تحويل موقع الفاو الاثرى الى متحف مفتوح لعرض تاريخ المنطقة
الرياض "المسلة" … أكد الدكتور على بن إبراهيم الغبان نائب الرئيس للآثار والمتاحف في الهيئة العامة للسياحة والآثار، أن مشروع تأهيل موقع الفاو الأثري، الذي دشنه الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض رئيس مجلس التنمية السياحية في المنطقة، و الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، بحضور مدير جامعة الملك سعود الدكتور بدران بن عبدالرحمن العمر، إضافة إلى عدد من الأكاديميين والمتخصصين، سيحقق نقلة نوعية مهمة تليق بالموقع وأهميته التاريخية الكبيرة، وخاصة أن الموقع يجسّد المدينة العربية قبل الإسلام بكل مقوماتها من مساكن وطرقات وأسواق وآبار وقنوات زراعية.
وقال الغبان إن أهمية مشروع تأهيل موقع الفاو تنبع من قيمته التاريخية، حيث تبوأت قرية الفاو مكانة عظيمة بوصفها عاصمة لمملكة كندة الأولى، وهي واحدة من أهم الممالك العربية القديمة، وذلك من منتصف القرن الأول قبل الميلاد إلى مطلع القرن الرابع الميلادي.
وحول رؤية الهيئة العامة للسياحة والآثار لمشروع تأهيل موقع الفاو، قال الغبان إن رؤية المشروع تقوم على ترميم وتأهيل الموقع وحماية مكوناته ليُصبح متحفاً مفتوحاً يعرض تاريخ "الفاو" وحضارتها عبر العصور على عين المكان، من خلال عرض اللقى الأثرية الكبيرة التي تتحمل الأجواء الخارجية في أماكنها الأصلية بالموقع، وتحويل الموقع إلى نقطة جذب سياحي ومقوم اقتصادي رئيس في المنطقة، علاوة على تحقيق مجموعة من الأهداف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ومنها: تأهيل الموقع ليكون معلماً تاريخياً وشاهداً حضارياً يُمكن زيارته، وأن يكون مؤثراً إيجابياً اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً في المنطقة، مع عرض المكتشفات الأثرية للدارسين والباحثين والمهتمين بالتراث الثقافي، إضافة إلى دعم الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل جديدة.
وبشأن مكونات المشروع، قال إن المشروع يتكون من (10) عناصر، هي المنشأة الرئيسة فوق المنطقة السكنية، ومنشأة السوق الرئيس، ومركز الزوار والعرض المتحفي، ومسارات الزيارة، وعرض المواد الأثرية المنقولة التي تم الكشف عنها في الموقع، ومركز الأبحاث، والمرافق المساندة، والبنية التحتية الإضافية اللازمة، وترميم المباني والظواهر المعمارية التي كشفت في الموقع.
وأضاف أن المشروع يتضمن تغطية المنشأة الرئيسة فوق المنطقة السكنية، بمواد حديثة غير دائمة لحماية المنطقة من الرياح والأمطار، في حين سيتم حماية منشأة السوق الرئيس من خلال إقامة منشأة أخرى فوقه بمقاس يتناسب مع مبنى السوق.
وأشار إلى أنه سيتم إنشاء مركز الزوار عند مدخل الموقع بتصميم يتواءم مع المكان، وستعرض فيه المكتشفات الأثرية والصور والخرائط والرسومات والأفلام المرئية والمعلومات الدقيقة عن حضارة "الفاو" وتاريخها، وسيشكل هذا المركز نقطة الانطلاقة لزوار الموقع، كما سيحتوي المركز على صالة استقبال وصالات عرض متحفي، وصالة عروض سمعية وبصرية، وقاعة لكبار الزوار، وركن للهدايا والتذكارات، ومطل في سطح المركز يوفر رؤية بانورامية لكامل الموقع.
وذكر نائب الرئيس للآثار والمتاحف، أن مشروع تأهيل موقع الفاو يشمل تنفيذ مسارات الزيارة وتزويدها بلوحات توجيهية وتعريفية، وتحويل المباني التي أنشأتها جامعة الملك سعود خارج الموقع إلى مركز أبحاث يستفيد منه الباحثون والدارسون.
وأوضح أن مكونات المشروع تتضمن تهيئة كل السبل لخدمة زوار الموقع، حيث يحتوي المشروع على عدد من المرافق المساندة، ومنها مواقف سيارات، ومراقبة أمنية، وإدارة تتناسب مع حجم الموقع، ودورات مياه للرجال والنساء، وتنفيذ بنية تحتية إضافية من إنارة وطرق ولوحات إرشادية، وتوفير مقهى شعبي ومطعم ونزل تراثي وسوق للمنتجات المحلية في مكان قريب من الموقع، على أن تُطرح كفرص استثمارية بالتنسيق مع القطاع الخاص لتقديم الخدمات بجودة عالية، علاوة على ترميم المباني والظواهر المعمارية التي اكتشفت في الموقع.
وعن الجهات المشاركة في تنفيذ المشروع، قال الغبان إنه يشارك في المشروع عدد من الجهات، هي إمارة منطقة الرياض، والهيئة العامة للسياحة والآثار، وجامعة الملك سعود التي ستتولى تمويل أعمال الترميم، وبناء المنشآت التي تغطي المنطقة السكنية والسوق وبناء مركز الزوار والعرض المتحفي والمسارات داخل المنشآت وتطوير مدخل الموقع وتطوير مركز الأبحاث، في حين ستقوم بلدية محافظة وادي الدواسر بتنفيذ مواقف السيارات ومتعلقاتها، وإنارة الموقع ومركز الزوار.
وقال إن موقع الفاو الأثري الذي يقع على مسافة (700) كيلومتر جنوب غربي مدينة الرياض، يعد أول موقع سعودي يتم فيه تنفيذ حفرية موسعة، وقد كشفت نتائج التنقيب في الموقع عن شواهد استيطان مكثف، إضافة إلى المنشآت المعمارية التي عثر من خلال التنقيب فيها على عدد كبير من اللقى الأثرية ذات الأهمية الحضارية البالغة.
وأوضح أن التنقيبات التي بدأت في الموقع قبل أكثر من أربعين عاماً، أظهرت أن النسيج العمراني المكتشف في موقع "الفاو" يتشكل من المنطقة السكنية والتي تشمل منازل وساحات وطرقات بأنواع متعددة، ومنطقة السوق الرئيس التي تضم المرافق والخدمات وأهمها الآبار والقنوات وخان القوافل، معتبراً المنطقة السكنية من أهم معالم "الفاو"، حيث تقدم نسيجاً عمرانياً متكاملاً، وتعطي تصوراً لمدينة عربية قبل الإسلام، كما أن المنازل في المنطقة السكنية مبنية على طراز معماري غاية في الجودة، وقد اهتم سكان الفاو بزخرفة جدران المنازل.
وأشار الغبان إلى أن المكتشفات والموارد الأثرية في الموقع، تضم السوق الذي يقع شمال المنطقة السكنية، وهو عبارة عن سوق ضخم مكون من ثلاثة طوابق وتحيط به الأسوار العالية والأبراج من جهاته الأربع، وهو بمثابة خان للقوافل التجارية التي كانت تنزل في "الفاو".
وقال نائب الرئيس للآثار والمتاحف، إن أعمال التنقيب كشفت عن عدد كبير من المعثورات الأثرية التي تبرز مستوى متقدم من المدنية، وتوسع شبكة علاقات سكان "الفاو" التجارية وصلاتهم الحضارية، وتشمل هذه المعثورات أواني فخارية وخزفية وزجاجية وحجرية وفضية وبرونزية، وحلي ذهبية وفضية، وعملات فضية وبرونزية، ونقوش كتابية ورسوم جدارية ملونة على الجص، وغير ذلك.
يذكر أن تدشين مشروع تأهيل موقع الفاو، جاء بعد إكمال الإجراءات اللازمة لانطلاق المشروع، حيث كان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة، والدكتور بدران بن عبدالرحمن العمر مدير جامعة الملك سعود، وقعا في وقت سابق، مذكرة تعاون بين الهيئة والجامعة لتأهيل الموقع واستئناف التنقيب فيه.