"آثار العراق" بين منظور الصرخي الحسني
بقلم د.احمد الدراجي
الآثار علم يرتبط بتأريخ الإنسان وحضارته ، فهو يقدم معلومات وحقائق عن الماضي ، وهو أقدم حتى من علم التاريخ الذي بدأ مع بداية الكتابة وهذه كانت في النصف الثاني من الألف الرابع قبل الميلاد في بلاد الشرق الأدنى القديم والقرن الأول ميلادي ببريطانيا. وهذا معناه أن الحقبة الزمنية التي سبقت هذا الوقت لا يستطيع علم التاريخ أن يدون أحداثها ومجرياتها ، لأن المؤرخين يعتمدون على النصوص التاريخية في الحصول على المعلومة وحيث لا توجد نصوص مؤرخة فلا وجود لموضوعات علم التاريخ ، أما علم الآثار فانه يعتمد على المادة الأثرية المحسوسة والملموسة ولهذا اعتمد المؤرخون على علم الآثار في معرفة عصور ما قبل التاريخ ، ومن هنا تبرز أهمية الآثار ، ودورها في الكشف عن تاريخ وحضارة الأمم ومعرفة عمقها وأصالتها ، فالأمة التي تجهل تأريخها وحضارتها لا يمكن لها أن تعيش حرة أبية ، أو تفتخر بأصالتها ، ولا تستطيع أن تنطلق من زاوية حضارية تمنحها طاقة لإثبات وجودها وعمقها في الزمن ، ولقد أدرك أعداء العراق خطورة العمق الحضاري لهذا البلد فسعوا إلى فك ارتباط شعب العراق بحضارته وتأريخه ، وقد استخدموا مختلف الوسائل والطرق الخبيثة من اجل ذلك ، ومنها تفريغ العراق من أثاره وتحويل المناطق الأثرية والمتاحف إلى ثكنات عسكرية كما فعلت قوات الاحتلال ، ومن ثم إلى بيوت للعنكبوت وخفافيش ظلامهم ، فتعرضت الكثير من الآثار والمتاحف إلى عمليات السرقة المنظمة وغير المنظمة على مرأى ومسمع الجميع من قوات احتلال وقيادات حكومية وأمنية ومسؤولين ورموز دين ، فلم تحرك ساكنا وبقيت قضية الآثار حالها حال القضايا التي همشت وتركت لنار الفساد والخراب والدمار الذي حل بالعراق وشعبه …..،
إلا إن قضية الآثار لم تكن بمعزل عن تلك القضايا التي تناولتها المرجعية العراقية العربية المتمثلة بالسيد الصرخي الحسني الذي كانت بصماته حاضرة على صفحات المشهد العراقي ، واشراقات علمه وفكره تزيح ظلمات الجهل وسياسة التجهيل والتضليل والاستخفاف بالعقول ، وبلسم حلوله يداوي جرح العراق النازف ، وصوت هديه ونصحه ملأ الخافقين ، نعم في كل حادثة له قراءة موضوعية ونظرة ثاقبة يتوّجها برأي سديد وحل سليم ، ولقد أثرى الساحة العراقية (وكذا العربية والإسلامية ) ، بالمواقف الثابتة والحلول الناجعة التي تحفظ للعراق وشعبه دينه وعروبته وتأريخه وحضارته وكرامته وعزته وخيراته ، نعم الآثار لم تغيب عن اهتماماته ، لأنه يرى أنها تمنح الفرد جوانب معنوية ونفسية وفكرية واجتماعية وروحية وشرعية تربطه وتشده لأرض وعراق الحضارة والتأريخ وشعبه العزيز ، كما أنها في منظوره تكشف عن الوحدة الأزلية القديمة التي تميَّز بها شعب الرافدين ، اذن فهي عنصر قوة للعراق وشعبه ، وأحد مصادر الوحدة والتوحد تحت راية العراق الذي هو أصل ومنبع الحضارات ، فضلا عن أنها يمكن أن تشكل ثروة وطنية كبرى كالنفط فيما لو استثمرت الآثار والمناطق الأثرية على أفضل وانجح استثمار…، كما شار السيد الصرخي الحسني في بيان رقم (41) تحت عنوان ، (( آثارنا تربطنا بأرضنا )) :
((بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد الحسني (دام ظله)..
سيدي ، يوجد كنز من الآثار القديمة أستطيع أنا وبعض الافراد استخراج ذلك الكنز علماً أن هؤلاء الاشخاص من غير مقلديكم فهل تأذن لي سيدي باستخراج ذلك الكنز واني مستعد على ما يترتب علي من حق شرعي تجاه ذلك الكنز .
بسمه تعالى :
الوجود والحقيقة والحياة هي الآخرة ، أما الدنيا فغرور ومتاع وزوال وفناء ، والسوي والقويم والعاقل والتقي هو من يعمل لأخرته ، فيجعل ويوظف دنياه كل دنياه لأخرته ولقراره وبقائه وثوابه وجنته التي أعدّها الله تعالى له ولكل مؤمن متقي ، أقول هذا لعلمي المردود المالي المادي الدنيوي من العمل في هذا المجال ، لكن يبقى الجانب بل الجوانب المعنوية النفسية والفكرية والاجتماعية والروحية والشرعية ، فالآثار القديمة يجب صيانتها والحفاظ عليها لأنها تربطنا وتشدنا لأرضنا وعراقنا الحبيب وشعبه العزيز والمفروض أنها توحّدنا لوحدتنا القديمة الازلية على أرض الرافدين التي تكشفها وتعبّر عنها الآثار القديمة ، فهي فخرنا وعزّنا لأنها تضيف عنصر وأساس قوة لنا ولأرضنا فيصح أن نقول بل الواقع يثبت أن العراق أصل ومنبع الحضارات وأرض الأنبياء وشعب الأوصياء والأولياء الصالحين الأخيار ، نعم عراقنا عراق الحضارة والنبوة والإمامة والولاية الصالحة العادلة ، ولولا الاحتلال وقبله الدكتاتورية ولولا الفساد والمفسدين ولولا العملاء والمنتفعين لاستثمرت الآثار والمناطق الأثرية على أفضل وانجح استثمار ولأصبحت ثروة وطنية كبرى كالنفط والزراعة ، لكن أين النفط وأين الزراعة بل أين الإنسان العراقي ، وبالتأكيد تقول أيضاً أين الآثار والسياحة والتراث الديني والوطني والقومي وغيرها أين هي ؟!! عزيزي لهذه الأسباب وغيرها فإني لا أُجيز التعامل بذلك ، والله العالم الحاكم القوي العزيز .))