الاكتئاب مع الوفد المصري في بورصة برلين؟ بقلم : جلال دويدار
بقلم : جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين
يأتي افتتاح الدورة 47 لبورصة برلين السياحية هذا العام بينما يسيطر الاحساس بالتشاؤم علي كل العاملين في قطاع السياحة. إن الوفد المصري المشارك في هذا الحدث- الذي يجسد قمة متطلبات الترويج السياحي العالمي- سوف يعانون من سيطرة حالة من الاكتئاب وعدم الاطمئنان الي ما يحمله المستقبل، للصناعة التي كانت مصدراً لارزاقهم واملا اقتصاديا لوطنهم مصر.
ليس هناك ما يمكن ان يقولوه لزوار الجناح المصري الذي اتوقع ان يكون قليلا.. سوي عبارة »ربنا يهدي الحال« انهم يدركون ومعهم كل منظمي الرحلات في العالم الذين كانوا يتعاملون مع مصر علي مدي سنوات الرخاء السياحي ان لا فرصة لاستئناف السياحة لانطلاقها من جديد سوي بعودة الامن والاستقرار إلي ربوعها. من المؤكد انهم يشعرون بالأسف لاضطرار العديد منهم إلي شطب السفر إلي مصر من برامجهم السياحية علي مدي مواسم السياحة منذ قيام الثورة.
<<<
ان ما يدعو إلي الحزن ان يأتي تواجد مصر هذا العام في بورصة برلين ـ التي كانت احدي الدول الاثنتي عشرة المؤسسة عند بدايتها عام .1966 صحيح ان السياحة تعرضت لضربات وازمات ولكن ما يحدث وعلي مدي هاتين السنتين الماضيتين فاق كل التوقعات. لقد كانت تأثيرات الازمات الماضية لا تستمر سوي شهور قليلة تعود بعدها الامور الي طبيعتها إلا ان فترة المعاناة هذه المرة طالت ولا احد يعلم متي تنقشع الغمة. لابد ان نقول ان التوقعات لا تنبئ بخير قريب لهذه الصناعة رغم التصريحات التي تجنح إلي التفاؤل دون أي أساس.
من ناحية أخري فإن الشهور القادمة وعلي ضوء لمؤثرات السياسية وما يترتب عليها من احداث لا تعطي أي فرصة للتعافي السياحي. يأتي علي رأس هذه الاحداث الانتخابات البرلمانية وما يمكن ان يصاحبها من اضطرابات في الشارع المصري. علينا ان نتوقع اذا لم تمر فعاليات هذه الانتخابات بسلام ان تداعياتها سوف تقضي علي المواسم السياحية القادمة.
<<<
لقد كان نصيب مصر من حركة السياحة العالمية عام 2011 عشرة ملايين سائح في مقابل ما يزيد علي 14 مليون سائح عام ما قبل الثورة ونتيجة للتصاعد في الاضطرابات بالشارع المصري وما نتج عنها من سقوط شهداء فقد كان طبيعيا ان تنخفض اعداد السياح عام 2012 بما يقدر بأكثر من ثلاثة ملايين سائح. الخبراء كانوا يتوقعون ارتفاعها وفقا لخبرة السنوات السابقة لقيمة هذا النقص كرد فعل لمشاركتنا الفاعلة كراع للدورة الماضية لبورصة برلين.
ان الاحباط وليد الحالة السائدة علي الساحة المصرية حاليا سوف ينعكس علي اداء الوفد المصري المشارك في بورصة برلين.. ان اعضاءه لن يجدوا كلاما يمكن ان يبرروا به ما يحدث كما انهم لن يستطيعوا تحديد وقت لانهاء الازمة التي يعاني منها الشارع المصري والتي يتسع نطاقها يوما بعد يوم. من المؤكد ان انفراج هذه الحالة مرهون بتحقيق الوفاق الوطني والذي ادي غيابه إلي ما يموج به الشارع من خلافات وصراعات وانفلات أمني.
<<<
ليس هناك ما يقال تعليقا علي هذه الاوضاع السائدة بانعكاساتها الاقتصادية المتردية علي أحوال الوطن سوي ان »عينا« قد اصابت صناعة الامل. كل التطورات تشير إلي انها اصبحت ضحية »شرارة«.. الذي يجسد النحس بكل معانيه. في هذا الإطار لا يمكن تبرئة هذا »النحس« الذي حاق بالسياحة من وقوع هذا الحادث المأساوي لمنطاد الاقصر والذي راح ضحيته الـ19 سائحا وكأن هذه المدينة الخالدة التي تعاني من الانحسار السياحي ناقصة هذه الكارثة. لا جدال ان هذا الحادث الذي قد يكون نتيجة اهمال سيضيف عبئا جديدا علي الذاهبين إلي بورصة برلين وهو ما يجعلنا نقول: »ربنا يعوّض علينا في صناعة الأمل«.