أقدم إنسان على الأرض عاش منذ مليون ونصف عام
القاهرة "المسلة" د. عبد الرحيم ريحان… التاريخ هو كل ما يخلفه الكائن الحى من معلومات عنه فإذا كانت هذه المخلفات خاصة بالإنسان فيسمى تاريخ البشرأو تاريخ البشرية وإذا كان متصل بإنتاج الإنسان فيسمى علم الآثار وتختلف أنواع التواريخ من تاريخ بشرى أو تاريخ لحيونات أو تاريخ الأرض أو تاريخ النبات وخلافه وتركزت العديد من العلوم المتصلة بالإنسان علي ثلاثة علوم علم الجيولوجيا وهو علم طبقات الأرض الذى يرجع إلى 4000 مليون إلى 2 مليون عام وعلم الأنثربولوجيا وهو علم دراسة الإنسانيات من 2 مليون عام إلى 700 ألف عام وعلم الأركيولوجيا وهو علم دراسة إنتاج الإنسان القديم من 700 ألف عام وحتى الآن.
ومن هذا المنطلق كانت دراسة الأثرى المصرى الدكتور خالد سعد مدير عام إدارة آثار ما قبل التاريخ بوزارة الدولة لشئون الآثار تحت عنوان " أدوات إنسان ما قبل التاريخ " والذى سيلقيها محاضرة فى تمام السادسة مساء الخميس 16 مايو بالمجلس الأعلى للثقافة بساحة دار الأوبرا ضمن دورة الزمالة للدراسات وفنون المصرى القديم التى تقيمها جمعية المحافظة على التراث المصرى برئاسة المهندس ماجد الراهب لمدة أربعة شهور بدأت فى 9 مايو وتنتهى فى 3 أكتوبر وتتوقف خلال شهر رمضان .
أقدم إنسان على الأرض
يشير الدكتور خالد سعد إلى أن النظريات العلمية الحديثة تؤكد أنه لا صلة بين الإنسان والقردة بكل أنواعها كما جاء فى نظرية داروين سواء فى السلوك أو الهيكل العظمى فالهياكل العظمية لجمجمة البشر تأكد أنها تختلف تماماً عن مثيلاتها للقرود وأعتمدت هذه الدراسات علي كم هائل من الأبحاث العلمية لعقد المقارنات بين الهياكل العظمية لكل من القرود والغوريلا وأشباه الإنسان والأورنجوتال والهياكل التي تنتمي إلي الفصائل البشرية سواء منتصب القامة أو العاقل أو الأكثر عقلاً وفرقت الأبحاث العلمية الحديثة بين الإنسان وأشباه الإنسان وهو أحد فصائل الرئيسيات ويعرف بـالهومينينى Hominini وهو لايندرج تحت فصائل البشر ولا تحت فصائل القردة ولكنه يدخل ضمن شعبة الرئيسيات.
واعتبر العلماء أن أقدم إنسان على الأرض هو الإنسان المنتصب القامة ويُعتقد أنه إنسان ما قبل التاريخ الذي عاش منذ مليون ونصف إلى 300 ألف عام ويعتقد علماء علم الإنسان(الأنثروبولوجى) أن الإنسان المنتصب يشبه إنسان اليوم ولكن مخه كان أصغر وأسنانه أكبر وبلغ طول الإنسان المنتصب القامة 150سم وكان يسير معتدلاً وقد صنع الإنسان المنتصب بعض الأدوات الحجرية منها الفأس ويُحْتمل أن يكون هؤلاء الأشخاص القدامى من أوائل البشر الذين تحكّموا في استخدام النار، وقد ظهروا في إفريقيا وكانوا من أوائل الذين هاجروا من القارة وذهبوا إلى شمال آسيا وأوروبا.
هياكل الإنسان الأول
عثر يوجين دوبوا وهو طبيب هولندى على أول بقايا الإنسان المنتصب عام 1891 فى جاوة (إندونيسيا) وقد عثر أيضاً على بقايا أخرى لأفراد الإنسان المنتصب بالقرب من مدينة هايدلبرج بألمانيا وبالقرب من بكين بالصين وفى عام 1984 تم العثور على هيكلين شبه كاملين للإنسان المنتصب وقد تم اكتشاف أحدهما ببحيرة توركانا بكينيا بواسطة ريتشارد ليكى من كينيا وآلن ووكر من بريطانيا.
وقد تبين أن عمر العظام مليون وخمسمائة ألف عام وهى لأحد من أقدم أنواع الإنسان المنتصب القامة وقد خلت العـظام من الأسنان البالغة مما يدلّ على أن الشخص قد توفى وعمره حوالى 12 عام ويدل حجم عظمة الفخذ على أن طوله كان حوالى 168 سم ويعتبر هذا الهيكل الذى تنقصه بعض عظام الذراع والقدم أكثر الهياكل اكتمالاً من تلك التى تم العثور عليها لقدامى الأسلاف واكتشف الهيكل الآخر الذى عثر عليه عام 1984 بشمال شرق الصين ولكنه خلا من عظام الذراع والساق وعمره نحو 300 ألف عام وقد حققت هذه الاكتشافات للعلماء لأول مرة فرصة دراسة عظام صغار العمر من هذا النوع من الإنسان بالإضافة إلى دراسة عظام أخرى من جميع أجزاء الهيكل بدلاً من الاقتصار على الأسنان والجمجمة ويعتقد كثير من العلماء فى الغرب أن الإنسان المنتصب هو تطور لإنسان ماقبل التاريخ والذى يُعْرف بالإنسان الماهر وأنه هو السلف لنوعنا الذي يُسَمَّى بالإنسان العاقل وتوجد من فصيلة هذا الإنسان العديد من الهياكل العظمية المنتمية إلي الإنسان منتصب القامة منها ( الهيمو هابيلياس ) ( الإنسان الصانع ).
كما عثر على هياكل الإنسان المنتصب القامة بشمال أفريقيا والصحراء الكبرى تعود أقدمها إلى مليون سنة وهو إنسان سيدي عبد الرحمن الثانى بالمغرب كشف عنها عام 1996 ويليه فى القدم إنسان تشاد واكتشفه الباحث الفرنسي إيف كوبنس 1961 فى التكوينات الرسوبية لصحراء جوارب بالمغرب كما عثر على نماذج أخرى من هذا الإنسان فى الدار البيضاء والرباط وسلا بالمغرب وباليكاو بالجزائر وقد أطلق عليه اسم محلى هو الأطلانثروب وهناك احتمالية العثور على بقايا أيضاً بمصر وتونس وليبيا وموريتانيا بالتنقيبات العلمية لآثار ما قبل التاريخ وقد أكد العلماء توفر الأدوات الحجرية التي استعملها هذا الإنسان والتي تغطى كل شمال أفريقيا والصحراء مما دفع الباحثين إلى القول بأن إنسان الأطلانسروب عاش فى كل شمال أفريقيا والصحراء الغربية وليس فقط في المغرب والجزائر.
الإنسان العاقل
تشير الدراسة إلى أن الإنسان العاقل Homo Sapiens)الهومو سابينس ) ظهر منذ حوالى 50000 عام ق.م. وهو الذي يعمر العالم اليوم وإليه تنتمى كل شعوب الأرض ومع نهاية المرحلة الطويلة للعصر الحجرى القديم بأقسامه الثلاثة ونهاية الأدوار الجليدية فى أوروبا بدأ الجفاف في صحراء شمال أفريقيا وبدأت تنتشر بعض الموجات البشرية الجديدة جاء أغلبها من الصحراء الغربية واختلطت بالسكان الأصليين وامتزج فيهم وساهم معهم في تكوين التجمعات السكانية للمنطقة وعليه فالعنصر البشرى في شمال أفريقيا يكون قد التأم انطلاقاً من العناصر البشرية الأصلية التى عثر على بعض نماذج بقاياها في العديد من المواقع الأثرية بصحراء مصر الغربية إضافة إلى العناصر البشرية القادمة من صحراء شمال أفريقيا .
تلتها مرحلة الإنسان المنتج (الحضارى) (Homo culture) وهي ليست سلالة بشرية وإنما تطور واضح للإنسان العاقل إنتشرفى معظم بلاد العالم ومن أشهرها الصحراء الغربية وأسس تجمعات سكانية تاركا رسوما ونقوشاً صخريةً ومطوراً لأدوات الإنسان العاقل ومبدعا فى استحداث أنماط كثيرة جدا لأدوات الصيد والزينة والحلي وقد عثر فى مناطق متعددة من الصحراء الكبرى على مجموعات هامة من الرسوم والنقوش الصخرية التى تمثل مشاهد من الحياة اليومية لإنسان تلك المرحلة بجانب قطعان من الحيوانات المتنوعة بعضها انقرض وبعضها انتقل إلى مكان آخر والبعض الآخر لا يزال موجوداً.
وقد رسم هذا الإنسان الحيوانات المصاحبة لهذه الفترة الزمنية سواء كانت في محيط مناطق سكنه وإقامته أو أماكن رعيه كالكباش والماعز والأفيال والزراف والنعام أو حتى التى استئنسها لاحقاً كالأبقار والأغنام وأنواع من الماشية البرية أو حتى كلاب الصيد .