رمضان في الهند
القاهرة " المسلة " … للمسلمين في شهر رمضان المعظم العديد من العادات والتقاليد التي تختلف باختلاف البلد التي يعيشون فيها فبالإضافة إلي الفروض والطاعات التي يدعو الدين الإسلامي إلي الالتزام بها في شهر رمضان. تفرض الثقافات المختلفة عاداتها وتقاليدها علي سلوكيات المسلمين خلال الشهر الكريم, والهند ليست استثناء من هذه القاعدة, فهذا البلد يعتبر من البلاد المتعددة الثقافات في العالم وبالتالي فالمسلمون الهنود لهم من العادات والتقاليد ما يخالف عادات وتقاليد المسلمين خارج هذه البلاد بالنظر إلي احتكاكهم بالثقافات المختلفة المتواجدة داخل هذا البلد الذي تجاوز عدد سكانه المليار نسمة.
يبلغ تعداد المسلمين في الهند حاليا نحو 180 مليون نسمة أي ما يعادل أكثر من10% من إجمالي تعداد السكان, وللمسلمين في الهند قوانين خاصة بهم أقرها الدستور الهندي في القضايا الاجتماعية والشخصية مثل الزواج والميراث وما يتعلق بها, ولهم حرية العبادة والإبداع ونشر الدين والدعوة إليه بلا إجبار ويعتمد المسلمون في التيقن من ثبوت هلال الشهر الكريم علي القضاة الشرعيين لكن في المناطق والقري التي لا يوجد بها هؤلاء القضاة فإن الأهالي يعتمدون في ثبوت الأهلة علي أبرز العلماء أو أئمة المساجد المعروفين, وهناك من يعتمد علي الحسابات الفلكية ولكنهم قلة.
ويستعد المسلمون في الهند لاستقبال شهر رمضان المعظم من نهايات شهر شعبان الكريم حيث يقومون بتحضير المستلزمات الرمضانية وبدء الزيارات الأسرية بالإضافة إلي أن المطاعم التي يملكها مسلمون تغلق أبوابها طوال نهار أيام الشهر الفضيل, كما أن الإذاعة والتليفزيون يقدمان برامج رمضانية مختلفة يوميا مثل الخطب والمناقشات الإسلامية, كذلك تضم الصحف والمجلات أبوابا متعلقة بشهر رمضان وتنظم اللجان الإسلامية فعاليات رمضانية مختلفة مثل المسابقات العلمية والندوات الثقافية, وفي شهر رمضان يلتزم المسلمون الهنود بأداء الصلاة في أوقاتها كما أن هناك الكثير من المحاضرات والدروس الدينية التي تلقي في المساجد بعد كل صلاة كما يحرص المسلمون في الهند علي أداء صلاة التراويح إلا أنه توجد خلافات بين الأئمة بعضهم البعض وكذلك بين المصلين علي عدد الركعات المفروضة في صلاة التراويح لكن هذه الخلافات لا تتجاوز الحدود العادية التي نلاحظها في أي بلد إسلامي, ولا تصلي النساء في المساجد في الغالب ولكن يخترن زاوية أو مدرسة دينية قريبة من أجل أداء الصلاة فيه,
ويقبل الكثير من الهنود علي ختم القرآن الكريم في شهر رمضان وبخاصة السيدات. وليلة الرؤية لها أهمية كبيرة عند الهنود المسلمين, حيث يخرج المسلمون للساحات العامة لاستطلاع هلال شهر رمضان, يرتدون أنظف الملابس, وتحدد الرؤية من قبل الهيئات الشرعية للمسلمين, سواء كانت رؤية عينية أو حسابات فلكية, والجدير بالذكر أن المسلمين في الهند أيضا طوائف من سنة وشيعة, وليس من الضروري أن يصوم الجميع في توقيت واحد, وهذا يعود إلي كبر مساحة الهند الجغرافية, فقد تصوم إحدي ولايات الجنوب في نفس توقيت الدول العربية. وعندما تثبت الرؤية يعانق المسلمون بعضهم بعضا بكلمة رمزان مبارك, وتطلق الألعاب النارية, وتدق الطبول والدفوف ابتهاجا ببداية الشهر الكريم خاصة في المناطق النائية.
ويسبق بداية رمضان بقليل, وخاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية المسلمة طلاء المساجد, وإحلال وتجديد لفرش المساجد, وتزيين المساجد والمطاعم بالأنوار, كما تنظف الساحات المجاورة للمساجد استعدادا لصلاة التراويح, خاصة في مناطق دهلي القديمة وحيدر آباد وكشمير وكيرالا.
والمساجد في الهند إما مساجد تاريخية تتبع هيئة الآثار, أو تتبع هيئة الأوقاف المسلمة, أو مساجد أهلية. وتجدر الإشارة أن لكل طائفة من طوائف المسلمين مساجدها الخاصة لا يصلي فيها إلا أتباع هذه الطائفة.
وفي كل مسجد إمام ومقيم شعائر حافظين للقرأن الكريم, والإمام ومقيم الشعائر لا بد وأن يكونا ملتحيين ومعممين, ولا يجوز لأي أحد آخر إمامة المصلين في وجودهما. الجميع في الصلاة لا بد وأن يكون معمما, تتسابق المساجد في ختم القرأن, وتقدم المشروبات والمأكولات الخفيفة بين وقفات صلات التراويح, تقدم هذه الأشياء من أهل الخير بالتنسيق مع إمام المسجد. وحين تحين ساعة الإفطار تنير المساجد مآذنها حتي الانتهاء من صلاة الفجر. والإفطار بين المسلمين في الهند يتم علي مرحلتين رئيسيتين بعد كسر الصيام بالتمر واللبن وبعض المشروبات الخفيفة, فالكل يذهب إلي المسجد لأداء الصلاة, وإن كان البعض يفضل أخذ هذه الأشياء من منزله إلي المسجد ويكسر الصيام مع المصلين, ويتناول الجميع هذه الأشياء بعد الأذان مباشرة, ثم تقام الصلاة, وبعدها يذهب كل حسب وجهته لتناول الإفطار. الصلاة غالبا قاصرة علي الرجال. وفي كل اجزاء الهند يمكن مشاهدة المسلمين الذين يرتدون زي كورتا باجاما التقليدي وغطاء الرأس في طريقهم الي اقرب مسجد, ولا سيما صلاة العصر والعشاء.
هذا الإفطار يعتبر الوجبة الخفيفة الأولي; تشمل المأكولات الخفيفة كحمص الشام والسمبوسة المحشية بالخضراوات, وأحيانا باللحمة المفرومة وغير ذلك كل علي حسب مقدرته, هذا إلي جانب سلطة الفواكه والبكورا المصنوعة من دقيق حمص الشام مضافا إليها التوابل وبعض الخضروات; وهي تشبه الطعمية لدي المصريين. وبالنسبة لما يتناوله المرء عند الإفطار, يختلف الأمر من منطقة لأخري, ذلك أن إفطار المسلم في ولاية كيرالا يختلف عن إفطار نظيره في ولاية كشمير, وإفطار مسلمي حيدر أباد والبنغال يختلف عنه في الكجرات.أما الوجبة الرئيسية فتكون بعد صلاة التراويح, وهي عبارة عن اللحوم والأرز والخضراوات والخبز, وأطباق المطبخ الهندي الشهية من برياني وقورمة وكباب وكفته وتندوري وغير ذلك من الأطباق الشهيرة, ولوجبة الـ حليم أهمية خاصة في رمضان; وهي عبارة عن اللحم مطهي مع حبات القمح لمدة لا تقل عن(8) ساعات.
أما عن العيد فالجميع يستعد له منذ البداية بخياطة الملابس الجديدة داخل المنزل, وكل إمرأة هندية عندها ماكينة خياطة تأتي في جهازها, وإن كان هذا لا يوجد الآن خاصة في المدن الكبري, وحين يعلن العيد يذهب الجميع إلي الساحات العامة أو الأماكن المخصصة لصلاة العيد عيدجاه, حيث يكثر هناك بائعو لعب الأطفال والبالونات والمزامير ينادون علي بضاعتهم في بهجة وسرور.
المصدر : الاهرام