اكتشاف مجموعة جديدة من مقابر بناة الاهرام تؤكد أنها لم تبنى بالسخرة
القاهرة / المسلة
عثرت بعثة اثار مصرية على اكتشافات اثرية غاية في الاهمية خاصة بمقابر بناة الهرم الاكبر (خوفو) للمرة الأولى في مصر، ترجع الى عصر الأسرة الرابعة في الفترة من (2649 – 2513 ق.م)، لتؤكد أن بناء الأهرام لم يتم ب"السخرة"، وان العمال كانوا احرارا.
وقال وزير الثقافة المصري فاروق حسني إن بعثة المجلس الأعلى للآثار، التي يرأسها الدكتور زاهى حواس حققت اكتشافات اثرية غاية في الأهمية، وهي مجموعة مقابر جديدة ترجع إلى الأسرة الرابعة (2649 – 2513 ق.م)، خاصة بالعمال الذين بنوا الهرم الأكبر.
واضاف ان هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن مقابر خاصة بالملك خوفو (2609-2584 ق.م) والملك خفرع (2576-2551 ق.م)، خاصة لأن مئات المقابر الأخرى التي اكتشفت من قبل ترجع إلى أواخر الأسرتين الرابعة والخامسة ( 2649-2374 ق.م).
من جانبه زاهي حواس في بيان صدر اليوم، إن كشف مقابر العمال بناة الأهرامات يعتبر من أهم الاكتشافات الأثرية في القرنين العشرين والواحد والعشرين وعزا حواس اهمية هذه الاكتشافات كونها تلقي الضوء على الفترة المبكرة للأسرة الرابعة، وترفض كل ما قيل من أن الأهرامات قد بنيت بالسخرة لأن هذه المقابر تقع مباشرة إلى جوار الهرم بل وتطل عليه مباشرة، مشيرا الى ان الكشف يؤكد أنهم لو كانوا عبيدا لما بنوا المقابر في هذه المنطقة.
واوضح حواس ان اهم هذه المقابر هي مقبرة تخص شخصا يدعى "إيدو"، وهي عبارة عن بناء مستطيل الشكل بها العديد من آبار الدفن التي كسيت بالحجر الجيرى المحلى الموجود بالهضبة، كما كسيت جدران المقابر من الخارج بطبقة من الطوب اللبن وطليت بالملاط الأبيض، بالإضافة الى وجود نيشات أي "كوات" تواجه كل وحدة منها بئرا للدفن لتسهيل دخول وخروج الروح الى المتوفى القابع في هذا البئر.
بدوره، يقول الأثري عادل عكاشة المشرف على الحفائر بالمقابر، إن السطح العلوى لمقبرة إيدو يمثل الشكل المقبى أو المنحنى، ويشبه شكل الكومة التي ترمز إلى التل الأزلي الذى بدأت منه الخليقة طبقا لمذهب مدينة منف لتفسير الوجود.
واضاف أن من الأدلة التى تثبت أن هذه المقبرة ترجع إلى عصر الأسرة الرابعة هو التشابه بينها وبين المقابر الواقعة شرق هرم سنفرو الأحمر الشمالى بدهشور، الذى يرجع إلى الأسرة الرابعة أى منذ 4500 سنة.
وكشفت البعثة المصرية كذلك عن مجموعة من المقابر والرفات التى تحيط بالمقبرة الرئيسية من جهة الغرب، وهي عادة للمصريين القدماء فى التبرك والتيمن بالدفن حول الأهرامات، وهي دفنات صغيرة وبسيطة فى تصميمها وتزينها المعماري.
كما تم الكشف عن مقبرة أخرى تقع إلى الجنوب الغربى من مقبرة "إيدو"، بنيت من الطوب اللبن، وهي مقبرة مستطيلة الشكل بها آبار للدفن وعثر داخل كل بئر على هيكل عظمي فى وضع القرفصاء، بالإضافة إلى كسرات الفخار التى ترجع للأسرة الرابعة.
وأوضح الدكتور زاهى حواس أن هذا الكشف يعطينا فكرة واضحة عن الحياة الدينية للعمال الذين اشتركوا فى بناء الهرم، مشيرا الى ان هذه المنطقة هى بداية الجبانة الضخمة التى تنتشر على مسافة كيلو متر باتجاه الجنوب من هذا الكشف.
وأشار إلى ان هذا الكشف يوضح أن العائلات الكبيرة المنتشرة في الصعيد والدلتا كانت ترسل يوميا حوالى 11 عجلا و 23 خروفا لإعاشة العمال، وفى المقابل كانوا لا يدفعون الضرائب للدولة، لافتا الى أن ذلك يثبت أن الهرم كان المشروع القومى لمصر كلها، وأن الشعب كله كان يشترك فى بنائه.
وقال إن عدد العمال الذين اشتركوا فى بناء الهرم الأكبر بالذات لا يزيد على 10 آلاف عامل عكس ما قاله هيرودوت أن عدد العمال كان يصل إلى 100 ألف عامل.
وأكد أن هذا القرار لا يمكن أن تشرف عليه أية إدارة حكومية، منوها بأن هذا الكشف يؤكد للعالم كله أن هؤلاء العمال قد جاءوا من خلال العائلات الكبيرة، وأن الذين دفنوا بالجبانة هم العمال الذين ماتوا فقط أثناء بناء الأهرامات.
وبين حواس أنه من المعروف أن العمال الذين بنوا الأهرامات كان يتم تغييرهم كل ثلاثة شهور، وأن العمل فى بناء الهرم كان يتم خلال 12 شهرا، ويمكن أن يزيد خلال عصر الفيضان إلى أكثر من ذلك.
وشدد على إننا لا يمكن علميا أن نحدد تاريخ بناء الهرم لأن معلومة أن الهرم كان يبنى فقط خلال شهور الفيضان هى معلومة خاطئة، خاصة وأن نقل الأحجار سواء من الجرانيت أو الحجر الجيرى أو البازلت الذى استخدم فى بناء الأهرامات كان ينقل خلال الفيضان وهي أحجار تأتي من خارج الهضبة.
وكانت الحفائر قد بدأت فى المنطقة جنوب شرق أبوالهول وجنوب حيط الغراب خلال شهرى يناير وفبراير من عام 1990.
وفى ظهر 14 أغسطس عام 1990 سقطت إحدى السائحات من فوق جوادها، حين اصطدم الجواد بجدار من الطوب اللبن على بعد حوالى 10 أمتار فقط من موقع الحفائر السابقة، وكانت هذه الحادثة هى نواة الكشف عن مقابر بناة الأهرام.
وتقع جبانة العمال إلى الجنوب من السور المعروف باسم حيط الغراب وتبتعد عنه بحوالى 300 متر تقريبا (لا تزال أعمال الحفائر مستمرة فى موقع الجبانة).