Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

السياحة في الإمارات ثروة لا تنفد بقلم : د. خالد الخاجة

 

السياحة في الإمارات ثروة لا تنفد

بقلم : د. خالد الخاجة

النجاحات الكبيرة لا تتحقق من خلال الأفكار النمطية، لكنها تتحقق من خلال الخيال الخصب والطرح الابتكاري.ولا شك أن الإمارات باتت وجهة سياحية معتبرة على خارطة السياحة عربياً وإقليمياً ودولياً، وفي تقديري أن القطاع السياحي في دولتنا، بما حققه من نجاحات وما تغلب عليه من تحديات واجهته، جاء متسقاً مع تحدي بناء الاتحاد ذاته، فكثير من الوجهات السياحية عالمياً ورثت مقومات من عصر إلى عصر، وما فعلته في أفضل التقديرات هو الحفاظ على هذا الميراث الذي لم يكن لحاضرها يد في صنعة.

 

وتظل هذه الوجهات محصورة في نوع واحد من أنواع السياحة، ومن أشهرها السياحة الثقافية وهي الخاصة بزيارة المتاحف والمناطق الأثرية، ورغم أهميتها إلا أنها تجذب نوعية محددة من البشر معنيين بها..

 أو تكون الطبيعة الخلابة والغابات الطبيعية، التي وهبها الله لبلد ما، مصدراً للجذب، دون أن تمتد لها يد البشر إلا بالإنقاص أحياناً والإفساد أحياناً أخرى، فلم يشق البشر نهراً حتى يسير السائح على ضفتيه.. والأمثلة كثيرة.

 

الشاهد أن هناك نوعية من السياحة تبنى على تاريخ الشعوب، وتحترم تراث وميراث الأجداد وقيم المجتمع، باعتبارها أحد روافد الجذب السياحي، إلا أن ذلك لا يحول دون صناعة سياحة تعكس واقعاً حياً متحركاً، لا يكتفي بالركون إلى ميراثه التاريخي فقط، مع الاعتزاز به والانتصار له والحفاظ عليه وتربية النشء على صونه والافتخار به.

 

إن جانباً كبيراً من صناعة السياحة في الإمارات، يعبر عن مجتمع يومه يختلف عن أمسه، وغده بالتأكيد يختلف عن يومه.

 

فكل يوم يمر على وطننا تجده يرفل في حلة جديدة في كل مناحي الحياة، وهذه هي كلمة السر التي جعلت مقدم برامج شهيراً في قناة عربية يقول، بعد عودته من رحلة قصيرة إلى الإمارات إبان احتفالها باليوم الوطني: «إنني منذ عودتي تراودني أسئلة؛ كيف يمكن أن تكتسي الصحارى شديدة القسوة بكساء أخضر؟ وكيف تتجول في بلد تجد كل ما تقع عليه عينك نموذجاً يجب أن يقاس عليه؟»، وهو ذات السبب الذي جعل أنظار العالم في معظم بقاع المعمورة، على اختلاف الألوان والأجناس، يتابعون شاشات بلادهم وهي تنقل الاحتفال برأس السنة الميلادية، وهي تستقبل عامها الجديد من أعلى نقطة في الأرض من برخ خليفة في دبي.

 

إن الإمارات تتمتع بتراث تاريخي زاهر، علاماته شاهد عيان على رحلة كفاح تفخر بها الأجيال، إلا أنها في تقديري لم تركن إلى تاريخ جاذب، بقدر ما اعتمدت على واقع ناصع عبر عمل جاد تكتسي به الحلل البهية حتى صارت مضرب المثل.

 

ولضخامة صناعة السياحة، ولكي تتوافر لها سبل النجاح، لا بد أن تهيأ لها بيئة جاذبة وبنية تحتية قوية، وهذا ما تسعى له الإمارات بصفة عامة ودبي على وجه الخصوص، بما تملكه وما تنفذه من مشروعات، تهدف إلى أن تصبح الرقم واحد في السياحة العائلية، كما أكد ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، بعد استكمال بناء مشروعاتها الفندقية التي تتجاوز ما هو متاح في نيويورك، فضلاً عن تنفيذ خطط ومشاريع جاذبة ذات مواصفات ومعايير دولية تلبي حاجات السياحة العائلية، التي شهدت اهتماماً متزايداً في العقود الأخيرة، للدرجة التي أكد فيها بعض المتخصصين أن الوقت الذي يقضيه الفرد أو الأسرة في الترويح والترفيه يرسم خريطة حياة كل منهما، في إشارة إلى زيادة اهتمام الأفراد بما سيمارسونه في تلك الأوقات، وخاصة السفر والرحلات السياحية.

 

ولقد قدرت المنظمة الدولية للسياحة والسفر، أن الدخل الذي يعود من السياحة والسفر، باعتبارها من الأنشطة الاقتصادية، من المتوقع أن يصل إلى 10678.5 مليار دولار بحلول عام 2015، بما يعني أن معدل الإقبال على السياحة والسفر ينمو بما يزيد على 6% سنوياً، وهو ما يفوق معدلات النمو الاقتصادي في دول كثيرة.

 

كما أكد الخبراء والمعنيون ومديرو الفنادق في دبي، أن السياحة العائلية مثلت رافداً مهماً خلال السنوات الماضية، وأنها شكلت ما يزيد على نسبة 75% من إشغال الفنادق من هذه الشريحة، فضلاً عن ذلك فإن هذا النوع من السياحة يناسب المزاج العربي، ما يمثل طاقة جذب للسائح في دول مجلس التعاون، كما يفضله الكثير من العائلات الأوروبية والآسيوية لاعتبارات تتعلق بالكلفة المنخفضة نسبياً.

 

كما أن المهرجانات المختلفة التي تقيمها دبي، وفي مقدمتها مهرجان دبي للتسوق، جعلت منها الوجهة المفضلة للسياحة العائلية، فيما نلمسه ممن نلتقي بهم من الأصدقاء من مختلف الأقطار، حتى أصبح المهرجان ينظم جدول زيارتهم للإمارات وغيرها من البلاد، فضلاً عن أنه أصبح موعداً للقاء بهم كل عام.

 

وآية ذلك، استطلاع الرأي الذي أجراه المركز الإعلامي لمؤسسة دبي للفعاليات والترويج التجاري على العديد من الجنسيات العربية، والذي كشف أن «دبي هي الوجهة المفضلة لديهم لقضاء إجازة عائلية والتمتع بتجربة تسوق ثرية».

 

كما أن السياحة التعليمية من أنواع السياحة الواعدة في الإمارات، من خلال الدراسة في الجامعات الإماراتية.

 

وهذا ما أرقبه أمامي في قاعات المحاضرات من مختلف الجنسيات العربية وغير العربية، ممن جاؤوا لتلقي تعليمهم في جامعتنا واستكمال دراستهم العليا حاملين معهم أسرهم وذويهم، مع ما يتركه ذلك من تأثير ثقافي هو أحد أوجه القوة الناعمة للدولة، بل إن منهم من نقل أعماله من بلاده إلى جانب دراسته، وما يحدثه ذلك من ترويج يكون الفرد ذاته هو الداعي له بين أقرانه.

 

كما أن البنية التحتية للمرافق الصحية في الدولة، من مستشفيات تضم نخباً متخصصة من كافة المدارس العلمية على مستوى العالم، وما تنفقه الدولة وتخصصه من ميزانيات لتزويدها بأحدث التجهيزات الطبية، فضلاً عن شهادات الجودة من المؤسسات الدولية، تجعل من السياحة العلاجية في الإمارات مجالاً خصباً.

 

ويلف ذلك كله حالة فريدة من الشعور بالأمن يندر أن تجدها في مكان آخر، رغم تعدد الجنسيات واختلاف الألوان، ما جعل المقيم والوافد آمناً على نفسه وذويه وما يملك، فضلاً عن حالة من التسامح وقبول الآخر تربى عليها أبناء الإمارات، حتى صارت مكوناً أصيلاً من ثقافتهم وجزءاً من سلوكهم، فلا تمييز بين إنسان وآخر على أساس الجنس أو العرق أو الدين، فالكل سواء ومن شذ عن ذلك شذ عن ثوابت المجتمع.

 

إن واقع الإمارات وما تحققه كل يوم من إنجاز، جعل العالم يتطلع دائماً إليها بإعجاب وتقدير جدير بأن يكون أحد أهم روافد الجذب والتنقيب عن ثروة لا تنفد.
 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله