مطارات سويسرا تواجه تحديات كبيرة رغم ازدهارها
القاهرة " المسلة" – تحقق مطارات سويسرا الدولية دخلا سنويا يقدر بحوالي 10 مليار فرنك، وهو ما يمثل قسما هاما من الناتج الداخلي للبلاد. ولكن قدرة هذه المطارات على المنافسة باتت مهددة بسبب ضيق منشــآتها.
وبرغم تأثيرات الأزمة الإقتصادية من جهة، وقوة الفرنك السويسري من جهة أخرى، فإن مطارت الكنفدرالية الرئيسية الثلاث في كل من زيورخ وجنيف وبازل تشهد نموا قويا.
وأشارت دراسة أعدها المكتب الفدرالي للطيران المدني إلى أن هذه المطارات الدولية الثلاثة، والمطارات الإقليمية الأربعة حققت في عام 2008 مبيعات قدرها 9،7 مليار فرنك سويسري. وهناك توجه نحو مزيد من النمو نظرا لارتفاع نسبة المسافرين، ولكثافة نشاطات المطارات. ويعود الفضل في ذلك للركاب السويسريين الذين سجلوا معدل سفر يفوق بمرتين ما تعرفه باقي مناطق أوروبا.
ويقول مارتين بيتر، المستشار المستقل المتخصص في شؤون الطيران: "إن الطلب الداخلي قوي وهذا ما يعتبر مغريا بالنسبة لشركات الطيران". فقد سجلت زيورخ في النصف الأول من عام 2012 زيادة بنسبة 2،5% في عدد الركاب المسافرين من المطار، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وحوالي 4،4% في عدد الركاب المارين عبر المطار (ترانزيت)".
وكانت شركة "سويس" للطيران قد باشرت مؤخراً رحلاتها الجديدة الى كل من سان فرانسيسكو (ولاية كاليفورنيا الأمريكية)، ونيوآرك (ولاية نيوجرسي الأمريكية) والعاصمة الصينية بكين، في حين ازداد حضور شركة "بريتيش أيروايز" البريطانية في هذا المطار.
تنافس على مطار جنيف
على الرغم من شطبها لـ 100 وظيفة، ترغب شركة طيران "سويس" أن تزيد من وتيرة أعمالها في جنيف مُتحدية بذلك شركة "إيزي جت" EasyJet التي تتبوأ مركز الصدارة هناك. وتعتبر شركة طيران "إيزي جت" البريطانية التي تعمل بنظام الطيران منخفض التكلفة، الشركة الرائدة في جنيف مع حصتها البالغة 38%. وترتفع هذه الحصة في مدينة بازل لتصل الى 48%.
وتعد المطارات الثلاثة من أهم مشغلي اليد العاملة. فقد أوجد مطار زيورخ في عام 2008 أكثر من 20 ألف موطن شغل جديد في مجال النقل الجوي وحده. وإذا ما أضيف لذلك ما تم إحداثه في القطاعات الجانبية حول المطار، فإن عدد مناصب الشغل قد يصل الى أكثر من 82.5 ألف.
في هذا السياق، يقول دانيال موللر- يينتش، من مؤسسة "آفونير سويس" (المستقبل السويسري)، وهي مؤسسة اختبار وأفكار مرتبطة بالقطاع الاقتصادي السويسري: "إن عدد مناصب الشغل وحجم القيمة المُضافة مذهلان للغاية، ولكن أهمية المطارات السويسرية تكمن في دلالتها الاستراتيجية، فهذه المطارات تعتبر بنية تحتية مهمة بالنسبة لاقتصاد وطني مرتبط بشكل كبير بالاقتصاد العالمي، وبالمقرات الرئيسية الدولية".
جوائز للبعض وإزعاج للبعض الآخر
وقامت زيورخ خلال السنوات الأخيرة بالاستثمار بكثرة في توسيع البنية التحتية للمطار. الأمر الذي لاقى تكريما دوليا، إذ حصل المطار في عام 2012 على جائزة السفر العالمية، وهي تاسع جائزة يتسلمها حتى اليوم.
لكن الكثير من السكان في محيط المطار وفي جنوب ألمانيا لا ينظرون لذلك بنفس الارتياح، لأن ضجيج الطائرات يقلق الكثيرين، ليس فقط القريبين من مدرج المطار، بل أيضا في عاصمتي البلدين برن وبرلين. وقام وزير النقل الألماني بيتر رامساور يوم 26 نوفمبر 2012 بإلغاء الاتفاق المبرم بين الطرفين في مجال النقل الجوي، والذي كان قد وقعه مع وزيرة النقل السويسري دوريس لوتيهارد في الصيف الماضي. وحول السبب، قال رامساوَر بأن القضية مازالت معلقة على موافقة برلمانات الدولتين، كما جادل بوجود ما أسماه بـ "القضايا العالقة" التي لم يتم تسويتها في الاتفاق.
وكان الاتفاق ينص على تخفيض عدد ساعات التحليق التي تقوم بها الطائرات فوق أراضي جنوب ألمانيا عند اقلاعها او هبوطها في مطار زيورخ. ويفترض أن يظل هذا التقييد ساري المفعول حتى موعد توسيع مسارات الرحلات في عام 2020. وما يخشاه الساهرون على مطار زيورخ هو أن يؤدي تعاظم المعارضة الى تقليص حجم العمليات الجوية.
ويبدي خبراء المكتب الفدرالي للطيران المدني قلقا بخصوص القدرات التنافسية للمطارات السويسرية لما قد يكون لذلك من تأثير سلبي على الاقتصاد السويسري ككل. ففي الوقت الذي يسجل فيه الطيران المدني في سويسرا مكانة ما فوق المتوسطة من حيث الكفاءة والنوعية، يجد نفسه في الحدود القصوى لإمكانية الاستيعاب، خصوصا في مطاري جنيف وزيورخ، مثلما ورد في تقرير المكتب الفدرالي للطيران المدني. بالنتيجة، يهدد هذا الأمر بتأخر الطيران السويسري مقارنة بمنافسيه الأوروبيين الذين يمكنهم توسيع بنيتهم التحتية أكثر مما هي عليه الآن.
التركيز على الاستخدام الحسن
يوافق هانسيورغ بورغي، خبير الطيران المدني والمشرف على إصدار مجلة "سكاي نيوز" على ما جاء في تقرير المكتب الفدرالي للطيران المدني عموما، ولكنه يوضح بأن الأمر يتعلق بحالتين مختلفتين تماما في زيورخ وجنيف.
ويقول في هذا الصدد: "لا يملك مطار جنيف إلا مدرجا واحدا، وبالتالي فهو يفتقد من حيث القدرة إلى الأرض التي يحتاجها للتوسع. وعلى النقيض، يظل بإمكان مطار زيورخ توسيع قدراته إلى حد كبير، ولكنه مُرغم على تقييد نفسه بسبب الحواجز السياسية". ويخشى الخبير في مجال الطيران من أن يتحول هذا الأمر إلى مشكلة خطيرة في السنوات القليلة القادمة.
وفي معرض تعليقه على هذا الموضوع، يقول بيرتراند شتيمبفلي، الناطق باسم مطار جنيف: "إن المساحة الأرضية الضيقة هي التي تعتبر العامل المحدد، لأن المساحة المتوفرة لا تسمح بالتطور إلا خلال العشرين عاما القادمة. لذلك تبحث جنيف عن حلول من خلال التركيز على الاستغلال الحسن للرحلات الجوية ولفترات توقف الطائرات في المطار".
قلق وزيرة النقل
من جانبهم، يرى الخبراء حدود قدرات زيورخ عند 350000 حركة طائرات في السنة. وإذا ما استمر النمو على الوتيرة الحالية، فإن هذا الحد قد يتم الوصول إليه في غضون عشرة أعوام.
وتقول المتحدثة باسم مطار زيورخ صونيا زوخلينغ: "إن الأمور واضحة بالنسبة لنا من حيث التوجه الذي يتوجب علينا سلكه. فإذا ما دخل الاتفاق (مع ألمانيا) حيز التطبيق، فعلينا توسيع مدارج المطار".
لكن وزيرة النقل السويسرية دوريس لويتهارد تتوقع مستقبلا قاتما بالنسبة لهذا القطاع، إذ قالت في تصريح لسويس إنف: إن المطارات في باريس، ولندن، أو ميونيخ تملك بدائل. ولكننا، لكوننا بلدا صغيرا فوق مساحة صغيرة فإن ذلك يخلق مشكلة هامة بالنسبة لنا". وعن الحل بالنسبة لسويسرا، تقول الوزيرة: "ربما يتوجب علينا ببساطة القبول بحدودٍ معينة".
سايمون برادلي وماتيو آلين- swissinfo.chالمصدر :
(نقله إلى العربية وعالجه: محمد شريف)