لدينا طرافة وليست سياحة
بقلم : فهد قداح … أتذكر انني ذات يوم تقمصت دور سائح متحضر وإنطلقت إلى جبل السودة لأسكن شقة بـ 780 ريال، فأعيش مع الطبيعة وأسترخي وأرصد إنجازات الوطن ،وغرني شعار صيفنا غير . خرجت الى الشرفة لأستمتع بهنيأت الأصيل وأمتع ناضري بالمروج الخضراء فإذا بي أرى قطعان القرود على الأسطح تمرح وتجول تعبث بمتلكات المنازل المغلقة بحركات بهلوانية ونظرات عدوانية واشجار يابسه بالية، الإهمال واضح فلم أسمع زقزقة الطيور وألحان الكروان و طلة الحسون. ورأيت المتسولين بمختلف جنسياتهم وأطفال بعمر الزهور عند الإشارات يطرقون نوافذ مركبات المارة وألسنتهم تلهج بالدعاء لهم وعليهم.
وأدهشني تجمع سيارات المراهقين ومسيرات وموسيقى تملأ الفضاء, تعدي فاضح على حريات الآخرين والتي تنتهي بالمشاجرة في أغلب الأحوال، فغابت أخلاقيات التعامل ودهشة إحترام النظام وتطبيقه. ولم أشاهد خرير الماء وتدحرج جزيئاته خلال جداوله الصغيرة, إنما قرأت ماء صالح للشرب على الصهاريج وسط طرق تشهد إزدحام ليس من كثافة السياحة إنما من اهتراء المكان .
ورصدت تصرفات سواح مجتمعي المحافظ هناك والمتمرد هنا، يحمل بأستحياء سلوكيات غريبة هناك يتبرأ منها وهنا يروجها،وتابعت ابناء الوطن يعرضون بضائعهم المتجاورة فتجد الأطعمة وأعمال التراث والفوكه والماعز والمفرقعات جميعها متداخلها وسط غوغائيه وغياب لنظام والتنظيم. ضاق الخاطر، وإتجهت الأنظار صوب المدينة أفتش عن الجبل الأخضر لرؤيته ولكن لم أجده, سرت الضنون، هل استولى عليه تجار العقار الجشاع؟ وكيف وملكيته للجميع والمكان؟! فإستعنت بصديقي ومرشدي السياحي وشكوت مرارة الحال فقال الجبل شامخا بأحسن الأحوال يبدأ بالظهور عندما يخيم الظلام وتنطلق الأضواء تكسوه خضرة.
ما أخف دم وظل وإنجاز السياحة لدينا وما أكثر طرائفها، (يقطع سوالفها) ماتترك شعاراتها ومهرجانتها الصيفية التي تجلب إلينا الملل تارة والهذيان تارة اخرى ولكنها بالتأكيد خفة الدم.
عدت من الشرفة الى الشقة وصدري تملئة مشاعر الحزن واﻷسى واصفق الكف.
هذه صناعة السياحة في وطني الغالي وقالوا: سياحة.
المصدر : عسير نيوز