنين مع جهود بذلت في سبيل توفير خدمات ومواقع تنزه جاذبة، واستمر معها ازدياد أعداد السائحين، خصوصاً أولئك الذين يجدون في المملكة ومصايفها الراحة النفسية لعدم وجود الكثير من المخالفات الشرعية التي تعتمد عليها السياحة في أكثر دول العالم.

 
ظهرت مشكلات في البنية التحتية، وتطور الاحتياج من الخدمات، وارتفع حجم المنافسة في دول لم تكن لها فرصة لتنافس مصايف المملكة. بل ظهرت علامات سلبية في المناطق السياحية كنقص المياه الذي يبدأ كل سنة مع بداية موسم الصيف، وارتفعت أسعار تأجير الوحدات السكنية بشكل لم يكن متوافقاً مع ما تقدمه المصايف من خدمات وما يميزها من أجواء، بعد أن استهلكت المواقع الجاذبة، بسبب السلوك السيئ من قبل المستخدمين وإهمال الجهات المسؤولة عن حمايتها وصيانتها عن تحقيق الحد الأدنى من الحماية.

 
اختفت متنزهات بسبب التطور العمراني السريع. فقدت متنزهات أخرى جاذبيتها، بسبب الازدحام، أو عدم وجود خدمات صيانة أو نظافة. لن أحدد متنزها بذاته لأن كل جهة تعرف كم كان عدد المتنزهات قبل عشرين سنة وكم عددها اليوم. الاحتطاب الجائر كان سبباً كذلك.

 
كانت لمناطقنا السياحية ميزة في وقت لم تكن المنافسة بهذه الحدة التي نشاهدها.أما اليوم فأنت تسير في شوارع كانت تزدحم في الصيف فتجدها خالية. تبحث فتجد أصحاب الشقق يتنافسون في خدمتك وتقديم الأسعار المنافسة التي لم تكن تذكر. حتى المياه التي لم تكن متوافرة في وقت من الأوقات، أصبحت صهاريجها تقف طوابير في المحطات وما من مشتر.
 

حتى الجهد الذي تبذله بعض المحافظات والمراكز والجمعيات في سبيل دعم السياحة، ليس في مستوى المأمول. مهرجانات بعقلية ما قبل الألفية أنشطتها ركوب الخيل والدراجات النارية ومناشطها محدودة في مجالات معينة، وجوائزها ألعاب وأوان منزلية وجوالات وتيوس، مَن ستجذب بالله عليكم؟

 
أظن المشكلة الأزلية للمملكة هي مشكلة إدارة في مناحي الحياة كافة. الإدارة التي يتنسمها كل من حصل على الوظيفة بالترقية أو بالتزكية ولو كان تخصصه لا يمت للإدارة بصلة، ولم يُدِر في الأساس حتى مكتبا صغيرا. الإدارة التي لم تضع الخطط الملائمة لحجم التنافس في المجال، ففقدت ما حققته من خلال الجذب الطبيعي، بسبب الاعتماد عليه كوسيلة وحيدة للتسويق للسياحة.

 
الإدارة التي لم تراقب ما حولها من تطور، ولم تتعلم من جيرانها كيف يكون جذب الناس من آخر الدنيا بالعروض والمزايا والتجهيزات والخدمات. مواقع المملكة من أكثر المواقع جاذبية من ناحية التاريخ والثقافة والحضارة، ولم تحظ بمن يكتشفها وينشر أسرارها التاريخية للعالم. اقتصر جهدها على أساتذة التراث في الجامعات الذين اكتشفوا أقل من 1 في المائة من كنوز تاريخ المملكة. وعندما حدث ذلك، ضرب عليها بسور له باب لا يدخله أحد إلا بتصريح من وزارة الخارجية ووزارة الداخلية والإمارة والشرطة والأحوال المدنية، وكل جهة يمكن أن تخطر ببالكم.

 
الإدارة التي لم تتعلم كيف تدير عمليات إنشاء وإدامة البنى التحتية. التي لم تتمكن من إيجاد طرق مسفلتة لمواقع التنزه، ولم توفر حاويات النظافة وعمالتها إلا في متنزه رسمي عليه بوابة ويقصده كبار القوم. التي لم تتمكن من التفاعل مع بناء جامعة ستتسع لأكثر من 75 ألف إنسان بخدمات وأسواق وشوارع ومساكن، سوى عملية توسعة لشارع لم تتجاوز وضع جزيرة بين مسارين. وننتظر جامعة الملك خالد لتفتتح وتظهر المشكلات ومن ثم نعالجها على مبدأ ”إذا لم يكن مكسوراً فلا تصلحه”، ولم نفكر في منع الكسر من الأساس.

 
على أن الإدارة -وهي العنصر الأهم- ليست المسؤولة وحدها عن تردي موسم السياحة هذا العام، نحن المواطنين ندفع كل من يصل إلى هذه الأرض إلى اتخاذ قرار عدم العودة. المخالفات المرورية على أشدها، والمضاربات والمشاكسات والمعاكسات تسيطر على كل موقع يجتمع فيه السياح. نحن الذين نفتقد البسمة والعون للسائح ولا نتفهم عقليته وتقاليده، ونحكم على الناس كلهم بمفاهيمنا ومعتقداتنا وقناعاتنا. لنجعل السياحة خاصة ومحددة لمن هم على مثل ما نحن عليه من المفاهيم، وهو موضوع يفهمه من عايش المناطق السياحية.

 
يمكن أن تطالب الإدارة الحكومية القطاع الخاص بالمشاركة في تنفيذ فعاليات وبناء منشآت واستثمار أموال في مجالات ومواقع السياحة المختلفة. القطاع الخاص سينجح حيث فشلت الأجهزة الحكومية التي تتولى تخطيط وتنفيذ ومراقبة الموسم السياحي، وتحمله على كاهلها من فشل إلى آخر. لا بد من وسائل تدفع بالمزيد من رجال الأعمال إلى ميدان العمل السياحي الاحترافي الصحيح.

 
لم يفكر المواطن الذي يستثمر أمواله في منتجعات شرم الشيخ والغردقة ودبي وكل مكان في العالم إلا بلاده، أن ينشئ فندقاً أو يفتتح مطعماً راقياً يلبي طموحات السائح الذي يقارن بين ما يصرفه هنا وما يصرفه في تلك المنتجعات، ثم يقارن بين خدماتهما فيجد البون شاسعاً. لكنه ليس ملزماً بذلك فلماذا يفعل؟ أطالب بإلزام القطاع الخاص بإيجاد متنزهات وحدائق ومواقع خدمة وترفيه في كل مواقع السياحة بالتشجيع والدفع الإيجابي.
 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله