نتسول من صندوق النقد.. ونتآمر علي مليارات السياحة!
بقلم: جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين
يمكن ان ينكر ما كانت عليه السياحة من مكانة في الاقتصاد القومي المصري وما كانت تمثله في منظومة العدالة الاجتماعية ومن خلال ما تتيحه من فرص عمل. انطلاقا من هذا الواقع فإنه من حق هشام زعزوع وزير السياحة الحالي ان يغضب ويكتئب وهو يتفقد ما تعرض له فندق انتركونتينتال سميراميس من تدمير نتيحة الهجوم الهمجي الذي تعرض له علي يد الذين تجردوا من هويتهم الوطنية.
تأتي هذه المشاعر الساخنة التي عبر عنها الوزير انعكاسا طبيعيا لتواصله مع تطورات الحركة السياحية علي مدي سنوات طويلة تدرج خلالها في العديد من وظائف العمل السياحي. إن اتصاله خلال هذه الفترة بمرحلة البداية لهذه الصناعة الواعدة – التي كنا نضع عليها آمالا كبيرة اقتصادية واجتماعية – كان مبررا لمزيد من الالتهاب في مشاعره الحزينة خاصة بعد ان اصبح المسئول الاول عن تنميتها.
إن ما يطرح نفسه في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الوطن انحدارا نحو الانهيار هو: ان لا علاقة للحراك الوطني بهذه الهمجية القائمة علي التخريب والتدمير اللذان يستهدفان زيادة آلام الوطن وجروحه. من يدفع ثمن هذا العمل الخسيس الذي ادي الي اغلاق هذه المنشأة السياحية العملاقة وتشريد آلاف العاملين فيها.
ألم يكفي ما سببته الاحداث منذ قيام الثورة من انتكاسات سلبية علي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يدفع الشعب ثمن ترديها.. ان ما جري ويجري هو استغلال سييء وغير مسئول اما من جانب ضحايا الجهل الذين لا يعرفون شيئا عن الانتماء الوطني واما من جانب عناصر اجرامية تعمل لحسابها او لحساب الغير دون اي وازع من ضمير. ولا يمكن بأي حال تبرئة جميع الاطراف من هذه الاعمال خاصة من يملك زمام الامور في هذا الوطن وبالتالي فإنه يتحمل المسئولية الاكبر في نزع فتيل الازمة السياسية.
حتي يدرك الباكون علي احوال مصر الاقتصادية فإن عليهم ان يتذكروا العائد الهائل الذي كانت تحققه السياحة في السنوات الماضية والذي كان يمكن ان يتضاعف مرتين خلال خمس سنوات. اننا وللاسف الشديد وبعد الثورة لم نقدر النعم التي حبا الله بها مصر من حضارة وتراث وطبيعة والتي تعد ـ بالاستثمار السليم ـ من ركائز اي انطلاقة اقتصادية واجتماعية. لقد سعينا سواء كنا ندري او لا ندري الي هدم كل مقومات النهضة السياحية بالتصريحات الجاهلة التي استهدفت ارهاب وتخويف السياح الذين يأتون الينا للاستمتاع بما انعم الله به علينا تفعيلا لقوله تعالي: »يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا« صدق الله العظيم.
بهذه المناسبة ولالقاء الضوء علي الاهمية الاقتصادية لصناعة السياحة دوليا اذكر انه وخلال مباحثات الرئيس السابق محمد حسني مبارك مع الرئيس الروسي بوتين أن طلب منه زيادة استيراد المنتجات المصرية للسوق الروسي. جاء رد الرئيس الروسي في شكل ابتسامة لها معناها قائلا: ياسيادة الرئيس ان حركة السياحة الروسية الي مصر وعلي ضوء عائدها للاقتصاد المصري ادت الي جنوح الميزان التجاري لصالح مصر!!
اننا لا نملك امام ما تتعرض له السياحة ومنشآتها من عمليات تخريب ممنهج قولا وسلوكا سوي ان نتحسر علي سوء مآلنا. هذه الحقيقة يفضحها اللهث وراء قرض صندوق النقد الدولي وقيمته لا تتعدي 4.8 مليار دولار في نفس الوقت الذي تآمرنا فيه علي عائد السياحة الذي كان يقدر بـ12.5 مليار دولار عام ٠١٠٢ قابلة للزيادة.