Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

الرؤية الأموية للسلطة في العدد الجديد من سلسلة (مراصد)

 

الإسكندرية "المسلة" …..  صدر عن وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية العدد الحادي والثلاثون من سلسلة "مراصد"، والتي تضم دراسة بعنوان "الخلافة والملك: دراسة في الرؤية الأموية للسلطة "، وهي تأليف الدكتور رضوان السيد. وكان قد سبق أن نشر للدكتور رضوان السيد دراسة تحت عنوان "رؤية الخلافة وبنية الدولة في الإسلام" ضمن أعداد سلسلة كراسات "مراصد" بتاريخ يناير 2016.

 

وبين الدراستين المنشورتين في هذا الإصدار زُهاء السبعة عشر عامًا. والموضوع واحد، وهو طبيعة السلطة المسمّاة بالخلافة في زمن الإسلام الأول، وطبائعها اليوم في أذهان وتصورات الإسلاميين. في الزمن الأول كان هناك تصوران، أحدهما  يعتبر مشروع الدولة في الإسلام هو مشروعٌ إلهي. وصحيحٌ أنه معهودٌ إقامته إلى جماعة المسلمين؛ لكنّ  الخليفة المتولّي لإنفاذه يكتسب سلطاتٍ قُدسية، ليس بشخصه بل بسبب منصبه عند السنة، وبشخصه ومنصبه عند الشيعة. أما التصور الآخَر فيعتبر أنّ السلطة هي للجماعة  أو المجتمع وتبقى كذلك، ويتولاّها أمير المؤمنين بالشورى نيابةً عن الأمة، وليس له عصمةٌ في شخصه أو منصبه.

 

وهناك عدة عوامل وأسباب تسببت في عودة فكرة الخلافة في الزمن المعاصر؛ ومنها الثوران الديني الناجم عن الحداثة والعولمة، والفشل الذي خَالَطَ التجربة الثانية للدول الوطنية في العالمين العربي والإسلامي، والصراع الجيوثقافي والجيواسترلتيجي، على الإسلام والعرب.

 

ويتتبع الكاتب التطورين الهائلين في فقه الدين: تطور فكرة تطبيق الشريعة، وتحولها إلى اعتقاد في أذهان فئات من المتدينين كهولاً وشباناً. والتطور الثاني: ضرورة إقامة الدولة الإسلامية (تحت اسم الخلافة) من أجل إعادة الشرعية للمجتمع والدولة بتطبيق الشريعة. وهكذا صارت إقامةُ الدولة ركناً من أركان الدين باعتبار الوظيفة المستجدة لها وما لا يتمُّ الواجب إلاّ به فهو واجب!

 

ويقول المحدثون المسلمون إن الخلافة تحولت إلى ملك. ويرد في المصادر أن عبد الرحمن ابن أبي بكر (-57هــ) هو الذي استنتج هذا التغيير؛ لكن ليس من مطلع عهد معاوية؛ بل عندما حاول معاوية بعد العام 51هــ أو 56هـ مبايعة يزيد ابنه خليفة من بعده. إذ رفض عبد الرحمن ذلك مع من رفضوا من أبناء كبار الصحابة وقال: «إنما تريدون أن تكون هرقلية. كلما مات هرقل قام هرقل!». ومعنى هذا أن أهم خصائص النظام الملكي، أو القيصري في نظر ابن أبي بكر توارث السلطة؛ وإن يكن معاوية يتحدث عن البيعة لا عن الوراثة. لكن في رواية أخرى أن معاوية نفسه هو أول من أطلق هذه التسمية على عهده عندما قال: «أنا أول الملوك». وذلك دون أن يذكر السبب أو الخصيصة التي ميزته عن الخلفاء السابقين.

 

وتوضح الدراسة أن محاولات الأمويين لتأصيل سلطتهم وتثبيتها لا يمكن أن تفهم على أنها ببساطة إحساس من جانبهم بالافتقار إلى الشرعية. فالبحث عن الشرعية كان همًّا واحدًا من هموم متعددة، أو أنه كان جزءًا من تصور عام، وصورة شاملة عن الذات والآخر. كما أن خلافة الله كانت رؤية شاملة لتنظيم اجتماعي وسياسي عالمي متصل بمفهوم وراثة الأمر والأرض.

 

ولقد رأى أحد علماء السياسة المعاصرين أن أهم أسباب استمرار السلطة ليس قدرتها على القمع؛ بل استعداد الناس للخضوع والطاعة. وقد كانت هناك مسألتان تحددان بالنسبة للعرب المسلمين موقفهم من سلطتهم في القرن الهجري الأول؛ مدى اقتناع السلطة بالمشروع الشامل للأمة في الرسالة والوراثة، وهذه هي الشرعية التأسيسية. ومدى قدرة السلطة على تحقيق الأمن، والعدالة، والتوازن في الداخل؛ وهذه شرعية المصالح. وقد طرأ الخلل بشكل أساسي على شرعية المصالح في العراق والحجاز وخراسان. فلما وصل إلى الشام سقطت الدولة. لكن تمرد الحارث بن سريج في خراسان (116-128هـ)، وظهور الدعوة العباسية يشير إلى بعض الخلل في الشرعية التأسيسية أيضًا.

 

وقد كان أهل الشورى، وأصحاب الكتاب والسنة، وأنصار إمارة المؤمنين أعلى الناس صوتًا في معارضة الأمويين، والمطالبة بإزالة ملكهم. لكنهم عندما سقطوا لم يسقطوا لصالح هذا التيار؛ بل لصالح تيار القرابة وخلافة الله. فقد تمكنت جماعة صغيرة في الأصل، حسنة التنظيم، أيديولوجيتها خلافة الله والقرابة بالنبي أن تقطف ثمار الصراع بين أهل الملك وأهل الشورى. لكن سقوط الأمويين لم ينه النزاع بين كتاب الله وسلطان الله كما جاء في بعض الآثار. كما أن سقوط الأمويين لم ينه ذكراهم في إخلاد الناس وأوهامهم، وأحلامهم المهدية والنشورية. ففي المصادر أن هارون الرشيد (170- 193ه) سأل أبا بكر بن عياش عن رأيه في الأمويين، والعباسيين وقد أدرك الدولتين؛ فأجاب: «أنتم أقوم بالصلاة، وأولئك كانوا أنفع للناس».

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله