لإجلاء الروح والهروب من ظلمة المتاعب
بقلم : جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين … تصاعد رتم الاحداث وتأزمها في مصر وما يتصل بها من إكتئاب وتداعيات نفسية.. تدفع بأي انسان مشغول بهموم الوطن الي ان يتوجه إلي الله طالبا الغوث.. تحت وطأة هذه الحالة ليس من ملاذ سوي الاراضي المقدسة لاداء عمرة يتم من خلالها الدعاء والتوجه إلي الله لاجلاء الروح وأن يرفع الغمة عن مصر ويفتح امامها ابواب الصلاح والاصلاح.
كما تعودت علي مدي السنين التي اتاح الله لي القيام بهذه الرحلة المباركة حجا أو عمرة فقد كنت افضل دائما ان تكون البداية بالمدينة المنورة حيث يرقد الحبيب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. قدر هذه المدينة الخالدة انها كانت المنطلق لانتشار رسالة الدين التي ٌكلف بها النبي محمد لتملأ ارجاء الدنيا ايمانا وعدالة ومساواة.
تقديرا لمكانة المدينة المنورة واهلها وما تمثله للدين الاسلامي فقد كان طبيعيا ان يختارها المصطفي ليكون فيها مثواه الاخير . جاء ذلك اعترافا بدورها وما قام بها اهلها في مسيرة انتصار دين الحق والسلام الذي غطي نوره دنيانا شرقا وغربا.. شمالا وجنوبا واعتنقه مئات الملايين من البشر من كل الاعراق.
<<<
لقد شاءت الاقدار والاعتزاز الإلهي بمكانة مصر وما قُدر لها من دور تاريخي في خدمة الاسلام والمسلمين ان نكون من الناحية الحدودية علي مشارف هذه الارض المقدسة التي انطلقت منها الدعوة المحمدية. في هذا الإطار فإن الرحلة بالطائرة إلي المدينة المنورة لا تستغرق سوي ٠٩ دقيقة فقط. ولان رحلة مصر للطيران تغادر القاهرة بعد العصر فإنها ونظرا لفرق الوقت بالزيادة ساعة بتوقيت السعودية يكون الوصول إلي اجواء المدينة مع حلول الظلام. وعند النظر من نافذة الطائرة تبهرك الاضواء الساطعة المباركة التي يبرز في محيطها المسجد النبوي الشريف بمآذنه وقببه. ورغم ان الاجراءات لم تستغرق سوي دقائق قليلة وسط الترحاب المعهود من ابناء أهل المدينة الا ان الظروف شاءت ان يتعطل انزال بعض حقائب الركاب لاكثر من ساعتين بسبب خلل فني في احد اجهزة التحميل بالطائرة.
<<<
بعد ٠٢ دقيقة من مغادرة المطار وصلت بنا السيارة إلي الفندق وسط مشاعر روحية غامرة ونسيان كامل لمتاعب تأخر الحقائب. وبنظرة سريعة إلي محيط الفندق كان طبيعيا ان يلفت النظر التطورات الهائلة التي تشهدها المنطقة والتي طالت المسجد النبوي الذي اضيفت اليه المزيد من التوسعات لتسهيل استيعابه لملايين المسلمين الوافدين من كل فج عميق. عملية التطوير شملت الشوارع واقامة الانفاق.. وحتي تتمكن المدينة من استقبال ضيوفها القادمين لاداء فريضة الحج او للعمرة اقيمت عشرات الفنادق خاصة في المنطقة المحيطة بالمسجد النبوي.
ولا يمكن ان يجئ ذكر المدينة المنورة دون الاشارة إلي ما اشتهر به اهلها ـ انصار رسول الله المدعمون لرسالته الالهية ـ من كرم وحسن وفادة وضيافة للضيوف.. هذه الميزة التي انعم الله بها علي أهل المدينة تعد مصدرا للراحة والسعادة للوافدين طوال الايام التي يقضونها بينهم.
<<<
لاجدال ان بداية الرحلة الرائعة إلي الاراضي المقدسة بزيارة المدينة المنورة فرصة تتيح لك الاحرام من هذه البقعة الغالية استعدادا للتوجه بعد ذلك مباشرة إلي مكة المكرمة للطواف والسعي بين الصفا والمروة. بعد ان تقرر فتح المسجد النبوي للصلاة والتردد علي الروضة الشريفة حيث قبر الرسول عليه الصلاة والسلام وصحبه الكرام ابي بكر وعمر وعلي.. تم الغاء ما كان يسمي بالزيارات الخاصة التي كان يسمح بها ليلا بعد صلاة العشاء.
واذا كان هذا القرار قد سهل القيام بزيارة الروضة الشريفة الا ان هذا مازال مُقيدا بالنسبة للسيدات الزائرات. انهن مازلن حتي الآن يعانين من ضيق الوقت حيث ان المواعيد المحددة ليست كافية لاستيعاب اعدادهن. هذه المشكلة تؤدي إلي الزحام الشديد والتقاتل لاتمام هذه الزيارة المحببة الي القلوب.. الحقيقة ان هذه المواعيد وبالصورة الحالية تمثل عبئا وظلما شديدا لسيداتنا وهو ما يتطلب النظر في طريقة ما للتسهيل عليهن. وللحديث بقية حول رحلة اجلاء الروح.