قمرة: السعوديون من أكبر المستثمرين العرب في السياحة بتونس بنسبة أكثر من 50%
لندن "ادارة التحرير" …. أكد وزير السياحة التونسي جمال قمرة أنه يطمح إلى تطوير التعاون مع دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية، في المجال السياحي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المستثمرين السعوديين هم أكبر المستثمرين في قطاع السياحة في تونس بنسبة أكثر من 50 في المائة من مستوى الاستثمار العربي في تونس».
وبالنسبة للأوضاع الأمنية وخاصة ما شهدته تونس من وجود لمجموعات إرهابية في جبال الشعانبي، قال بن قمرة إن «الخبراء يقولون إن المكان في الشعانبي، وحسب التجهيزات والصور التي وجدوها، كانت تعكس ظروفا مريحة للإقامة».
وهذا ما يؤكد أنها منطقة عبور وليست منطقة تخطيط لهجمات في تونس. «الشرق الأوسط» التقت الوزير في لندن على هامش زيارة قام بها هذا الأسبوع، وكان لنا معه حوار فيما يلي نصه:
* لماذا هذه الزيارة لبريطانيا في هذا التوقيت بالذات؟
– نحن على الخط السوي، بالنسبة لهذا الموسم وما بعده، والسوق البريطانية سوق واعدة وتسجل أرقاما إيجابية جدا، ونقوم بهذه الزيارة لنتابع ممثلينا هنا والمتعاملين معنا، ونشكرهم على الأداء وتجاوبهم الإيجابي مع السوق التونسية ولتحسين النتائج لمستوى إيجابي أكبر، وهي سوق واعدة ونريدها أن تواصل في هذا النسق.
* ما قيمة السياحة بالنسبة لنمو الاقتصاد التونسي؟ وكيف تؤثر فيه؟
– السياحة قطاع أساسي للاقتصاد، وثاني مدر للعملة الصعبة لتونس، وتساهم بأكثر من7.5 في المائة من الناتج القومي العام، وتشغل أكثر من 400 ألف تونسي، وتوفر الموارد لخمس التونسيين، وتوفر موارد استثمار حقيقية، كل هذا يجعلها عنصرا أساسيا في اقتصاد تونس، ولا يمكن لأي حكومة أو نظام سياسي في تونس أن يستغني عن هذا القطاع الواعد، وكما تعلمون السياحة الآن هي القطاع الصناعي الذي يحتل المرتبة الثالثة في العالم، وموقعنا يمنحنا تميزا كبيرا، خاصة أن السياحة في العالم ستتطور بنسبة أكثر من 5 في المائة في العالم، لا سيما في أوروبا، رغم الأزمة الاقتصادية التي تعيشها، ونسبة النمو ستكون أكبر، لا شك، في أفريقيا التي سيكون عليها التركيز في السنوات العشر المقبلة، وموقع أفريقيا في السياحة العالمية حاليا متواضع جدا، حيث إنه سنة 2012 العالم تجاوز المليار سائح. أفريقيا أخذت فقط 52 مليون سائح، لكن المؤكد أن السياحة ستتطور بنسبة كبيرة في السنوات العشر المقبل،ة ومن دور تونس أن تأخذ حصتها في هذا التطور.
* هل هناك خطط عاجلة تعتمد عليها تونس للنهوض بالقطاع السياحي في الوقت الحالي؟
– هناك العديد من الخطط العاجلة لتنشيط الاقتصاد بشكل عام في تونس، ونركز على الأسواق الكلاسيكية التي هي من مكاسب تونس، ثم أقل جهد ركزناه للأسواق الجديدة الواعدة التي تأخذ وقتا، الأسواق الكلاسيكية الأولى فرنسا بنسبة مليون سائح في العام الماضي والذي قبله، ثم السوق الألمانية والبريطانية، والسوق البريطانية تنمو بطريقة قد تتفوق على السوق الألمانية. وبعدها تأتي إيطاليا وإسبانيا، وبالنسبة للأهمية تأتي السوق الجزائرية والليبية التي تحتل أهمية كبيرة، والتي تعتبر من نوع خاص، فهي تتم داخل البلاد وليس المناطق الساحلية فقط، وليس داخل الفنادق.
وبالنسبة للأرقام والأسواق الواعدة مستقبلا هناك السوق الروسية التي تشهد نموا كبيرا أيضا، وسجلنا السنة الماضية بالنسبة للسوق الروسية 250 ألف سائح، وهذه السنة هدفنا كان 300 ألف، لكن سيفوق الرقم 350 ألف سائح.
* هناك توترات كبيرة في المنطقة العربية، مثل سوريا ولبنان، هل استفادت تونس من هذا الوضع؟ وهل تحول زائرو تلك المناطق نحو تونس؟
– بالنسبة للأسواق الجديدة التي نركز عليها هي الأسواق الخليجية، وقد تنقلنا نحو هذه السوق، ووجهنا دعوة إلى كل الجاليات العربية الموجودة هناك لزيارتنا، زرنا دبي، كما سنفتح تمثيلية لنا في جدة، ونحن في اللمسات الأخيرة للإجراءات الإدارية والممثل عنا تم تعيينه، وستكون الإجراءات فقط لفتح المكتب، وسيكون لنا مكتب في تركيا.
وجهنا دعوتنا للخليج، وخاصة السعودية، وتشرفت بملاقاة الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، وخلال لقائنا وعدنا بتسهيل وتسريع الإجراءات لفتح المكتب، ودعوتنا كانت للجميع لزيارة تونس، ونطلب من إخواننا السوريين والعراقيين المقيمين في الخليج زيارة تونس. ونحن على أتم الوعي بأن للسوق الخليجية خصوصيات، ونحن مع تشجيع استثمارات وتطوير أنشطة تستجيب لهذه السوق. وندعو للاستثمار في تونس، والمستثمرون السعوديون هم أكبر المستثمرين في قطاع السياحة في تونس بنسبة أكثر من 50 في المائة من مستوى الاستثمار العربي في تونس. والعرض التونسي الآن يعمل بصفة خاصة على تنويع المنتوج كي لا يبقى مركزا على السياحة الشاطئية، ثم الاستثمار في التنشيط السياحي داخل البلاد، خاصة السياحة الثقافية والتراثية، وكذلك السياحة الاستشفائية وسياحة المؤتمرات وسياحة التسوق التي تهم وتستقطب خاصة إخواننا في الخليج.
* أردوغان في زيارته الأخيرة لتونس وقع ما يفوق 20 اتفاقية في مجالات التعاون والاستثمار بين البلدين، خاصة بالنسبة للقطاع السياحي، فما أهم هذه الاتفاقيات؟ ولماذا تركيا؟
– في الحقيقة هناك تعاون متبادل، ونعتبره إيجابيا للبلدين، والاتفاقيات كانت حول تطوير التكوين، خاصة للإطارات في السياحة؛ لأننا نشعر بأننا نحتاج لجهد أكبر لتكوين الإطارات والخبرات في المجال، ولدينا العديد من الاتفاقيات الجديدة مع تركيا وفرنسا، ونحن بصدد تحضير اتفاقيات مع مؤسسات تكوينية في هولندا، هذا هو مجال التعاون خاصة في التمثيليات المشتركة.
* هل هناك بعض الجهات مثل الاتحاد الأوروبي، أو دول ساعدت على النهوض بالقطاع السياحي الذي شهد تراجعا بعد الثورة؟
– القطاع تضرر في فترة الثورة، لكن عودته للنسق العادي تعود لرجال القطاع بالأساس، الذين بذلوا مجهودات للترويج، وحلفاؤنا في الخارج واصلوا نفس التجاوب في السوق، لكن لم نرَ إعانات خارجية لعودة القطاع. ويعود للترويج؛ فتونس تستثمر منذ قرابة نصف قرن في هذا المجال، ولا يمكن أن نفقد كل هذا في بضعة أشهر أو بسبب بعض الأحداث.
وبالنسبة للفنادق التي تشهد صعوبات هناك نوعان، الأول هو الذي تضرر بسبب الأحداث التي شهدتها البلاد، وسيسترجعون صحتهم مع استرجاع النشاط لنسقه العادي، لكن هناك بعض الفنادق التي لا يفوق عددها 10 في المائة من نسبة الفنادق لهم مشاكل هيكلية انطلقت مع انطلاق استثمارهم منذ عشرات السنوات، يتطلبون حلولا جذرية تطلب الجرأة لمعالجة المسائل بطريقة نهائية، ووجودهم بهذه الوضعية يقلق ويحرج ويمس بسمعة كل المهنيين والقطاع، وهذا ما يتطلب قرارات شجاعة، وهناك مقترح من طرف البنك المركزي لبعث شركة تتمتع بحق التصرف في الأصول التي دورها شراء الأصول الموجودة في النزل، وسيكون وطنيا 100 في المائة وهو سيأخذ هذه النزل والتصرف فيها، وبعد 5 سنوات يتحسن الفندق ويعاد لصاحبه أو يعاد استغلاله في أمر آخر مفيد يكون حلا جذريا.
* كيف تأثرت السياحة في تونس بالأوضاع الأمنية؟ وخاصة مثلا أحداث الشعانبي التي شهدت أعمالا إرهابية في الفترة الأخيرة، وصدرت بعض الأخبار عن أن عددا من السياح ألغوا حجوزاتهم خاصة من الفرنسيين؟
– في الفترة الأخيرة لم نسجل أي إلغاء للحجوزات، والأرقام التي اطلع عليها بشكل دوري تؤكد هذا الأمر، والإحصاءات الخاصة بالأيام العشرة الأخيرة سجلت أننا نسير بنسق تصاعدي بنسبة 5 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، والأرقام التي اطلعت عليها، والخاصة ببداية الشهر الجاري، بينت لي نموا بنسبة 15 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وهذا ما يؤكد أن النسق في تصاعد وأحداث الشعانبي لم تؤثر.
ممكن إن كانت له انعكاسات في الأسابيع التي تلته، لكن لا نرى أنه ستكون له انعكاسات في الفترة المقبلة.
ولا شك أنها مقلقة، لكن تجدر الإشارة إلى أن القوات الأمنية هي التي انتقلت إليها، لكنهم لم ينزلوا.
* لاحظنا تركيزا كبيرا من الإعلام الفرنسي في نقله للأوضاع الأمنية في تونس وخاصة أحداث الشعانبي، لماذا حسب رأيكم هذا الاهتمام الذي قال متابعون إنه مسيس؟
– ما يحدث في تونس يقع نقله بطريقة مكثفة من طرف الإعلام الفرنسي، لكن تعودنا على ذلك، لكننا في وزارة السياحة تحدثنا بدورنا لوسائل الإعلام الفرنسية، وهذا هو واقع تونس لا نستطيع أن نخفيه، لكن نواجهه بالحجم الذي يستحقه. وبالنسبة للناحية الأمنية نحن على وعي بحساسيتها ونحاول تفادي كل ما قد يمس بهذا، نلاحظ أنه منذ الثورة إلى الآن زارنا 13 مليون سائح، ولم يقتل أو يجرح منهم أحد. ونحاول تكوين المتدخلين داخل الفنادق من الناحية الأمنية.
* الآن أصبح ينظر لتونس ليس بوصفها بلدا وإنما كحكومة، والكثير من الحكومات غير راضية عن وجود النهضة، وأصبحت تتعامل مع تونس بشكل سلبي، ومن أهم هذه الدول على ما يبدو فرنسا، ما مدى صحة هذا؟
– باعتباري وزير سياحة أقول إنني عندما زرت فرنسا وقابلت نظيرتي الفرنسي كان هناك تجاوب كبير، ودعمنا وفعلنا اتفاقيات سابقة للتعاون في بعض المجالات الاستراتيجية، مثل تنويع المنتوج وغيره، وكذلك اتصالاتنا كانت إيجابية جدا مع كل وكلاء الأسفار الذين نتعامل معهم، ثم وجهنا خطابنا مباشرة للشعب الفرنسي الذي يعود له القرار في أن يأتي أو لا يأتي لتونس.
أعتبر أن السياحة أمر يمس المواطنين، وهناك مليون تونسي في فرنسا لهم علاقة طيبة مع أصدقائهم الفرنسيين، مما يمكن أن يؤثر أكثر من أي قرارات سياسية.
* الأوضاع في ليبيا كيف تؤثر على السياحة التونسية، خاصة أن العديد من الأخبار تتداول حول أسلحة تدخل من ليبيا لتونس وتهريب أموال، إلى غير ذلك من الأمور التي تتسبب في اضطرابات؟
– هناك علاقة بين التونسيين والليبيين متقاربة، فهناك عائلات، وعلاقات مصاهرة، والليبيون يعيشون بين العائلات التونسية أكثر من الفنادق، وهذه العلاقة تطورت بعد الثورة، والليبيون لا يعيشون في المناطق التي فيها السائح الفرنسي أو الهولندي، فهم مثل التونسيين بيننا، لكن بالنسبة للسلاح دخوله يمثل خطرا، و وزارة الداخلية تبذل جهودا لمنع دخول السلاح.
* ماذا عن حرب مالي؟
– نحن بعيدون عن مالي.
* لكن التونسيين العائدين من مالي يمثلون، كما تقول التقارير، «مشروع إرهابيين»، ألا ترون أن هذا سيؤثر بشكل حتى وإن لم يكن مباشرا على من يتابع أخبار تونس من الخارج؟
– مشكل الشعانبي مرتبط بهذا الموضوع، ووجود المجموعتين في الجبل والذين تعرفهم وزارة الداخلية بالاسم، وبعض الخبراء يقولون إن المكان في الشعانبي، وحسب التجهيزات والصور التي وجدوها في المكان، كانت ظروفا مريحة للإقامة، فكانت لدى الإرهابيين التجهيزات للطبخ وإعداد الشاي، وأبلغنا بأنهم لا يمكن أن يكونوا مجاهدين، فالمكان الذي يعيشون فيه عبارة عن مخيم للكشافة، وقد يكون مكان عبور وليس للاستقرار للقيام بعمليات في تونس، وهذا حسب خبير قابلته في «العربي» وهو مختص في الإرهاب، وأكد أنه لا يمكن أن يكونوا إرهابيين.أو لتمرير أو خزن سلاح.
* ما أهم الصعوبات التي تواجهكم في قطاع السياحة التونسية؟
– هو مجال تنافسي يجب أن يكون لنا تميز فيه، فعلى السائح الذي سيزور منطقة الكاف التونسية، أو منطقة تمغزة أن يتأكد أن ما سيراه هناك لن يراه في أي مكان آخر من العالم. مع هذا يجب أن تكون لنا العناصر الأساسية وهي البيئة؛ من نظافة واحترام، والعمل ضد التلوث، وأصبحنا نتدخل على جميع المستويات في كل ما يمس البيئة، ونمول حتى تعبيد طرقات، كما نفعل الآن في جزيرة جربة. ونتعاون مع وزارة البيئة التابعة لوزارة التجهيز.
والناحية الثانية الناحية الأمنية، ونتعاون بشكل كبير مع وزارة الداخلية، وننسق أيضا مع البلديات، ثم جودة الخدمات انطلاقا من نقاط العبور في أداء سائق سيارة الأجرة، والمرشد السياحي. ثم رابعا الترويج. زيادة على هذا النجاح الاستراتيجي مربوط بتعريفنا للسياحة، يجب أن يتجاوز الفنادق وسياحة الشواطئ إلى التراث والثقافة، وسر النجاح هو تطوير طبع التونسي، وهو حب استقبال الأجانب، وأن يكون فخورا بتراثه وتاريخه؛ لأن يكون معتزا بأن يأخذ زائره نحو كل مكان في تونس.
كما نعمل على تشجيع السياحة الداخلية، لتسهيل الترويج عندما يعرف الناس تراثهم.
* حاورنا طالب الرفاعي رئيس المنظمة العالمية للسياحة منذ مدة قصيرة، وأبدى تفاؤلا حول مستقبل السياحة في تونس، فهل تشاطرونه هذا التفاؤل؟
– هو شخصية رائعة، هو رأى العاملين في القطاع وهو رئيس المنظمة العريقة، يعرف طبع التونسي ولكلامه قيمة كبيرة، ويسرنا أن يساعدنا على اتخاذ الوجهة الصحيحة للسياحة.